الوطن

هل يراهن اللبنانيون على جرأة رئيس الحكومة وقراراته الإنقاذية؟

 

 

} علي بدر الدين

يصارع اللبنانيون حتى طواحين الهواء من أجل الدفاع عن حقهم في حياة حرة وكريمة، ومن أجل البقاء في مواجهة مع غيلان الطبقة السياسية الذين ما زالوا مصرّين على الإمعان في سياسة الفساد والمحاصصة ونهب المال العام غير آبهين بالأخطار التي تلفّ خاصرة الوطن ولا بالفقر الذي استبدّ باللبنانيين الى حدّ الجوع الكافر. وما زالت هذه الطبقة تقامر على طاولة المغانم والمكاسب بنفوذها وفائض قوّتها بهذا الشعب حتى الإذلال الذي يشهده على أبواب الأفران ومحطات المحروقات والمستشفيات والمصارفوالمتاجرة بما تبقى له من لقمة عيش بسيطة ومن القليل من عملته الوطنية التي ادّخرها للأيام السود أو يحصل عليها مقابل تعبه وشقائه. انه تواطؤ مكشوف وعلى عينك يا تاجر بين السلطة السياسية والمصرف المركزي والمصارف والصيارفة للتحكم بسعر صرف الدولار من دون أيّ إجراء أو قرار بكشف المتلاعبين ومحاسبتهم، ولا يكفي رفع سقف المواقف الإعلاميه على ما يحصل ولن يفيد بشيء إذا لم يقترن بخطوات عملية سريعة لوضع حدّ للفلتان في سعر الصرف وإلا فإنّ الأمور تتجه إلى مزيد من الجشع والاحتكار. ليس صحيحاً على الإطلاق انّ سوق العرض والطلب هو الذي يتحكّم بارتفاع سعر الصرف لأنه محكوم بسياسة المصرف المركزي وبعض المصارف وغياب الجهات الرسمية المعنية.

انّ ما يحصل هو صراع على المصالح الخاصة وكيديات سياسية واستعمال الليرة كورقة ضغط من هنا وهناك لتحصيل مكاسب سياسية ومواقع سلطوية باتت معروفة.

انه الصراع الخفي حيناً والعلني أحياناً بين القوى السياسية في داخل السلطة وخارجها يدفع ثمنه المواطن الذي تحوّل بفعل سياسة القهر والإفقار والتجويع الى مجرّد دمى تحرّكها أصابع الطبقة السياسية بالاتجاه الذي تريد بعد ان جمّدت حراكها بالقمع والاعتقال، ولم يكن ينقص سوى اقتحام فيروس كورونا الذي بخطره والخوف منه وازى ما سبقه وساعد هذه الطبقة على ممارسة هوايتها في السجالات والتجاذبات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بل تؤدّي إلى ما يخدم مصالح هذه الطبقة بعيداً عن أعين الناس كالنقاش اليوم حول اليوروبوندز وشدّ الحبال بين فريق معارض لدفع استحقاق الدين وآخر مؤيد، فيما المواطن هو الخاسر الوحيد في هذا الاشتباك المصلحي والنفعي، فالتسديد سيكون حتماً من أموال المودعين في المصارف، وعدمه يعني انّ أموالهم ستبقى في خزائن أصحاب المصارف برعاية المصرف المركزي وينطبق المثل القائلطالع واكل ونازل واكل”… والمواطن جائع.

انّ كرة نار الضغوط والأزمات المتراكمة القائمة والداهمة التي تتقاذفها الطبقة السياسية الحاكمة ورميها في ملعب الحكومة اليتيمة التي عليها أن تتلقفها قبل أن تحرق ما تبقى من هذا البلد الذي يعوّل عليه لمحاولة انطلاقة إنقاذية مع أنه فعل صعب لأنها محاصرة ومراقبة ومستهدفة ومطلوب منها أنتمشي على العجين وما تلخبطوش، ولكن هذا ليس قدراً محتوماً أو حصاراً محكماً وبإمكان رئيس الحكومة فكه إذا أراد وقرّر المواجهة ووضع مصلحة لبنان فوق كلّ المصالح، وهذا يتطلب الإقدام بشجاعة واتخاذ القرارات الإصلاحية التي حان وقتها وقبل فوات الأوان، وبإمكانه قلب الطاولة ومصارحة الشعب الذي سيلاقيه في منتصف الطريق ويقف الى جانبه ويدعمه بانتفاضته الحكومية الوطنية بامتياز عله يحدث الصدمة الإيجابية التي لطالما انتظرها اللبنانيون المنتفضون على الطبقة السياسية وحيتان المال.

إنها نصيحة للتاريخ، مع أنه دونها صعوبات وتعقيدات وقد ينتظرها الفشل بسبب قوة القوى السياسية التي ترفض الإصلاح والاستقرار السياسي لأنّ مصالحها لا تتحقق إلا في ظلّ الفلتان والفوضى وبؤر الفساد ولكن الاستمرار بالمعالجات السطحية وبالتراضي والمجاملات وتبويس اللحى وتبادل المصالح وتوزيع الحصص وفق الطريقة المعهودة ستؤدّي حكماً الى الانهيار الكلي والوقت ليس في صالح الحكومة المؤتمنة على الوطن والناس لأنهم وحدهم سيدفعون الثمن الباهظ. انّ على رئيس الحكومة ألا يستعجل القيام بجولته العربية ويترك لبنان في حال التأزّم الشديد والشعب يعاني ويتألم بعد ان ضيّقت الطبقة السياسية الخناق عليه وأمام لبنان استحقاقات مالية وديون وتشكيلات قضائية وتعيينات إدارية وانهيارات مفزعة للعملة الوطنية وانّ أموال المودعين في خطر. والأهمّ من ذلك ما هي الفائدة المرجوة بهذا التوقيت من الجولة خاصة أنّ الدول المقصودة أعلنت موقفها إتجاه لبنان ومساعدته، السعودية رحبت برئيس الحكومة كمعتمر وقطر تراجعت عن المساعدة المالية والدول الأخرى فيها ما يكفيها.

الحلّ يا دولة الرئيس موجود في لبنان ويكفي أن تتخذ القرارات المناسبة لاستعادة الأموال المنهوبة أو جزء منها على الأقلّ، وهي تكفي لسداد الديون ويفيض عنها قد تأخذ وقتاً أفضل بكثير من هذا الوقت القاتل حيث ضاع الحلم بالوطن الذي يريده مواطنه.

انه استنزاف للدولة والشعب لن يؤدّي إلا الى الهلاك المحتوم. اضرب الحديد وهو حام وستكون بحمى الله وشعبك وضميرك. فهل يمكن للشعب ان يراهن على جرأتك باتخاذ قرار الإنقاذ او يوكل أمره لله ويقول حسبي الله ونعم الوكيل بهذه الطبقة السياسية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى