الوطن

«قراءة في تطورات الساحة الفلسطينية» ندوة لمركز باحث للدراسات الهندي: نخوض معركة إرادة والمقاومة هي الشعب في صراع وجودي

عبير حمدان

أقام مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية ندوة سياسة بعنوان «قراءة في تطورات الساحة الفلسطينية» حاضر فيها الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة السياسية في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، وشارك فيها باحثين ومهتمين وأكاديميين.

قدّم للندوة الصحافي حسن شقير ومما قال: «… وأخيراً، رمى الثنائي ترامبنتنياهو أوراقه كاملةً على الطاولة، وذلك بطرح ما سُمّيت بصفقة القرنوبشقيها المزعومينعلى طاولة الإشهار، ومن دون أيّ تردّد أو مواربة.

ولنتحدث بصراحة مطلقة، ومع تقديرنا للمواقف التي أدانت ورفضت هذه الصفقة، إلاّ أننا لم نشهد على الأرض ما كنا نتمنّى حصوله من بعض الأطراف الفلسطينية الرافضة، من تبنّ لإستراتيجية جلية لا لبْس فيها في إمكانية تسميم تلك الصفقة، وذلك لدفع ذاك الثنائي إلى التفكير مجدّداً برفعها عن الطاولة، هذا فضلاً عن أننا لم نرَوكما كنا نأمل أيضاًاستراتيجية وطنية شاملة في مواجهة صفقة العار تلك.

ولم نقل هذا تبخيساً، أو تشكيكاً في مواقف حركات المقاومة في فلسطين، والتي من بينها حركة الجهاد الإسلامي، والتي تتعرّض بُعيد إعلان الصفقة، إلى هجمة صهيونية شرسة في الداخل والخارج أيضاً، وذلك على خلفية موقفها المبدئي والعملي منها، لا بل أن الكيانَ الصهيوني، يحاول بين الفينة والأخرى استفرادَها، والإيعازَمن بعيدلشقيقاتها في الجهاد والمقاومة، بأنها مستبعدةٌ عن الإستهداف، في حال وقوفها على الحياد، وذلك في مسعى صهيوني خبيث ومكشوف لزرع الشقاق والتفرقة بين أخوة الجهاد في أرض الرباط

صفقة القرن أعلنت، المواقف المشرِّفة، والمُخزية منها أيضاً أضحت كلها واضحة.. وفلسطين ومعها كلُّ الشرفاء في العالم يترقبون، ويعلمون علم اليقين، بأنّ صفقةَ العار تلك، لن يُوافق عليها.. وهؤلاء جميعاً أيضاً واعون ومدركون بأنّ فلسطين تنتظرُ تحدياتٍ ضخمة

والسؤالُ الذي يؤرقُنَا جميعاً هو كيف نواجه كلّ تلك التطورات الحاصلة والمنتظرة على أرض فلسطين؟ والجواب عند أهل الجهاد يمثلهم الدكتور محمد الهندي».

واستهلّ الهندي كلامه قائلاً: إنّ هذه الصفقة ما هي إلا استكمال لما سبقها من التراجعات، وقال: «ما سمّي صفقة القرن هي تتويج لسلسلة من التراجعات في منظمة التحرير الفلسطينية ولم تأتِ من فراغ، أنا أريد أن أشير إلى التراجع الأول الكبير وهو القبول بالبرنامج المرحلي في 1970، هذا البرنامج المرحلي الذي قبلت به المنظمة والذي اختزل فلسطين التي نعرفها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وأيضاً هو أسقط موضوع الكفاح المسلح والحرب الشعبية التي كانت المنظمة ترفعها وأيضاً بدأ باختلاق مبرّرات من أجل أن يغطي هذا التراجع كانت هذه المبررات أكذوبة ساذجة وبسيطة وهي إقامة السلطة الوطنية في أيّ مكان من أجل ان تكون نقطة انطلاق لتحرير القضية الفلسطينية، هذه كانت مجرد تغطية او تضليل للقبول او للانحراف عن الثورة الشعبية وأنّ الطريق هو البندقية الفلسطينية.

بعد عشرين سنة هذا الانحراف أسلمنا لأوسلو، في أوسلو الضفة الغربية وقطاع غزة أصبحت أراضي متنازع عليها والكفاح المسلح الذي أدرنا ظهرنا إليه في التراجع الأول أصبح إرهاباً وإدانته هو إدانة للقضية الفلسطينية، وأيضاً صاحب هذا التراجع الكبير جملة من الأكاذيب والأضاليل، فبدأنا نسمع أن المقاومة لم تحقق شيئاً والسبيل الوحيد لتحقيق أماني الشعب الفلسطيني هي بالمفاوضات.

إذا في أوسلو تمّ إغلاق كلّ الأبواب وفتحت باب واحد هو الشراكة مع العدو الاسرائيلي، وكما يعرف الجميع هذه الشراكة والمفاوضات تعكس موازين القوة على الأرض، وأصبح الرهان على ما يُسمّى الشرعية الدولية والرأي العام الدولي وحتى الرأي العام الإسرائيلي وأيضاً راهنت على النظام العربي والشرعية العربية وأدارت ظهرها للقوة الحقيقية على الأرض التي هي قوة المقاومة وقوة الوحدة الداخلية وبدأ الانقسام منذ توقيع أوسلو في ظلّ نهج فرّط بالمقاومة (..) في مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاوض معها».

وأضاف: «الآن بعد 25 سنة من المفاوضات أسلمتنا أوسلو إلى صفقة القرن، إذا كانت أوسلو هي تثبيت لإسرائيل الأولى التي قامت على فلسطين المحتلة عام 1948، فإنّ صفقة القرن هي تثبيت لإسرائيل الثانية في الضفة الغربية، وهذه المعركة هي على الضفة الغربية وهذه الـ «إسرائيل» هي «إسرائيل» المستوطنات، بالأمس كان نتنياهو يعلن عن إنشاء مستوطنات جديدة تشطر الضفة الغربية إلى قسمين وتعزل القدس تماماً عن بيت لحم وهذه الخطوة لم تحدث من 1967، هي تطبيق لهذا الاتفاق مع ترامب، هذا هو جوهر صفقة القرن.

واضح أنّ هناك استمرار للتنسيق الأمني وإدارة ظهر للمصالحة الفلسطينية وتمسك بما يُسمّى الرأي العام الدولي و»الإسرائيلي»، السلطة ضدّ الصفقة من الناحية النظرية فقط ذلك لأنّ الصفقة تُهمّشها كونها تعيش على موضوع حلّ الدولتين وهذا أمر قد انتهى.

الواقع العربي اليوم يقبل بالتطبيع والقفز عن القضية الفلسطينية ولا نعلم على ماذا تعتمد السلطة الفلسطينية التي تمارس الخداع والأضاليل، ولا نستبعد خيار الترحيل إذا حانت الفرصة لإسرائيل، أيّ مبرّرات هي محاولة لإضفاء الشرعية على موضوع الاستسلام الكامل لـ «إسرائيل»، من المفترض ان يكون دور منظمة التحرير كفاحي وعدا ذلك فهي تصبح نوعاً من الديكور تُستدعى عن الحاجة لتمرير الصفقات والتنازل».

وتابع: «غزة عقدة بالنسبة للإسرائيليين، بعد 67 حاولت إسرائيل ان تحكم غزة ولم تتمكّن من ذلك، حاولت بعد كامب دايفيد ان تعطيها للسادات ولم يقبلها، وأعطتها للسلطة الفلسطينية في اتفاق غزة وأريحا وبقيت عقدة سياسية ولكنها خرجت من السياق الذي رسمه اتفاق أوسلو، غزة قلعة للمشروع الوطني الفلسطيني وفشلت «إسرائيل» في ردعها أو إفراغها من السلاح (…) وباعتقادي حتى صفقة القرن لن تؤدّي إلى ذلك. وبالنسبة للمعركة الأخيرة يمكن أن نضع لها عنوان «انتصار للكرامة الفلسطينية الوطنية»، والعالم كله رأى صورة الجندي الاسرائيلي كيف يسحل جثة وكأنّ المسيح مصلوب مرة أخرى، حاولت «إسرائيل» أن تلعب على مسألة قوى المقاومة وهذه المرة فشلت وكان هناك تكامل بين قوى المقاومة وتحديداً حركة حماس والجهاد الاسلامي».

وختم: «حسابات العدو اليوم انتخابية ولكن بعد الانتخابات هناك تهديدات جدية مختلة لتنفيذ صفقة القرن، الهدف الحقيقي للمشروع الصهيوني الغربي في المنطقة هو الهيمنة وبالتالي فالصراع هو صراع وجود لا صراع حدود وهناك يكمن الخطر، الكفاح والنضال هو الأصل في مسيرة الشعب الفلسطيني، المعركة هي معركة إرادات والعدو يريد احتلال الإرادة والروح التي حرّرتها المقاومة، وحين نتحدّث عن المقاومة فعنوانها هو الشعب الفلسطيني وإذا تراجع دوره لصالح السلطة سيكون فشل وهذا الفشل سيتمّ استغلاله لنشر روح الإحباط واليأس، المواجهة والمقاومة عنوانها الشعب فقط ضدّ العدو ومن يقبل بالتطبيع معه، المنطقة في مخاض عسير وهناك قوى أساسية تتطوّر في سياق معادي لـ «إسرائيل» ونحن نستخلص العبر ونحافظ على قاعدة الاشتباك مع العدو وتحويل المقاومة الى حالة شعبية ومتصاعدة وخاصة في الضفة الغربية».

«البناء» سألت الهندي على هامش الندوة عن أهمية الوحدة وتحصين المقاومة ضدّ العدو من جهة ومن ينادي بالتطبيع من جهة، فقال: «إسرائيل حاولت في الجولة هذه كما في جولات سابقة ان تزرع بذور الشقاق بين حماس والجهاد الإسلامي في غزة وباعتقادي أنها فشلت في هذا الإطار، وبالأمس كان هناك مهرجان تأبيني للجهاد في غزة وتحدثنا عن أنّ هناك تكاملاً في الدور بين كتائب القسام وبين سرايا القدس وهذه مسألة أكدناها بأنّ المقاومة موقف واحد وبالتالي إسرائيل ستفشل في زرع بذور أيّ خلاف بين فصائل المقاومة».

وفي ما يتصل بالمواقف العملية بعيداً عن الندوات والمواقف المنبرية ومدى فعالية الإعلام في المعركة الوجودية مع العدو قال: «بالطبع الندوات لا تكفي وحدها ولكن إعلان الموقف وفضح المؤامرة المسمّاة صفقة القرن مسألة أساسية ونحن نعرف انّ المسؤولية كبيرة وخاصة على فصائل المقاومة وشعبنا في الضفة الغربية ولكن هذا هو قدرنا ان نتحمّل مسؤولياتنا ونقوم بدورنا ونحن لا نكتفي بإعلان الموقف فقط والدليل المواجهة التي حصلت في غزة منذ يومين، ولا أحد يعرف أين ستذهب الأمور في المرحلة القادمة لكن المقاومة ستقوم بدورها في كلّ الحالات والظروف، وبالتأكيد دور الإعلام مهمّ جداً في معركتنا ولولاه لن أحد سيسمع روايتنا شرط أن يكون صادقاً في نقل الوقائع وفي مشهد السحل الأخير أثبت أنّ هذا الكيان ليس دولة بل هو عبارة عن عصابات قاتلة ضدّ الانسانية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى