مقالات وآراء

الشمال السوري ونهاية الحرب السورية…

} ربى يوسف شاهين

تعاظمت في الآونة الاخيرة لقاءات القادة أو ممثلي الحكومات الإقليمية والدولية، خاصة بعد جريمة اغتيال  قائد فيلق القدس الفريق الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في العراق. فاللقاءات المُتعددة كما حدث في لقاء الرئيسين السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين في دمشق، ولقاء نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الدفاع علي أيوب في طهران لتقديم العزاء بالشهيد قاسم سليماني. تشي بأنّ تنسيق الملفات الإقليمية بات من الضرورات الاستراتيجية، خاصة أنّ واشنطن تسعى إلى إشعال المنطقة، كما أنّ الحرب في سورية باتت في حُكم المُنتهية عسكرياً.

في جانب أخر، فإنّ أهمية اللقاء رفيع المستوى الذي ضمّ رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي المملوك ورئيس جهاز المخابرات التركية حقان فيدان، أيضاً يندرج ضمن إطار تنسيق ملف الشمال السوري، خاصة أنّ الدولة السورية وحلفاءها مصمّمون على استكمال التحرير، ولعل رمزية اللقاء الذي تمّ في موسكو، هو تأكيد على انّ دمشق ستعمل على تحرير كلّ شبر من سورية، وهي رغبة روسية أيضاً.

الواضح من جملة هذه الاجتماعات بأبعادها السياسية والعسكرية والأمنية، أنّ المعركة في سورية هي معركة تقرير مصير ووجود، فالحرب الإرهابية على سورية باتت على مشارف النهايات مع التقدّم والانتصار الكبير للجيش السوري والحليفين الروسي والإيراني، وما افتتاح الممرات الإنسانية الثلاث في أبو الضهور والهبيط بريف إدلب والحاضر بريف حلب الجنوبي، إلا استكمال للنهج الذي تتبعه سورية في حماية المدنيين الذين تحت سيطرة المجموعات الإرهابية، بغية الولوج إلى المناطق التي حررها الجيش السوري.

فقد كثفت المجموعات الإرهابية التابعة لتركيا من انتهاكاتها واعتداءاتها على مناطق بريف حلب الجنوبي الغربي، مما أدّى إلى استشهاد عدد من المواطنين أغلبهم من النساء والأطفال، والذي ترافق مع قصف من قبل المجموعات الإرهابية على مناطق بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وذلك لمنع تقدّم القوات السورية، ومنع الأهالي الراغبين بالخروج عبر هذه الممرات الإنسانية الآمنة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية.

اجتماع الرئيس الروسي بوتين بنظيره التركي أردوغان في موسكو، تكمن أهميته في مسألتين تتعلقان بالشرق الأوسط، الأولى مسألة إدلب والثانية المسألة الليبية.

 طلب الأخير من روسيا هدنة لوقف إطلاق النار في الشمال السوري، خاصة بعد سقوط بلدة معرة النعمان بيد الجيش السوري، وذلك لأهميتها في تحقيق السيطرة على الطريق الدولية  M5، والتي تُشكل بإعادة سيطرة الجيش السوري عليها حاجزاً أمام المجموعات الإرهابية، لنقل الدعم التركي إلى مناطق عفرين وجرابلس، والتي تقع تحت سيطرة المجموعات الإرهابية المدعومة تركيا، حيث من هذه المناطق يتمّ نقل أعداد من الإرهابيين إلى إدلب، ومن ثم نقلهم إلى تركيا ليتمّ إرسالهم إلى ليبيا.

تركيا تلعب بالأوراق الأخيرة عبر أدواتها الإرهابية، وما مسالة التهدئة إلا نوع من المماطلة لاستغلال الوقت في نقل بعض المجموعات الإرهابية، للاستفادة منهم كمرتزقة في  الحرب الدائرة في ليبيا لصالح حركة الوفاق الوطني الليبي (السراج) التابع لتركيا.

موسكو تُدرك جيداً ما يحاول النظام التركي فرضه بالنسبة لإنهاء مسألة الإرهابيين في إدلب، لذلك تعمد إلى امتصاص المناورات التركية المترجمة عبر خروقات أدواتها الإرهابية، مع التأكيد والعمل على وقف هذه المجموعات الإرهابية عن انتهاكاتها، عبر الردّ عليها من قبل الجيش السوري وبغطاء جوي سوري روسي.

مع تقلص المساحة التي تُسيطر عليها الأدوات الإرهابية، لتشكل بضعة نُقاط حول مدينة إدلب، أصبحت المجموعات الإرهابية في حالة إرباك وتخبّط، لذلك يتمّ قبولهم للذهاب إلى الأراضي الليبية لتحقيق مكاسب مادية أغرتهم بها تركيا، كما أنّ أردوغان بات في زاوية اللا خيارات، وبات جلّ مناوراته مكشوفة للجميع، وبالتالي فإنّ نقل الإرهابيين من إدلب إلى ليبيا، يأتي حكماً في إطار تسوية ملف إدلب، وفق اتفاقات سوتشي وأستانا.

لا شك انّ المنطقة بُمجملها تمرّ بمرحلة مخاض عسيرة، ولكنها اشهر قليلة وسيتم تحرير إدلب، وهذا ما أكد عليه دائماً وأبداً الرئيس الاسد بأنّ «تحقيق السيادة السورية على كامل الأراضي السورية واجب وطني حتمي». فالجيش السوري كان ولا يزال عراب الاتفاقات السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى