رياضة

رياض محرز .. نجم صنعه الفقر والتهميش حكاية نجاح بدأت باقتراض 170 دولاراً

 

خلف الصورة البراقة للاعب مانشستر سيتي رياض محرز تتوارى دموع ومشكلات اجتماعية، بدأت مع انفصال والديه ثم خسارة داعمه الأكبر والده واستمرت مع رفضه في عدة فرق بسبب نحافته.

حفر قائد منتخب الجزائر  بأظافره كي يكتب اسمه كواحد من أبرز لاعبي العالم، وهو الذي خرج من الضواحي الباريسية المنسية وحوّل العقبات التي اعترضت مساره إلى قفزات عملاقة نحو القمة.

والده أحمد محرز، لاعب كرة في فريق بني سنوس الذي يمثل بلدة تقع على الحدود الجزائرية المغربية، أخبره الأطباء أنه يعاني مشكلة في القلب، ويحتاج إلى عملية جراحية لتثبت جهاز تنظيم ضربات القلب، وهو السبب الذي منعه من مواصلة مشواره  الكروي، فهاجر إلى فرنسا حيث أجرى الجراحة هناك.

أحمد، كان الداعم الأول لابنه رياض، ووراء ضمه لأول فريق «آس سارسيل»، وقد توفي في العام 2006 بينما كان الفتى في الخامسة عشرة من عمره.

في تلك الفترة، كان رياض شاهدا على انتفاضة أبناء الضواحي الباريسية التي اندلعت في العام 2005 بعد مقتل شابين وتسببت في فرض حالة الطوارئ، أحداثٌ لفتت النظر إلى وضعية ساكني هذه المناطق المهمّشة التي يغرق سكانها في البطالة والتهميش وانسداد الآفاق، ما رسّخ لديهم شعوراً أنهم مواطنون أقل أهمية من غيرهم.

والجدير ذكره أن والدته كانت تعمل بتنظيف العيادات الخاصة، كي توفّر احتياجات أبنائها الثلاثة، بعد طلاقها من زوجها عندما كان رياض في الثامنة من عمره.

تحضر والدة رياض محرز مرّتين في بدايته، حيث كان بحاجة إلى شراء تذكرة ليسافر إلى أقصى الشمال الغربي الفرنسي ليجري سلسلة تجارب في نادي «كيمبار» عام 2009 ـ درجة الرابعة، فطلب منها 160 يورو (نحو 173 دولارا) كي يشتري تذكرة القطار، واعدا إياها أنه سيعيدها.

عندما وصل هنالك، وبعد اختباره أخبروه بأنهم لا يملكون المال ليوقعوا له عقداً.

يومها، وبحي صحافي فرنسي مقرب من محرز: «أجهش رياض بالبكاء وهو يتحدث إلى والدته عبر الهاتف، ورأى رئيس النادي الموقف، ووقع له عقدا بعد 24 ساعة».

لاعب الشوارع!

رياض محرز الذي يقدّم كلاعب تعلم الكرة في الشوارع، رفض فريقان من رومانيا وإسبانيا ضمه بعد سلسلة تجارب، وفي أسكتلندا قضى فترة اختبار دامت شهرين في نادي «سانت ميرين» ـ تحت 23 سنة، وبسبب الجو البارد وعائق اللغة فضلا عن طول فترة الانتظار دون جواب، تذرع أنه نسي حذاءه في ملعب التمرين، ومن الفندق ركب دراجة هوائية، سائرا إلى محطة القطارات ومنها إلى المطار حيث ركب الطائرة عائداً إلى فرنسا.

ويعتبر محرز من القلة الذين لعبوا أول مباراة رسمية في مشوارهم في كأس العالم، ومحرز واحد منهم، إذا كان قد ظهر قبلها للمرة الأولى أمام أرمينيا في مباراة ودية، وفي يوم 17 حزيران 2014 بملعب مينيراو في بيلو هوريزونتي، دخل أساسيا في المباراة الأولى للجزائر بدور المجموعات أمام بلجيكا، المباراة التي خسرها الفريق الذي كان يدربه وحيد حليلوزيتش 2-1.

لم يلعب لفرنسا وهذه علاقته بالمغربعلى عكس الكثير من نجوم منتخب الجزائر كسفيان فيغولي وياسين براهيمي ووهاب رايس مبولحي، لم يحمل رياض محرز ألوان منتخب فرنسا في أي فئة سنية، واختار تمثيل الجزائر مباشرة بينما كان قد بدأ لتوه يثير الإعجاب بعد أشهر قليلة من انضمامه إلى ليستر سيتي الإنكليزي. يعتقد البعض أن والدة محرز مغربية وأنه كان بوسعه تمثيل أسود الأطلس، بيد أنها جزائرية، لأم مغربية ووالد ينحدر من بشار في الجنوب الجزائري.

وبسرعة، أصبح قائداً لمنتخب الجزائر في المعسكر التحضيري الذي أجراه المنتخب الجزائري في قطر صيف العام الماضي قبل كأس أمم أفريقيا، وكان مدرب الجزائر جمال بلماضي مترددا بينه وبين ثلاثة لاعبين آخرين قبل أن يفصل لمصلحته.

كان لمكانته الخاصة وعلاقته بزملائه الدور في جعله القائد، وقتها كان قد حمل قميص منتخب الجزائر 44 مرة، بينما كان الحارس مبولحي قد لعب 14 مباراة أكثر منه.

الأنحف في البريميرليغ

يعترف رياض محرز الذي صنع مجد فريق ليستر الإنكليزي أنه لم يكن يعرف هذا الفريق قبل أن يسافر إليه لتفقد منشآته تحسبا للانضمام إليه، بل وكان يعتقد أنه ناد لرياضة «الريغبي».

لفتت تركيبته الجسمانية مسؤول اللياقة البدنية في فريق الذئاب ماتي ريفز، فخصص له برنامجاً مكثفاً يرتكز على رفع الأثقال، لزيادة وزنه. مع ذلك لا يزال رياض محرز الذي يزن 61 كيلوغراما أحد أنحف اللاعبين في الدوري الإنكليزي.

راتبه تضاعف 875 مرة

كان أول راتب لرياض محرز هو سبعمئة يورو (759 دولاراً)، مبلغ كان معتبرا بالنسبة له قبل عشرة أعوام وهو الذي وصل إلى «كيمبار» ولا يملك غير حذائه، بينما يتمتع اليوم في فريقه مانشستر سيتي براتب أسبوعي يقدر بنحو 143 ألف يورو (أكثر من 155 ألف دولار)، أي أنه يحصل على أجر أكثر من راتبه الأول بـ 875 مرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى