مانشيت

لبنان برقم 39 في عدد الإصابات والـ 17 في الوفيّات بكورونا… والـ 19 بالنسبة للسكان / القاضيان عويدات وإبراهيم لتنظيم مؤقت للسحوبات والتحويلات من المصارف / الحكومة تستعدّ لإطلاق رؤيتها الاقتصاديّة والماليّة… بعد حسم سعر الصرف /

كتب المحرّر السياسيّ

مع أولى الوفيات بفيروس كورونا وبلوغ عدد الإصابات رقم 52، دخل لبنان جدياً النادي الحرج للدول التي تعاني من مواجهة فيروس كورونا، الذي تعيش تحت وطأته 117 دولة في العالم تجمع الدول الأشد تقدماً كأميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان وسواها، مع الدول الضعيفة والنامية التي ينتمي إليها لبنان، وما بينهما من دول في منتصف اللائحة كالسويد والنروج والدنمارك وأستراليا وكوريا الجنوبية، ووفقاً للجدول الذي يظهر حال انتشار الفيروس عبر العالم، مساء أمس، وبالرغم من أن لبنان يحتل المرتبة الـ 39 من حيث عدد الإصابات، تتقدّمه بالإضافة للصين وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا، أغلب الدول الأوروبيّة، ويقع خارج الدائرة الحرجة التي تضم وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية بالتسلسل، الصين وإيطاليا وإيران وكوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا وأميركا، فإن لبنان سجل مكانة الدولة السابعة عشرة من حيث عدد الوفيات، والمرتبة التاسعة عشرة من زاوية نسبة المصابين إلى عدد السكان، وفي المجالين بقيت تتقدّمه الدول المصنّفة عظمى وكبرى ومتقدمة. وهذا يعني أن على لبنان أن يأخذ على محمل الجدّ تقدّمه صعوداً في اللائحة التي كان في أسفلها، من دون الوقوع في التصنيفات الخاطئة، حيث الإجراءات الحكومية تنقصها حالة وعي شعبي ومشاركة أهلية للاستنفار الوطني بالوعي والوقاية، تشترك فيها المرجعيات الدينية والسياسية والمعنوية، بعيداً عن سعي البعض للتلهي بتسجيل النقاط السياسية والإعلامية عبر التصيّد الرخيص.

ملف المسؤولية الحكومية عن توفير الاحتياجات اللازمة طبياً كان على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي اتخذ قراراً بالطلب إلى مصرف لبنان تأمين الأموال اللازمة لاستيراد كل ما تحتاجه المواجهة الوقائية والعلاجية مع الفيروس المستجدّ، بينما جرى تدقيق الإجراءات الوقائية المتعلقة بالسفر والتعليم والمؤسسات السياحية.

على الصعيد المالي لاقى القرار القضائي المزدوج للمدعي العام غسان عويدات والمدعي العام المالي علي إبراهيم بالتوافق مع المصارف على إجراءات مؤقتة تنظم عمليات السحب والتحويلات الى الخارج، ريثما تعدّ الحكومة مشروع قانون بهذا الخصوص، ارتياحاً عاماً وأوحى بأن التعامل القضائي مع المصارف، يجمع المسؤولية القضائية والوطنية، وأن ما قاله مدّعي عام التمييز في قرار تجميد قرار المدعي العام المالي بمنع التصرّف بأصول المصارف ومدرائها، حول الدرس، كان صحيحاً كما كان صحيحاً كلام المدعي العام المالي عن أن الهدف هو صيانة مصالح المودعين، بحيث لم يتم صرف النظر عن الملف وترك المصارف تضحك في سرّها وتفرح بتحقيق انتصار يؤكد مرة جديدة أنها محميّة لا يجرؤ أحد على المساس بها، بل حدث العكس فقد شعر المواطنون أن هناك قضاء يوفر لهم حماية الحد الأدنى ويحافظ على حقوقهم.

بانتظار أن تنهي الحكومة ملف سعر الصرف قبل نهاية الأسبوع، في اجتماعات ستشهدها السراي الحكومي تجمع مصرف لبنان ونقابة الصيارفة، تواصل اللجان الحكومية مع المستشارين متابعة تحضير الأوراق التفاوضية وتفاصيلها حول هيكلة الدين، بالتوازي مع وضع اللمسات الأخيرة على عناوين خطة النهوض الاقتصادي، ورسم الخطوط الرئيسيّة لخطة هيكلة المصارف التي ستبقى مؤجلة لرؤية نتائج هيكلة الدين على المصارف.

يزداد الهلع والخوف بين اللبنانيين مع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا إلى 52 وإعلان وزارة الصحة عن أول وفاة لمصاب بفيروس كورونا آتٍ من مصر والذي كان في مستشفى المعونات في جبيل قبل نقله إلى مستشفى رفيق الحريري، وسط دعوات إلى ضرورة إعلان خطة طوارئ صحيّة من شأنها أن تحدّ من انتشار هذا الفيروس، ولعل الصين بحسب المتابعين خير دليل على ذلك فهي باتت قريبة من إعلان السيطرة على كورونا بفعل التزام سكان ووهان بالإجراءات التي اتخذتها السلطات على عكس لبنان الذي تأخر في اتخاذ التدابير المتصلة بالرحلات من الدول التي تشهد انتشار الفيروس كذلك بإقفال المقاهي والنوادي الرياضية وغيرها من الأماكن التي يرتادها اللبنانيون الذين بمعظمهم لم يلتزم توجيهات وزارة الصحة، علماً أن الأوان لم يفت بعد.

وبحسب مصادر وزارية لـ«البناء»، أخذ تفشي وباء كورونا في لبنان الحيز الأكبر من النقاش في مجلس الوزراء أمس، لا سيما ما يتصل بموضوع الطيران وتكثيف الإجراءات، خصوصاً لجهة الحجر الصحي وتخصيص أجنحة خاصة في المستشفيات الحكومية، وعرض وزير الصحة حمد حسن للوضع بكل تفاصيله، مبدياً تخوّفه من ارتفاع عدد المصابين، كاشفاً أنه في صدد تحضير أماكن جديدة في كل المناطق. وفي هذا المجال شدّد الوزراء على ضرورة منع التجمّعات، والتشدّد بالإجراءات وزيادتها على الحدود اللبنانية. وقرّر مجلس الوزراء تحرير 3 ملايين دولار من قرض البنك الدولي لشراء المعدات الطارئة للمستشفيات.

 حكومياً، أنهى مجلس الوزراء اجتماعه أمس، بإعادة التاكيد مجدداً على حساسية الوضع الاقتصادي والنقدي الذي يمرّ به لبنان، خصوصاً بعد إعلان الحكومة عدم دفع استحقاق سندات اليوروبوند لشهر آذار. فرئيس الحكومة حسان دياب، وصف مؤشرات العام 2020، بأنها سيئة، لكنه قال إنه برغم ذلك، هناك سعي لتحقيق «فائض أولي معقول وستبقى الأجور تحت السيطرة».

ودرس مجلس الوزراء عناوين الخطة الإصلاحية ومنها «خفض الإنفاق واستعادة الأموال المنهوبة، وإعادة النظر في الرسوم الجمركية، وتطبيق قوانين مكافحة الفساد، ومعالجة مشاكل المياه والكهرباء، وإطلاق الإصلاحات على المؤسسات العامة وغيرها». وفي السياق ناقش المجتمعون عمل اللجان المكلفة بإعداد الخطة الإنقاذية، التي ستجتمع لإنجاز الخطة الإصلاحية قبل انتهاء المهلة المحدّدة. ورجحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن تكون الخطة الإنقاذية جاهزة خلال شهرين، على أن يبدأ تنفيذها بعد ذلك في مهلة لا تتجاوز عشرة أشهر.

وقال الرئيس عون: بالتزامن مع المفاوضات مع حاملي السندات على الحكومة وضع خطة لإعادة هيكلة الديون وخطط لإعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان.

وغداة قرار الدولة عدم دفع استحقاقات يوروبوندز، بحث مجلس الوزراء، الذي يلتئم مجدداً غداً الخميس في جلسة عادية، في مستجدات الوضعين المالي والنقدي، وأفيد بأن المفاوضات مع الدائنين لما تبدأ بعد، وشهدت الجلسة بحسب مصادر وزارية لـ«البناء» نقاشاً حول عدم تسديد استحقاق اليوروبوندز الذي اتخذ يوم السبت الفائت، وضرورة العمل على وضع اللبنانيين بصورة واضحة في ظلّ ما يجري، خاصة أنه سيُصار أيضاً الى متابعة هذه الإجراءات مع الشركتين الاستشاريتين المالية لازارد والقانونية كليري غوتليب ستين اند هاملتون تمهيداً للتفاوض مع الجهات الدائنة أو ممثليهم. ولفتت المصادر الى ان مجلس الوزراء لم يبحث أي نوع من الـhaircut او الـ capital control، علماً أن المعطيات نقلاً عن مصادر مطلعة تشير إلى أن البنك الدولي اقترح إعادة الهيكلة بنسبة 50 في المئة فيما لبنان لا يريد دفع أكثر من 25 في المئة.

وأكدت نائبة رئيس وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إليسا باريسي كابوني، أن تخلّف لبنان عن سداد استحقاق سندات اليوروبوند لشهر آذار، سيكون له «تأثير سلبي كبير على الصحة المالية للبنوك، وسيقوّض الاقتصاد».

وحذّرت الوكالة من أن الدائنين من القطاع الخاص واجهوا خسائر كبيرة نتيجة قرار الحكومة تأجيل سداد السندات. وأشارت إلى أن احتياطيات النقد الأجنبيّ القابلة للاستخدام «قد تقلّصت إلى ما بين 5 مليارات و10 مليارات دولار». وهذا التقلّص «يعني أن الضغط على الليرة اللبنانية شديد، وسيؤدي إلى تغيّر مفاجئ وكبير محتمل في سعر الصرف».

وسط هذه الأجواء، لم تعرض التشكيلات القضائية خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، لغياب وزيرة العدل ماري كلود نجم، علماً ان المعطيات تشير الى ان نجم سوف تعيد هذه التشكيلات الى مجلس القضاء الأعلى الذي أكد رئيسه القاضي سهيل عبود «اننا بدأنا مشروع القضاء المستقل عبر تشكيلات قضائية من إنتاج مجلس القضاء الأعلى ومن دون أي تدخل سياسي أو غير سياسي»، مشيراً الى «ان أيا من السياسيين لم يتصل به ولم يطلب شيئاً»، موضحاً في الوقت نفسه أنه «متفق مع وزيرة العدل على تطبيق القانون، وأنه يحق لها ان تدرس التشكيلات وتبدي ملاحظاتها عليها اذا كانت لديها ملاحظات». وجزم القاضي عبود أن «التشكيلات القضائية ستشكل خطوة نوعية وأساسيّة على طريق الوصول إلى قضاء مستقل في لبنان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى