ثقافة وفنون

فيلم «مريم» نص واقعيّ للكاتب حسن إدلبي بتوقيع المخرج عفيف حيدر حكايا متشعبة لمجتمع يجمع التناقضات وإسقاط مشروط بالمصداقيّة

عبير حمدان

تدور عدسة المخرج اللبناني عفيف حيدر في عالم واقعيّ بإطار يلامس الذات الإنسانية من خلال تسليط الضوء على قضايا خطيرة، لكنها مهمّشة في ظل غياب المتابعة الفعلية من جهات مفروض أن تكون معنية بشكل مباشر ومؤثرة وقادرة على تغيير قدر معاناة الأطفال التي يطرحها فيلم «مريم» الذي كتب نصه حسن إدلبي وهي تجربته الأولى في مجال كتابة الأفلام السينمائية المغايرة للسائد من النصوص الخيالية المستوحاة من قصص خفيفة قوامها الابهار والاستعراض الكلامي المتصل بالتسويق الآني.

حيدر: السينما الواقعية تقدّم ما يُرى وما لا يُسمع

«مريم» يضم حكايا متشعبة لكنها نسيج لمجتمع يجمع التناقضات ومن الصعب اختزاله برؤيا محددة، وبحسب حيدر الذي قدّم للمتلقي «إسوارة العروس» فهو وجد في النص الموعود ضالته وعن ذلك يقول: «بعد فيلم اسوارة العروس، اتجهت لكتابة الدراما التلفزيونية فلم يبق لدي متسع من الوقت لكتابة الافلام او اكمال ما كنت قد بدأت به الى ان شاءت الفرص المميزة أن يعرض عليّ الكاتب حسن ادلبي نص فيلم «مريم»، والقراءة الأولية لما كتبه جلعتني على يقين بأنني وجدت ضالتي، النص واقعي الى درجة تفوق الخيال، حيث إن الكاتب يمتلك الاتجاه المتزايد الى محاكاة الواقع وهذا ما اعتبره ميزة بحد ذاتها. وهذا التصور ناتج بالطبع عن تجربة شخصية للكاتب واستلهام إبداعه الكتابي من مشاهداتها الحياتية».

ويضيف حيدر في إطار متصل: «لطالما اعتبرت أن الفن السينمائي يكون أفضل كل ما كان يحاكي الواقع أكثر، فيلم «مريم» سيجعل الواقعية حاضرة في ذهن المشاهد حتماً، ذلك أن أمام أي عمل يصور الطبقات الفقيرة والمهمّشة والمستغلة بقدر معقول من الديكور والملابس ولغة الحوار وسلوك الشخصيات التي تتشابه حتماً مع ما يحدث في الواقع».

ويشير حيدر أنه اتفق كثيراً مع حسن إدلبي في «مريم» خاصة عندما اعتمد دوافع مقنعة لدى الشخصيات وبتبريرات منطقية للأحداث، كما أنه اعتمد الخيال والإسقاط بشرط المصداقية تماماً كما فعلت «هوليود ودراما ارسطو».

ولفت حيدر إلى ابتعاده عن المبالغة بالقول: «لم أنحز الى أيّ شخصية في العمل وعملت جاهداً ضد المبالغة في العواطف، سعيت وراء الحقيقة كما سعى الكاتب في نصه، وطلبت من الممثلين أن يتخلوا عن أفكارهم المسبقة».

وختم: «أثق بأن «مريم» سيضع بعض القواعد الخاصة بالمصداقية والقابلية للتصديق التي يجب ان تتوفر في أي فيلم، واذا كانت السينما التجارية تعرض ما يريد المجتمع أن يراه ويسمعه فإن السينما الواقعية تقدّم ما يُرى وما لا يُسمع عادة وهكذا فيلم «مريم» تماماً».

إدلبي: تسليط الضوء على واقع مهمّش

من جهته يؤكد الكاتب حسن إدلبي أنها تجربته الأولى في هذا الاطار، لكنه يأمل ان تشكل فرقاً لمصلحة الكثير من القضايا المتصلة بالاطفال، ويقول: «المحور الأساسي للعمل هي «مريم» الفتاة المتسولة التي تعيش واقعاً مريراً في ظل وجود خلايا الإجرام التي تستغلّ الاطفال لاغراض عديدة، هذه الطفلة تجد من يمدّ لها يد العون تحت سقف القانون رغم تبعات خطورة المواجهة التي يتعرّض لها الرجل الحقوقي «غيث» هو وعائلته».

ويضيف إدلبي: «شيء مشترك يجمع «مريم» بمنقذها «غيث». وهذا أمر نتركه إلى حين عرض الفيلم كي لا يفقد الطرح عامل التشويق، ولكن يمكن أن نعطي للقارئ بعض الاشارات حول مسائل عديدة مثل أن يكون من ظنناه صديقاً هو أكثر شخص عمل على أذيتنا وبشكل مباشر».

ويلفت إدلبي: «الهدف من هذا العمل تسليط الضوء على مواضيع مهمشة في مجتمعنا مثل تشغيل الاطفال، حق الاطفال في التعلم، تجارة الاعضاء، خيانة وغدر الصديق».

ويختم بالقول: «أخوض هذه التجربة بعيداً عن أي مزايدة لناحية ما يسمّونه «شباك التذاكر» وكل ما أريده هو الإضاءة على الحياة بواقعيتها، لذلك فإن النهاية لن تكون معلقة وافتراضية بل سيرى المتلقي نهاية واقعية بشكل واضح ومباشر».

فحص: السينما هدفها التثقيف والتوعية

من جهته أكد المنتج احمد فحص أن فيلم “مريم” هو التحدي الثاني في مجال الانتاج السينمائي، وقال: “بعد تجربة الفيلم السينمائي اسوارة العروس الناجحة قررنا إعادة التجربة، ولكننا كنا امام خيارات عدة من حيث الطرح والفكرة إلى ان وقع الاختيار على نص “مريم” للكاتب حسن إدلبي، وقد استطاع المخرج عفيف حيدر قيادة الدفة الإخراجية ممسكاً بكافة عناصر النص الذي استوحاه الكاتب من الواقع”.
وعن نظرته إلى الدور الذي تلعبه السينما قال فحص: “السينما لم تعُد فقط وسيلة للترفيه وللربح المادي، وحسب بل تحوّلت الى صناعة هدفها التثقيف والتوعية من هنا نخوض هذه التجربة مع مريم لتسليط الضوء على واحدة من أهم القضايا المجتمعية المغمورة نوعاً ما، حيث إن معظم الأعمال السينمائية اللبنانية الحالية تقدم قصصاً لا علاقة لها بواقعنا الاجتماعي، من جهتي اعتبر أن فيلم “مريم” هو التحدي الثاني لي في مجال الانتاج السينمائي بعد “اسوارة العروس” واتمنى ان يلقى النجاح، وتقبل المتلقي له”.

 يذكر أن فيلم «مريم» من إنتاج  أحمد فحص (styrax productions ) والتصوير يجري في جنوب لبنان. واعتمد فيه المخرج عفيف حيدر تكتيكاً سينمائياً يتوافق فيه الصوت مع الصورة وزوايا التصوير وتشابه اللقطات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى