أولى

الانتخابات الإيرانيّة نقطة تحوّل

التعليق السياسي

جاء استشهاد القائد الجهاديّ الكبير قاسم سليمانيّ ليمنح ما أسماه مرشد الجمهورية الإسلاميّة في إيران الإمام علي الخامنئي بالخطوة الثانية للثورة فرصة ثمينة للانطلاق بزخم، بعدما كان المرشد قد اعتبر أن الأربعين عاماً الأولى من عمر الثورة هي الخطوة الأولى لبناء مرتكزات الاستقرار، شارحاً ما تحقق ومحدداً المطلوب للخطوة الثانية، للانتقال إلى تحقيق دولة الاستقلال والتنمية، مركزاً على البحث العلمي والتوزيع العادل للثروة ومكافحة الفساد ومفاهيم الاستقلال والسيادة والحرية والاحتكام لصناديق الاقتراع كقواعد رئيسية للنظام الإسلامي مانحاً قضيتي فلسطين والبناء الثقافي الأخلاقي مكانة محورية في الخطة.

تأتي الانتخابات البرلمانية الإيرانية أول الاستحقاقات بعد الحدثين، استشهاد سليماني والإعلان عن خطة الخامنئي. وتجمع التقارير الواردة من طهران من جهات تتسم بقدر من الحياد الإعلامي كبعض تقارير شبكة بي بي سي أن تشدداً استثنائياً رافق عمليات الترشيح للانتخابات تجاه قضايا الفساد منع العديد من الوجوه التي تعاقبت على المجالس النيابية السابقة من الترشح، وأن نسباً كبيرة من الشباب والسيدات تخوض غمار الترشح بحماسة وتلقى حظوظاً جيدة، وأن نسبة المشاركة بين الشباب والنساء كانت مرتفعة.

الحملات التي تستهدف تشويه كل إنجاز إيراني على طريق بناء دولة حقيقية لن تتوقف، لكن الأكيد أن إيران نجحت خلال أربعين عاماً في إجراء كل استحقاقاتها الانتخابية في مواعيدها رغم الحروب أحياناً، وانها ضمنت خلالها نموذجاً لتعددية سياسية وتعبيراً بقي الأقرب للواقع في التعبير عن الاتجاهات الرئيسية في المجتمع ومعه تداولاً في السلطة بين الأجنحة المتنافسة. وخلال هذا المسار كانت تتقدم علمياً وتقنياً وعمرانياً وتحقق قدراً كبيراً من الاكتفاء الذاتي الزراعيّ والصناعيّ، وتبني قوة واقتداراً على الصعيد العسكري، وتنجز على المستويين الإقليمي والدولي ما يؤهلها لدخول نادي الكبار، وتقدم مثالاً في دعم حركات المقاومة دون مساومة على قرارها المستقل، كل ذلك وهي تحت الحصار والعقوبات.

إيران تؤسس عبر برلمان الانتقال إلى المرحلة الثانية من الثورة وبناء الدولة تناغماً بين الدولة والثورة وتفتح الطريق لملاقاة الأهداف الاستراتيجية المرفوعة للمرحلة وفي مقدمتها رحيل القوات الأميركية عن المنطقة وإسقاط صفقة القرن الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى