عربيات ودوليات

نقاط ضعف أردوغان سلاح سوريّ لا بدّ منه

} سماهر الخطيب

منذ أن تم الإعلان عن تحرير حلب بالكامل وتأمين جميع الطرق المؤدية إليها، أُغلقت في المقابل جميع الطرق أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اتجه نحو لهجة تصعيديّة وتصريحات تعبّر عن استيائه وغضبه متذرعاً بنقاط المراقبة التركية المتواجدة في إدلب، والتي لم يعُد لها داعٍ لوجودها، إن سلّمنا جدلاً بأنها وجدت وفق المحادثات التركية الروسية والإيرانية إن كان في «سوتشي» أو «أستانة»، باعتبار تركيا دولة ضامنة لوقف إطلاق النار في تلك المناطق.

ومع تقدّم الجيش السوري في قرى ومناطق عدة من ريف أدلب وتحرير كامل حلب بعد أن تمّ تحرير خان شيخون سابقاً من سيطرة «الجماعات المسلحة» والمدعومة تركياً وبالتالي باتت الأحلام التركية على حافة الانهيار، ما دفعها إلى رفع الصوت عالياً بل وأكثر تقديم الدعم المدفعي للجماعات المسلحة في سيناريو مشابه لما سمّته سابقاً بـ»درع الفرات» أو «غصن الزيتون» واستغاثتها بالناتو حاملة ورقة اللاجئين كتهديد لدول الناتو الأوروبية.

إنما تلك السيناريوات باتت مكشوفة، بل ومحروقة، وتركيا التي ما فتأت تراوح بين أوروبا وآسيا وبين الدول الغربية وروسيا، قد باتت مكشوفة النيات والأفعال من قبل الجميع، ولن تنال مما تصرخ به مطالبة سوى صدى صوتها الباحث عن أضغاث أحلام «عثمانية»..

وفي الجهة السوريّة، تكمن الفاعلية لوقف استباحة أردوغان لحرمة الأراضي السورية، وبالتالي ليس فقط مواجهة قواته ومن يدعمها من جماعات مسلحة، إنما أبعد من ذلك، أيّ عبر استغلال نقاط الضعف التركي، والذي طالما استغل نقاط ضعف من يسمّون بـ»المعارضة السورية» وقلبها على دولتهم وتحريضهم بالمال والسلاح حتى باتوا مجنّدين تحت العلم التركي يقاتلون في ليبيا لخدمة المشروع «الأردوغاني»..

وبما أن أردوغان لم يستكن في دعمه للجماعات المسلّحة والإرهابية كـ»جبهة النصرة» وغيرها، وزاد الطين بلة بتصريحاته الدالة على فقدانه الحياء كلياً، وإعلانه بأن «العملية العسكرية الجديدة ضدّ الجيش السوري في إدلب مسألة وقت»، متناسياً بأنه جيش احتلال، وبأن الجيش السوري هو جيش الأرض والدولة، وبأنّ إدلب جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، رغم ما قام به هناك من عملية تتريك في المدارس المتواجدة في إدلب.

وبالتالي تستطيع القيادة السورية في المقابل محاربته بسلاحه نفسه، ودعم الجماعات الماركسية اللينينية اليسارية في تركيا والاتفاق مع الأكراد هناك، وهذا ما كان سائداً قبل العام 1998.

وبالرغم من أن هذه المجموعات ليست كثيرة، تتراوح بين 9 إلى 12 مجموعة، لكن يمكنها القيام بكثير من الأشياء.

أما عن الاتفاق مع الأكراد الأتراك، فيحدث ذلك مع الإعلان عن بدء اتصالات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني، وقادة حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي هو في الواقع فرع لحزب العمال الكردستانيّ في سورية وهو ما سيرفع من هاجس الخوف لدى أردوغان ويدفعه نحو الاستدارة باتجاه الداخل التركيّ، ومحاولة حلحلة أموره الداخليّة وإلهائه بها..

وإذا أردنا النظر إلى مجريات الأمور بواقعية مطلقة بعيداً عن العواطف، علينا الاعتراف بأنّ الجيش التركي ثاني جيش في «الناتو» ويمتلك الكثير من نقاط القوة، في المقابل بات الجيش السوري مدرّباً بشكل جيد بعد خوضه معارك شرسة مع أشرس أنواع البشر، والمدرّبة في أهم معسكرات معظم الدول الراعية للحرب السورية، والتي دفع لأجلها الكثير من الأموال والعتاد، وبالتالي المواجهة إن حصلت فلن تكون مواجهة أقل شراسة من غيرها لذلك.

وحتى لا تحدث المواجهة، يتعيّن على روسيا، حتى لا تتورّط مباشرة في النزاع، أن تجبر أنقرة على العودة إلى التزاماتها في «سوتشي» و«أستانة»، كما يتعيّن على دمشق على الاتفاق مع «قسد» قبل كل شيء، ويعتبر هذا قيمة مضافة للجيش السوري.

أضف إلى ذلك، أن سورية تمتلك سلاحاً قانونياً سياسياً، وهو إذا استخدمته بالمحافل الدولية وزادت من إصرارها عليه فإنه حتماً سيضعف الجانب التركي دولياً، وداخلياً، وحتى من جانب «المعارضة السورية» التي تدعمها تركيا، وسيجعل التركي محتلاً، بصفة دولية وحتى في الداخل التركي.

وهذا السلاح متمثل بالمطالبة بعودة لواء اسكندرون، وإثارة القضية دولياً لاستعادة الأرض السورية التي سلبتها تركيا بشكل غير قانوني في أيلول 1939.

وبالتالي يتوجب على دمشق المطالبة بهذه المنطقة، بما في ذلك مدينة أنطاكية. الأمر الذي يلهم السوريين، ويُعيد وحدتهم تحت لواء «اللواء السليب» باعتباره عنصراً أساسياً في القومية السورية.

في المقابل، وبالرغم من أنّ استعداد أردوغان لانتهاك القانون الدولي بشنّ عملية عسكرية ضدّ دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، إلا أنّ أكثر ما يستطيع الحصول عليه هو استعراض للقوة العسكرية بهدف تحسين موقعه التفاوضي، عبر ما يُسمّى بـ»الدبلوماسية القسرية».

وفي المحصلة روسيا لا تزال قادرة على لجم الأطماع التركية إنما هذا لا يلغي بأن تقوم الدولة السورية باستغلال نقاط الضعف التركية والعزف على الوتر نفسه إنما بصيغة قومية سورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى