الوطن

جابر لـ«البناء»: الدعم الدوليّ مرتبط بقدرة الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة وإصلاحات جذريّة سورية مرتاحة لحكومة لبنان وتنتظر قراراً رسميّاً…

 

} محمد حميّة

جرعات من التفاؤل ضختها الحكومة أمس. إن لجهة الوضع المصرفي والنقدي وإن لجهة المعالجات للأزمة الاقتصادية والمالية وذلك بعد اجتماعات عقدها رئيس الحكومة حسان دياب ووزير المال غازي وزني مع كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سمير صفير ومع الهيئات الاقتصادية. بدا الهدف من هذه التطمينات إظهار أجواء ثقة للداخل وللمجتمع الدولي لتشجيعه على دعم لبنان.

ولفتت تطمينات وزير المال غازي وزني بعدم المسّ بالودائع، وحثّه جمعية المصارف على العمل على خفض معدّلات الفوائد في المرحلة المقبلة لتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء على المالية العامة. فيما طمأن صفير الى أن «لا ودائع محجوزة، فهي موجودة في المصارف، وستظل موجودة. وكرّر كلام حاكم مصرف لبنان أن لا HAIRCUT على الودائع».

وفي سياق ذلك لفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر لـ»البناء» الى أن «سعر صرف الدولار مرتبط بقدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات والإصلاحات لاستيعاب الازمات المالية ولاحقاً لاعادة بناء اقتصاد متين، وكل ذلك مبني على ثقة وسمعة لبنان تجاه الخارج وإثبات قدرته على اتخاذ قرارات جريئة واصلاحات جذرية». واضاف جابر أن «الدول ستراقب كيفية تعامل الحكومة مع مبدأين: تطبيق  القانون وإصلاح المؤسسات»، وذكر بوجود 54 قانون لم توضع الحكومات مراسيم تطبيقية لها ولم يتم تعيين هيئات ناظمة ولا مجالس إدارة لعدد من المؤسسات». وتساءل جابر: هل يمكن أن يترك مسؤول واحد هو حاكم البنك المركزي في أزمة مصرفية ونقدية كالتي شهدها لبنان يواجه وحده دونما تعيين المجلس المركزي المكوّن من نواب الحاكم بحسب قانون النقد والتسليف؟ الأمر الذي عطل انعقاد المجلس واتخاذ القرارات لسنوات؟

وتتحدّث مصادر مطلعة لـ»البناء» عن أن «لبنان لم يلتزم بتعهداته للدول المانحة في مؤتمر سيدر عام 2018 بالقيام ببعض الإصلاحات في قطاع الكهرباء لا سيما تعيين الهيئات الناظمة ومجلس إدارة لها»، واشارت الى أن «الاجتماع الأخير بين وزيرة الطاقة ومدير البنك الدولي طلب الاخير الالتزام بالتعهدات،  كما كررت الدول المانحة الامر في اجتماع هيئة دعم لبنان في باريس». وتنقل مصادر نيابية واقتصادية لـ»البناء» عن أحد كبار المسؤولين الدوليين قوله «نستطيع مساعدة لبنان لكن مسؤوليه لا يؤتمنون على مال ومساعدات». 

لكن التساؤل الذي يدور في الاجتماعات الرسمية ماذا لو لم يلقَ لبنان دعم الدول الخارجية؟ وماذا لو فرضت شروط سياسية على لبنان مقابل الدعم في ظل اتجاه أميركي إسرائيلي عربي خليجي للعمل على تطبيق صفقة القرن في دول المنطقة، ومنها لبنان؟ وهل من سبيل بديل لإنقاذه من أزماته المتعددة؟

وفق معلومات «البناء» فإن الانفتاح على سورية بات خياراً بديلاً يجري التداول به بين أركان الدولة، في وقت نقل عن رئيس الحكومة عدم ممانعته للانفتاح على سورية إذا كان ذلك يؤمن المصلحة اللبنانية، لكن بحسب مصادر «البناء» تم الاتفاق على إرجاء هذا الملف الى ما بعد نيل الحكومة الثقة وانطلاقة عملها.

وتلفت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى خوف بعض الجهات الرسمية من ضغوط قد يتعرّض لها لبنان إذا ما اندفع باتجاه سورية دون التنسيق مع الدول العربية ما ينعكس سلباً على موقف تلك الدول من الحكومة الجديدة لا سيما أن الرئيس دياب أعلن بأن أولى زياراته ستكون الى الخليج، موضحة أن «لبنان ينتظر تحول الموقف العربي لا سيما الخليجي من سورية ليتخذ القرار المناسب».

 في المقابل، أشارت جهة رسمية معنية بملف العلاقات اللبنانية السورية لـ»البناء» الى «وجود مشاورات رسمية على مستويات عليا لإعادة تفعيل العلاقات بين بيروت والشام، لكن الأمر يحتاج الى درس، لذلك تقرّر التريث في فتح الملف الى ما بعد نيل الحكومة الثقة». وأشار المصدر الى أن «الامر مرتبط بجملة عوامل واعتبارات محلية وإقليمية ودولية».

وتنقل الجهات عن القيادة والسلطات السورية ارتياحها لإعادة انتظام المؤسسات وتفعيلها كما ارتياحها للحكومة الجديدة، معتبرة أنها أقدر على اتخاذ قرارات تتعلق بمصلحة البلدين على سواها من الحكومات، ومؤكداً أن «موقف سورية لطالما اتسم بالايجابية من لبنان». لكن المصدر يضيف: «رغم أن الحكومة لا تعاكس الاتجاه السياسي للمقاومة وسورية، لكن الحكومة السورية مصرّة على قرار لبناني رسمي على مستوى رئاسة مجلس الوزراء بالانفتاح على سورية وليس على مستوى وزاريّ فرديّ».

ويشير الى أن «حل أزمة النازحين مرتبط بالقرار اللبناني بالانفتاح على الشام»، مشيراً الى أن «المبادرة الروسية تجمّدت على إصرار سوري على علاقات رسميّة مع لبنان للتعاون بشتى المجالات بما فيها النازحون»، موضحاً أن «عودة بعض النازحين الى سورية هي طوعيّة تتم بالتنسيق المباشر بين الأمن العام اللبناني بتفويض من رئيس الجمهورية اللبنانية والسلطات الأمنية السورية». ويرى المصدر بأن «لا حل للأزمة اللبنانية المستعصية الا بالانفتاح على سورية، فالأزمة الأخيرة التي شهدها لبنان على مختلف المستويات أكدت بأن العلاقة مع سورية لا تقتصر على المستوى الاقتصادي فقط، بل على المستوى النقدي والمصرفي، مذكراً بانعكاسات الأزمة النقدية والمصرفية في لبنان على سورية».

ويرى المصدر أن «قرار لبنان تجاه سورية مرتبط بقرار الخليج من دمشق»، مشيراً الى قرار سعودي بإعادة العلاقات مع سورية لكن الممانعة الأميركية تحول دون ذلك، إذ تريد واشنطن استثمار الضغط الخليجي العربي على سورية لمصلحة إسرائيل».

لكن المصدر يكشف أن «التواصل السعودي – السوري لم ينقطع في السنوات الماضية، متوقعاً خطوات إيجابية على خط هذه العلاقة خلال وقت قريب». ولا تُخفي سورية بحسب المصدر قلقها من صفقة القرن الأمر الذي يتطلب تنسيقاً وتوحّداً بين لبنان وسورية ودول المنطقة لمواجهة المشروع الجديد وإسقاطه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى