تحقيقات ومناطق

ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ينظّم ندوة حول مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة: القاضي براتس: الأولويّة لنظام قضائيّ مستقلّ وإزالة الحصانة عن المعلومات ‭}‬ غوليه: لجنة نيابيّة ضد الفساد ‭}‬ حمود: لتعاون الحكومة في استرداد الأموال

نظمّ «ملتقى حوار وعطاء بلا حدود»، لقاءً حاشداً حول ملف مُكافحة الفساد وتبييض الأموال وكيفية مُقاربة موضوع الأموال المنهوبة في لبنان وللبحث في السُبل والآليات المُمكنة لاسترجاعها، وعقد اللقاء في قاعة المحاضرات في «بيت بيروتالبيت الأصفر»، بحضور عدد كبير من الفعاليات السياسية، الحقوقية، الاقتصادية، المالية، الإعلامية الأكاديمية والعسكرية وعدد كبير من ناشطي الحراك ورؤساء وأعضاء من عدد كبير من الجمعيات الناشطة في مجال مكافحة الفساد.

قدمّ عضو اللجنة الحقوقيةالمالية في الملتقى المحامي الدكتور نبيل نجيم المُتحدّثين في اللقاء والذين كانوا على التوالي منسّق الملتقى طلال حمود، الناشط السياسي عمر حرفوش، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن حزب الوسط السيناتورة ناتالي غوليه وأخيراً القاضي الفرنسي شارل براتس، المُتخصّص في مُكافحة الفساد وتبييض الأموال والجرائم المالية والتهرّب الضريبي واسترداد الأموال المنهوبة.

حمود

بعد ذلك تحدّث مُنسّق الملتقى د. طلال حمود ورحّب بالحضور القادم من كل المناطق اللبنانية ومن كل الاختصاصات المهنية والتوجهات السياسية والثقافية والفكرية. وقال إنّ ذلك يمثل إنجازاً كبيراً للملتقى الساعي منذ 3 سنوات لتشكيل «لوبي وطني جامع وعابر للطوائف والحدود». وأشار الى أنّ الملتقى كانَ قد بدأَ في مقاربةِ هذا الملفِّ منذُ حوالى السّنةِ، عبرَ تنظيمِهِ لندواتٍ عدّة حولَ مكافحةِ الفسادِ في لبنانَ، ومعَ انطلاقِ الحراكِ وتكليفِ د. حسّان دياب بتأليفِ الحكومةِ، نسّقَ الملتقى مع الصّديقِ عمر حرفوش زياراتٍ لدولةِ رئيسِ الحكومةِ د.حسّان دياب ولوزيرةِ العدلِ، ونقيبِ المحامينَ الأستاذ ملحم خلف، وسعادةِ المدّعي العامّ الماليّ الأستاذ علي إبراهيم. وتهدف زياراتهم الى البحثِ في إمكانيّات التّعاونِ والتّنسيقِ والمساعدةِ بينَ السّلطاتِ الّلبنانيّةِ الرّسميّةِ والأصدقاءِ الأوروبّيّين لوضعِ القطارِ على سكّتِهِ الطّبيعيّةِ بهدفِ الوصولِ في النّهايةِ إلى استعادةِ أموالِنا المنهوبةِ بدلَ الاستمرارِ في استجداءِ العطايا والهباتِ منْ هُنا وهناكَ.

حرفوش

وشكر حرفوس د.حمود على «المنصّة التي قدّمها لمشروع مُلاحقة الأموال المنهوبة»، وتطرق إلى «التنسيق المُكثف مع البرلمان الأوروبي والبرلمان اللبناني».

وأعلن أن «ما تمّ اكتشافه في معمل نفايات طرابلس، كان بمساعدة عضو مجلس بلدية طرابلس نور الأيوبي، الذي أرسل له رسالة يقول فيها، إن الأموال التي أُرسلت اختفت، فحوّلت الرسالة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، والجميع شاهدوا الفيديو الذي صوّرناه عن القضية، بمن فيهم الرئيس حسان دياب، والأشخاص الذين سرقوا الأموال أيضاً»، مؤكداً أن استرجاع الأمول المنهوبة ممكن ولو بعد حين «بمجرد وجود أشخاص لديهم النية والشجاعة والإصرار على العمل من أجل ذلك».

غوليه

أشارت في حديثها الى أهمية تأسيس «مجموعة لمكافحة الفساد ومكافحة الفساد في البرلمان» وإلى ضرورة ان نقوم بتقييم الحواجز والعوائق التشريعية لحلها، وذلك من خلال تحديدها ومعرفتها جيداً وإدخال العمل الجَماعي. كذلك وأكّدت على أهمّية التعاون البرلماني بين الدول وخاصّة مع اوروبا والذي يُعتبر من أهمّ الخطوات لتحديد نجاح مكافحة الفساد والقيام بتحديث وتعديل التشريعات لتتناسب مع هذه المرحلة.

كذلك وأكّدت على زيادة التعاون التقني مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مع مجموعة Egmont وعلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الاستخبارات المالية بين لبنان والدول الأخرى لمكافحة تهريب الأموال.لكنها أردفت أيضاً انّ الأهم ليس في الأدوات وإنّما في «الإرادة السياسية الحقيقية» لتحقيق هذا المشروع.

وأعلنت غوليه أنها تتابع «مسألة معمل النفايات في طرابلس»، وقالت: «لقد عقدنا لقاء مهماً في منزل الرئيس المُكلّف آنذاك الدكتور حسان دياب،

وتطرّقنا معه يومها إلى مشكلة الفساد والتهرّب الضريبي، وقلنا له إنّ مُكافحة الاحتيال والتهرّب الضريبي، مُرتبطان بالنية وبالإرادة السياسية، وإنّ الشفافية مُهمة جداً في هذا المجال. وقد لمسنا عنده هذه الإرادة والتصميم على النجاح والعمل بصدق على هذه الملفّات والرغبة القويّة بالتعاون معنا.

وتابعت: «إن السيد حرفوش قدّم ندوة بهذا الخصوص، أمام الاتحاد الأوروبي، فبعض هذه الأموال المنهوبة في لبنان هي أموال الأوروبيين، لذا يجب أن نتحقّق من حُسن صرفها واستعمالها. وقالت إنّ إطلاق أي مُبادرة لاستعادة المال المنهوب من الخارج، يجب أن يتمّ من قِبل رئاسة مجلس الوزراء والمُجتمع المدني اللبناني، ونحن مُستعدّون لتقديم المساعدة، ونضع خبرتنا في هذا الموضوع، أما «الإرادة السياسية، فهي عامل أساسي في هذا المجال ويجب أن تأتي من السلطات والحكومة اللبنانية ومن ضغط المجتمع المدني اللبناني الذي يجب أن يستمّر به الحراك حتى الوصول للأهداف».

براتس

وهو أحد أهمّ القضاة العاملين في هذا المجال أشار في كلمته الى نقاط خمس أساسية هي:

1 – استقلالية القضاء كمدخل أول للبدء بأية عملية إصلاح حقيقي ومكافحة حقيقية للفساد، وذلك عبر آلية معينة لتعيين قضاة نزيهين ولا يكونوا مُعينين من السلطة والأحزاب او المرجعيات الموجودة في السلطة.

2 – الحاجة الى لجنة او هيئة متخصّصة ومستقلّة، وطنية أو حتى دولية لإدارة المعلومات الناتجة من التبادل التلقائي الدولي لعملية البيانات المصرفية وذلك برفع السرّية المصرفيّة لمعرفة الأموال الموجودة داخل وخارج لبنان، وأيضاً بتبادل المعلومات بين الدولة اللبنانية والدول الأخرى المُوجود فيها الأموال المُهرّبة وبالعكس.

3 – القيام بالتنسيق واتخاذ الإجراءات بين المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال المالي والمدّعي العام الأوروبي الجديد بشأن الاختلاس المُحتمل لأموال الاتحاد الأوروبي.

وذلك لتحديد حجم الأموال المنهوبة ومعرفة مصيرها وكيفية استردادها.

4 – احترام افتراض براءة المُتهمين وضمان إجراء مُحاكمات عادلة مع مُراعاة العناصر المُقدّمة في الدفاع حتى لا نكون أمام اتهامات علنية قد لا يكون لها أساس من الصحة مبنيّة فقط على شائعات مُسرّبة في وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل الإعلامي.

ومن هنا اشار الى انه يجب ان نكون أمام قضاء عادل وشفّاف ونزيه وغير مُسيّس.

5 – الطلب من الأشخاص السياسيين والإداريين والمسؤولين الذين يعملون في المرافق العامة تقديم بيانات عن مُمتلكاتهم وأموالهم لتفادي الفساد والنهب عبر التصريح عن مُمتلكاتهم عند وبعد الانتهاء من مهامهم الرسمية في الدولة.

وأضاف أنني عملت كثيراً على استرداد الأموال المنهوبة على صعيد الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن الكثير من المنظمات الإجرامية، وُجِدَت لدى نشأة الاتحاد الأوروبي وإلغاء الحدود بين الدول الأوروبية وتوسيع الاتحاد نحو الشرق. ففي أوروبا هناك مكتب مُكافحة الاحتيال الأوروبي، مقرُّه في بروكسل، وفي حال الاشتباه بوجود سرقات، فيجب تقديم طلب إلى المكتب الذي يقوم بتحقيق قضائي، يُحدّد فيه أماكن الأموال المنهوبة وضبطها تمهيداً لمصادرتها، وفي حال وجود حالة تبييض أموال، يُمكن لقضاء الدولة المعنية، حيث حصلت العملية، أن يعمل على هذه القضية.

وأكد أن الإرادة الوطنية والقرار السياسي هما أهم العوامل في هذه المسألة. فإذا كانت أموال حُكّام دول عرفت اضطرابات مثلاً، موجودة في سويسرا، وتمّ طرد الحُكّام فيها، فإن عملية تجميد أموالهم في سويسرا، تتمّ سريعاً، أما استعادة الأموال، فهو أمر مُختلف، لأن المال عندما يدخل إلى سويسرا، فإنه من الصعب إخراجه منها ويحتاج ذلك الى الكثير من الوقت والجهد والتحقيقات وقد لا ينجح أحياناً.

أما عن الوضع اللبناني، فقال: أتفهم إشكاليّتكم جيداً، فهي بسيطة ومُعقّدة في آن. لديكم الآن مُشكلة كبيرة لجهة ضمان أموالكم العامّة وودائعكم في المصارف، التي تدخل ولا تخرج. فضمان العائدات والأموال العامة هي المشكلة الأساسية، والمشكلة الأهم، هي الأموال العامة المنهوبة، ويجب أن تكونوا قادرين على تحديد موجودات الأموال هنا، أو في الخارج من قبل السلطات القضائيّة، أي عبر رفع السرّية المصرفية لمعرفة الأموال المُودعة في لبنان وفي خارجه. ويُفترض بالمصارف اللبنانية عادةً وبحسب الاتفاقيّات الموجودة، أن تُرسل معلومات عن حسابات الأشخاص الأجانب الذين يُقيمون في لبنان، إلى الدول المعنية، وبطريقة مُتبادلة، وعلى الدول الأخرى أن تُرسل بدورها معلومات عن اللبنانيين، الذين فتحوا حسابات لديها، ويجب التحقق من مصدر الأموال.

وأكد أن إمكانية طلب الدعم والمُساعدة والخبرات من الخارج، قد تكون مُهمّة ومُفيدة، ويُمكن تشكيل فريق عمل للقيام بذلك، يضمّ طبعاً خبراء لبنانيين وأجانب، يقوم بالتحقيق مع كل المشبوهين، من دون أن تتحوّل هذه العملية إلى أي نوع من «الضعظ السياسي، على اي طرف او فئة او طائفة او مجموعة او حزب مُعيّن، لأنكم عنده لن تتمكّنوا من تحقيق «إجماع وطني» إذا أعطيتم الانطباع بأنكم تقومون بقمع جهة أو طائفة مُعينة، فهذا الموضوع غاية في الحساسية، ويجب أن تقوموا بذلك بطريقة غير مُنحازة، وعادلة، وإلا لن تنجحوا، وستصبح الأمور أكثر تعقيداً.

إشكال في نهاية اللقاء

في نهاية اللقاء ورغم اعتراض القيّمين على اللقاء ومُنظّميه، قامت محامية مشاركة في اللقاء، بتقديم احد الملفّات للقاضي براتس «دون أي إذن او احترام للقواعد المرعية الإجراء من قِبل نقابة المحامين»، مُدعية انه يُدين بتهمة الفساد إحدى الوزيرات الجُديدات في الحكومة الحالية والتي تسلمت مهامها منذ ايام، فما كان من القاضي براتس سوى تسلمه منها رغم إصرار ورفض مُنسق الملتقى واصحاب الدعوة لهذه الطريقة الملتوية، لأن القاضي براتس ليس قاضياً لبنانياً، وهو بالتالي ليس الجهة المُخوّلة تسلم ملفّات كهذه، مما اقتضى التوضيح ودفع لاستنكار هذه الخطوة من مُعظم الحاضرين ومن مُنظّمي اللقاء لأن المحامية المذكورة حاولت ان تُصوّر هذا اللقاء وكأنه موجّه ضد الحكومة الحالية التي يُجمع معظم اللبنانيين على ضرورة إعطائها فرصة لكي تُحقّق بعض الإنجازات في هذه الفترة الحرجة والدقيقة من تاريخ لبنان قبل البدء برميها بسهام الفساد قبل انطلاق عملها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى