مانشيت

الحراك يفشل مجدداً بالحشد… والشارع بين قطع طرقات حزبي.. وحركة شباب ضد المصارف برّي يستقبل دياب وتوافق شبه تام… والمساعي تصطدم بعقد صغيرة – كبيرة حلحلة طلبات باسيل وفرنجية وإرسلان تعيد طرح صيغة الـ 24 بلا وزراء دولة حزبيّين

كتب المحرّر السياسيّ

في الشارع لمرة عاشرة دعوة لمليونيّة دون تجاوب شعبي، فلا أيام العطلة والأعياد تفسر الانفكاك الشعبي عن دعوات قيادة الحراك، ولا تغيرات الطقس، وسحب التفويض الشعبي عن السلطة الذي عبرت عنه الناس بالنزول الأول إلى الشارع، طال هذه المرة قيادة الحراك بعدم النزول المتتالي إلى الشارع، لتتعادل قوى السلطة وقيادة الحراك في غياب شرعية شعبية تتيح لأحد أن يتحدّث بصوت مرتفع نيابة عن الشعب لتتفوّق قوى السلطة على قيادة الحراك بامتلاكها قوة الصفة الدستورية والمؤسسية، فيما بدا أن الشعب غيّر موقعه وبات سقف همومه أن تتشكل حكومة تتولى الحد من تمدد الفراغ وتمادي الفوضى وفعل أفضل الممكن في مواجهة الأزمات والتحديات، لتتوزع السيطرة على الشارع الخالي من الحشود، بين قطع الطرقات وما يتركه من مزيد من التصعيد في المناخات المذهبية في ظل غلبة المشهد على مناطق يتحرّك فيها تيار المستقبل، يواكبه خطاب تصعيدي لرئيس التيار رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، وبالمقابل حركة شبابية يسارية وضعت المعركة مع المصارف ومصرف لبنان في سلم أولوياتها، وجعلت أعمال الشغب مفردة من مفردات التعبير وتلقت بنتيجتها تعاملاً شديد الخشونة والقسوة من القوى الأمنية لم تنفع في تبريره تصريحات الرئيس الحريري وأعضاء فريقه وزيرة الداخلية ريا الحسن ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بل جاء كلام الحريري عن الخط الأحمر حول حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وعن «ممنوع المسّ بعماد عثمان» بصيغة لغة القبضايات، لتزيد من الاستفزاز للحراك الشبابي بوجه المصارف.

على الصعيد السياسي كان اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالرئيس المكلف حسان دياب هو الأبرز، حيث كانت مائدة الغداء التي أقامها بري لدياب بطبق وحيد هو الحكومة، ووفقاً للمعلومات فإن شبه تطابق كان بين الرئيسين حول مواصفات الحكومة وعدد وزرائها وتوزيع حقائبها. ووضع بري خدماته بتصرف دياب للمساهمة في حلحلة بعض العقد التي كانت تبدو صغيرة في ضوء ما سبقها خلال لقاء بري بوزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل، وفي ظل تحفظات تيار المردة ورئيسه الوزير السابق سليمان فرنجية على طلبات باسيل ومطالبته بتغيير الموقف من مشاركته بالمقابل. وتشديد الحزب السوري القومي الاجتماعي على تمثيل نخب مدنية تعبر عن الروح الجديدة تجاه الشارع، طالما أن الحزب معني بمنح الثقة من نوابه للحكومة في وضع حرج نيابياً سينتظرها، ليبدو أن الاستعصاء في حلحلة العقدة التي بدت صغيرة وظهرت كبيرة مع الوزير باسيل ستؤدي إلى توقف المسار الذي بدا سلساً لاستيلاد الحكومة، وليلاً أعيد تظهير صيغة الـ24 وزيراً بدلاً من الـ 18 التي قال وزير المالية في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل إن التفاهم تم حولها بين الرئيسين بري ودياب، لكن مع تعديل يهدف لملاقاة طرح الرئيس المكلف بعدم ضم وجوه سياسية أو حزبية إليها. وقالت مصادر متابعة إن صيغة الـ 24 وزيراً المطروحة ليست نسخة عن صيغة الـ 24 التي رفضها دياب، بل هي بمواصفات صيغة الـ 18 وزيراً نفسها، وميزتها أنها تضمن توزير 21 وزيرا لـ21 حقيبة وتفتح الفرصة لنائب رئيس حكومة بلا حقيبة ووزيري دولة واحد لشؤون مجلس النواب وآخر لشؤون مجلس الوزراء من الضروري وجودهما، واحد لملاحقة المراسيم وآخر لملاحقة القوانين، بينما في حكومة الـ 18 تمّ ضم حقيبتين لأكثر من وزير.

المصادر نفسها قالت إنه من المتوقع أن تشهد الأيام الفاصلة حتى نهاية الأسبوع اختبار فرص إعادة الإقلاع مجدداً باتجاه حل العقد وإنتاج صيغة حكومية يتبناها الرئيس المكلف ويوقع عليها رئيس الجمهورية وإلا تكون الأمور قد ذهبت إلى انتظار طويل ليس من خريطة طريق لمواجهته عند أحد.

 

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «أجواء اللقاء بين الرئيسين بري ودياب كانت إيجابية وفتحت الطريق على تأليف قريب للحكومة»، مضيفة أن «اللقاء تخللته جولة أفق بين الرئيسين بري ودياب والبحث بالعقد التي كانت متبقية ونجحا بنزع بعض الألغام وقد تم حسم بعض الأمور، أي حكومة تكنوقراط ومن 18 وزيراً كما يريد الرئيس المكلف وضرورة الإسراع بتأليف الحكومة». ولفتت المصادر الى أن «الإعلان النهائي للحكومة يحتاج الى مزيد من الاتصالات لحسم بعض الحقائب»، وتضيف المصادر الى أن «الحكومة العتيدة ستلبي المطالب الشعبية والحراك أولاً والمجتمع الدولي ثانياً وسيكون لديها برنامج عمل يتضمن إجراءات اقتصادية ومالية للحد من حجم الازمات والبدء بمعالجة ما تستطيع منها».

وعلمتالبناءأنه تم الاتفاق على توزيع جميع الحقائب على الأطراف المشاركة لكن الاتصالات تتركز بين الرئيس المكلف وبعض القوى السياسية لحل العقد المتبقية التي انحسرت بتبادل بعض الحقائب بين وزيري العدل والخارجية، والعقدة الثانية تتعلق بحصة تيار المردة الذي يطالب بوزيرين في حكومة 18 وزيراً، وأوضحت مصادر تيار المردة لـالبناءالى أنلا عقدة اسمها عقدة المردة كما يُشاع بل نحن نريد حصتنا كباقي الأطراف المشاركة وفقاً للنسب المئوية للقوى المسيحية المشاركة في الحكومة، فإذا كانت الحكومة 18 وزيراً تتمثل المردة بـ وزيرين والتيار الوطني الحر وتكتله النيابي بـ 7 وزراء او ستة أما اذا كانت حكومة من 24 وزيراً فنتمثل بـ 3 وزراء طالما أن القوات اللبنانية لن تشارك ولا الكتائب، فيجب توزيع الحصة المسيحية على القوى المشاركة فيها لا أن ينال فريق واحد أغلب الوزراء، مشيرة الى أنالدخول في الحكومة ليس عملية عددية بل مسؤولية، وشددت أوساط المردة على أنالعقدة هو من يرفض مشاركة الأطراف المسيحية الأخرى في كل شيء وليس فقط في الحكومة ويلغي الآخرين وليس عندنا، مضيفة أنالمردة كانت ولا تزال في المحور السياسي الذي تنتمي اليه عن قناعة وليس عن مصلحة، مشددة على ضرورة أن يكون الثلث الضامن لفريق المقاومة وليس لتيار معين”. لكن مصادرالبناءجزمت بأنمطلب المردة لن يكون عقدة أمام التأليف وسيصار الى إيجاد حل لها”.

كما علمتالبناءأن الاجتماع الأخير بين الرئيس بري والوزير باسيل تنازل الأخير عن مطلبه بالحصول على ثلث الحكومة، حيث سينال التيار الوطني الحر 6 وزراء أي لا ثلث لأي فريق”. فيما تحدّثت معلومات عن أن اسم وزير الاقتصاد لم يُحسم بعد كما لم تسلم أسماء الثنائي الشيعي باستثناء وزير المال للخبير المالي غازي وزني، فيما تشير مصادر أمل لـالبناءالى انهدرجت العادة أن يسلم الرئيس بري أسماء وزرائه في القصر الجمهوري قبيل إعلان مراسيم تأليف الحكومة بوقت قصير”.

وكان وزير المال فيحكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​علي حسن خليلقد لفت بعد انتهاء اللقاء بين بري ودياب أن «اللقاء كان إيجابياً جداً وهو استكمال لتواصل مستمر وقد أمّن مناخات جعلت الاتفاق على تشكيل حكومة اختصاصيين تمثل أوسع شرائح ممكنة». وشدد خليل على «أننا تقدمنا اليوم الى حد كبير جداً ونحن على عتبةتأليف الحكومة​ ​الجديدة، هي حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، كما طرح دياب واعتمد فيها معايير موحدة»، مشيراً الى أن «المهم أن ننتقل الى مرحلة التأليف بأسرع وقت».

وفي موازاة الأجواء الإيجابية، استمر مسلسل قطع الطرقات والتوتر في الشارع لا سيما في محيط ثكنة الحلو وتقاطع كورنيش المزرعة مار الياس، بين المحتجين على توقيف متظاهرين والقوى الأمنية، وشهد محيط مجلس النواب والمصرف المركزي تجمّعات شعبية، وأطلقت مجموعات متعددة من الحراك دعوات لمسيرات وتظاهرات اليوم رفضاً لتكليف دياب وللحكومة العتيدة.

على صعيد آخر، وبعد مواقفه المستغربة من الأزمة الاقتصادية والمالية وتغطيته لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسياساته المالية والنقدية والمصرفية، كان لافتاً الانفعال والغضب في ردّ رئيس حكومة تصريف الأعمال الحريري على انتقاد النائب جميل السيد، علماً أنها ليست المرة الأولى التي يطلق السيد مواقف ضد الحريري ولم تكن ردة فعله بهذا الحجم، وتربط مصادر بين زيادة منسوب غضب الحريري وبين الأجواء الإيجابية أمس عن قرب تأليف الحكومة، إذ تغير المشهد الذي ساد الأسبوع الماضي حيث طغت علاقة متوترة بين بعبدا وميرنا الشالوحي بالرئيس المكلف كادت تؤدي الى اعتذار دياب تفتح الباب مجدداً أمام خيار إعادة تكليف الحريري كبديل أوحد لتأليف الحكومة.

وبعد يوم واحد على دفاع الحريري عن سلامة، كان لافتاً قرار النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم تسطير كتاب الى سلامة، طلب فيه تزويده بمعلومات عن كيفية إنفاق هبات خارجية وردت الى الدولة اللبنانية والتي فتحت حسابات خاصة بها في مصرف لبنان.

ولم يكتفِ الحريري بإطلاق التحديات للأطراف الأخرى بإقالة الحاكم المركزي، بل أطلق تحدياً جديداً من الحديث عن إقالة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي زاره في بيت الوسط أمس، حيث قال الحريري رداً على سؤال عن إقالة عثمان «فليحاولو وأنا لست حبتين». ما دفع مصادر مراقبة لتفسير سلوك الحريري السياسي على أنه إعلان معركة استباقية مع الحكومة الجديدة ورئيسها للدفاع عن مواقع ومكتسبات تيار المستقبل في مؤسسات وإدارات وأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والمالية والادارية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى