ثقافة وفنون

«البيت العربي في فيينا« يكرّم وريثات فتنة خالقهن

 

} طلال مرتضى*

الله الذي وضع كل ممكنات حضوره بنا وهو المنزّه من إثم خطايانا، لم يرثها فقط روحه السامية بل وضع رياضنا المنشودة كلّها ولرفعتها الحاضرة في الحواس تحت قدميها لا لأجل أن نرضخ رضوخ الأذلاء بل لنقوم معاً لنصنع لنا عروجاً تالياً نحو عليائنا الضال ولننتشل من فوق تراب قدميها عنقاء أرواحنا التي تاهت سواء سبيلها..

تلك الكلمات ليست مقدّمة لنشيد اجترعته على حين لحظة صفاء سريرة، إنما هي الفاتحة التي أتلوها كل مطلع ضوء مسبّحاً بآلاء من كانت سبباً أزليّاً لفكرة الحياة والحياة تلك في قواميسي قصة أخرى اختصرتها الجغرافية لتكون نقطة علام تدلّ التائهين إلى منارات السمو التي غيّبتنا عنها جهات الحياة في مغزى مخبوء يتلمّس أسئلة الخبز والأمان ككناية للاستمرار. فالأمان بعينه ليس الملاذ الآمن الذي نلوذه على حين خطر أو حر وبرد وليس بالمدلول المقروء كل صباح على صدر كبريات الصحف التي تناهض لوثة الحروب، الأمان كذبة غير موجودة حتى في المعاجم والأساطير والأمان الذي أدور أنا حول فكرته لا يشبه أمانهم هم. الأمان الذي أعنيه أنثى، أنثى كاملة وكامنة، غيداء مثل فكرة مجنونة تلتف حولها كل هالات الضوء لتنفرج عن لمتها شمس جديدة لا تشبه أي شمس.

نساء الله الفاعلات على أرضه، وريثات حضوره بقدس أرواحنا اليوم كسرنا كلّ القيود التي اصطنعها ما يكنى بذكر من حدود ومن جوازات سفر ومن بلدان وأمصار ومن أثنيات وأعراق وطوائف وملل وألسن.

أقامالبيت العربي النمساوي للثقافة والفنون« أمسية خصّ بها المرأة العربية، في صالته في فيينا، تخللها جوّ فني موسيقي عربي بامتياز.

تلك هي الأرض والحياة، امرأة، أنثى لا حدود لها استطاعالبيت العربي النمساوي« وحده وفي ليلتها أن يجمعهن بروحه في يوم عيدها العالمي، حيث أقام لقاء احتفائياً تجلى على شكل أمسية أدبية فنية مكثفة أشي بأنها تشبه في الحضور ليال أنس فيينا الغابرة.

الفعالية أشتغلت على توليفتهاسيدات البيت العربي« حيث أولمن ما تيسر من زاد وسمن أصابعهن ليستقيم خطّ الكلام بالفنّ التشكيلي والكلمة والموسيقى والغناء بالتفاف حول بعضها بعضاً لتكتمل آطر الحكاية..

مها سعد الدين حاضنة سيدات البيت، تحدثت عن المناسبة كما محمد عزام رئيس البيت العربي الذي رحّب بدوره بالحضور وليلى قدّمت نبذة عن العيد ليصار إلى تقديم الدكتورة إشراقة مصطفى حامد رئيس اللجنة الأدبية لتقرأ عدداً من النصوص النثرية والتي اخترت لكم منها: الشجرة.. النهر.. المحطات..

«وسائدُ الفندق المعتّق ببساتين النبيذ

صفيرُ القطارات والغيمةُ التي أمطرت حين

غاصت أصابعك

في شجني..

أغنيات أول الليل.. رقصات الفجر الناعسة

الدروب الملتوية ثعبان حنين

كل هذه الكائنات تشهد على ما طال تلك«.

«البلاد من خراب

أو تسال لماذا تأخرت قيامة الثورات وأنت تدسُّ

بيان عشقنا الأول في جيب اليباب فادحاً في السرية وأنا

أنا نبتةٌ تزهرُ فقط مع هتافات الضوء ومهرجانات

الشارع العام

الكاتبة لوريس فرح قدّمت قصة قصيرة بعنوانشال أبيض وملائكة« تحدثت عن معاناة الأنثى في مجتمع ضارب حدّ القاع في تفعيل حكاية التقاليد والأعراف. والشاعرة وئام فتال قرأت من نثير قلبها عدداً من النصوص اخترت منها:

«حملتني

في بطنها تسعة أشهرٍ

ولما أنجبتني

ما طابَ لها الكلامُ

إنها بنتٌ

والبنتُ في شرعِ السفافِ حرامُ

مضيتُ برهافتي إثرِ الظلمات

أتقصّى النور

أنفضُ عني غُبارَ

الخليقةِ

نثرةً تلوَ الأُخرى

سكنَتْ مستعمراتُ الحنظلِ

صدري

تلسعُ النقاءَ

وفي أوجِ المرار

زعموا بأني قطعةُ حلوى!

حفروا على ظهري

أنثى لا تحملُ الأنسابَ

قلتُ: مهلاً

لستُ أنا من تنمو في ارتيابٍ

حتى ولو حاصرتم فمي

كمّمتموهُ

لي بنانٌ ترضخُ

لرقصها مفاتنُ اللغات

شرقيةٌ أنا

علَت على كتفي مدنٌ

وقبائلُ وهوت بكيدي

عظائمُ وعمائمُ

أنا الشرقيّةُ

أبدعَ في العناد

دمي

عطفاً على مقلٍ

كالمساميرِ تدقني لوحةً

عرضَ الجدارِ

أنا الأسطرلابيةُ

حين تاهت

عن اقتفاءِ الأثرِ

جندُ القفار

معماريةٌ نصبتُ

في كلِ قارةٍ وتداً

لعربيٍ شريدٍ

كلما سألَ لمن هذا الصرحُ

المجيد؟ُ

أجابوا:

إنهازها حديدْ»

والفنُّ مُذ جُبلَ طيني الأول

محمومٌ في سترتي

يسترُ عيبَ

الخلائق في نغَمي

شرقيةٌ

في كلِ العلوم لي بصمةُ

إبهامٍ

وفي طوابيرِ العقلاءِ

تصطفُّ آياتي والحبُّ

فيَّ رديفُ

الفكرةِ إذا نضجت

تأبى

سيولي التدفقَ

بغير شريكٍ

شرقيةٌأنا

في لبِّ الكون

أغلي

وتغلي بداخلي حكاياً

نساءٍ ضربنَ

بنخلهنَّ عرضَ السماء.

فصاروا في الورى

عِلةَ الجمالِ

وسُنةَ التكوين».

الفنان ياسر الشيخ وعازف الطار ناشا أديب دوست أشعلا معاً أوار الأمسية التي دارت رحى الأكف لها تصفيقا وترديداً بدءاًومن الشباك لارميلك حالي« وصولاً إلىفوق النخل« وانتهاء عندلكتب ع أوراق الشجر«.

جدران الصالة هي الأخرى تراقصت فرحة بالعيد، حيث ازدانت باللوحات الفنية التي شاركت بها فنانات حللن ضيفات على البيت من كل أصقاع الأرض ومنهن: آنا ياكت بادير و جابريلي سيمس وسيلفا جوينوفا ومهاتاب باهدوراني ونورا الكوردي والعربيات إيمان حسين وسوسن ديكو ومؤمنة الدوامنة.

الجدير بالذكر أن كل المشاركات في الفعالية لبسن أزياء شعبية تمثل بلد كل واحدة منهن.

*كاتب عربي/ فيينا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى