ثقافة وفنون

«الوجه الآخر للكون»… إصدار لأديب صعب بالألمانيّة

  صدر حديثًا عن دار النشر الألمانيّة شاكرميديا في مدينة آخن الألمانية ديوان الشاعر والفيلسوف اللبنانيّ الدكتور أديب صعب «الوجه الآخر للكون» مترجمًا إلى اللغة الألمانيّة.

ويعدّ هذا الإصدار ضمن مشروع ترجمة مختارات من الشعر العربيّ إلى اللغة الألمانيّة يديره أستاذ الأدب العربيّ واللغة العربيّة والترجمة في معهد الدراسات الشرقيّة والآسيويّة لجامعة بون الدكتور اللبنانيالألمانيّ سرجون كرم بمساعدة المستشرق الألمانيّ الدكتور سيباستيان هاينه والمترجمة الألمانيّة كورنيليا تسيرات الذين أصدروا حتى الآن اثنتي عشرة ترجمة لشعراء وشاعرات لبنانيّين وعرب.

وجاء في تعريف الكاتب والكتاب: مع أديب صعب نحن أمام شاعر يتنقل بين القصيدة الطويلة التي تجتمع فيها العناصر الملحمية والروائية والمسرحية والغنائية، والقصيدة القصيرة المصنوعة من عناصر غنائية. وطالما أوضح صعب ارتباط الشعر بالصناعة، مشيراً إلى أن عبارة «شعر» في اللغات الأوروبية مشتقة من فعل يوناني قديم معناه «أصنعُ». وقد أدرك أسلافنا العرب في النهضة الأولى هذا الترابط، فخلّفوا كتابات كثيرة حول «الصناعتين»: صناعة الشعر وصناعة النثر. وما لم ترتكز الكتابة إلى صناعة، فهي لن تتجاوز التعبير البدائي عن الأفكار والمشاعر. الصناعة هي التي تُدخِل الكتابة في عداد الفنون الجميلة.

إلا أن الصناعة في هذا الشعر ليست نقيض العفوية. الفارق كبير جداً بين الصناعة، وهي إتقان الصنعة، والتصنع، وهو إفساد الصنعة. القارئ هنا أمام شعر سلس، بمفرداته وتراكيبه وموسيقاه، يضع المتلقي في جوّ ألفة ينسجه له الشاعرالمضيف، فيغدو الضيف والمضيف شريكين في رحلة أو لعبة أو مغامرة واحدة. هذا شعر تجتمع فيه البساطة والعمق في وحدة عضوية حميمة، فإذا هي بساطة العمق وعمق البساطة.

في قصائده الطويلة والقصيرة جميعاً، غاص أديب صعب على أعماق الحياة وانتشل شعره كمن ينتشل المياه الصافية من بئر عميقة، وجاءنا بلوحات رائعة مصوراً الحياة والموت والحب والحرب والنفس في أطوارها المختلفة من رجاء ويأس، من فرح وبؤس، من أمل وألم. كل ذلك عبر صوت فريد متفرّد في الشعر العربي الحديث، لعل صفة «السهل الممتنع» تنطبق عليه كما لا تنطبق على كثير من الكتابة الشعرية التي تطالعنا هذه الأيام. لكن يبقى البعد الروحي أو الصوفي أهم ما يميّز صوت أديب صعب النبويّ. وهو بُعد يتميز به صعب شاعراً وفيلسوفاً. وقلما اجتمع الفيلسوف والشاعر في إنسان واحد. الدكتور أديب علّمَ أجيالاً وراء أجيال، في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي الذي كان نواة جامعة البلمند، الفلسفة القديمة والوسيطة والحديثة، وكذلك تاريخ الأديان وفلسفة الدين، وهما مادتان كان له فضل إدخالهما إلى جامعته كما إلى الثقافة العربية الراهنة من خلال كتبه الخمسة الرائدة في فلسفة الدين.

لقد تكوّن البعد الروحي العميق لدى أديب صعب منذ حداثته. إنه أحد أبعاد شخصيته، هذه الشخصية التي لا فصل فيها بين الفيلسوف والشاعر والإنسان. أجمل الكلام كُتب وقيل في شعر أديب صعب من شعراء الحداثة العربية أمثال خليل حاوي وأدونيس وبلند الحيدري من الجيل السابق، وعلي جعفر العلاق ومنصف الوهايبي من الجيل المعاصر. لكن يبقى هذا الشعر الشاهد الأكبر على روعته وتفرّده وعلى أنه، كما كتب أحد النقاد، «شعرٌ صافٍ على طريقة الغنائيين الكبار… من أجمل ما كُتب بالعربية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى