الوطن

معركتنا ضدّ «كورونا» تحتاج إلى التعاون والتكاتف والجميع مطالَب بتحمّل المسؤولية نصرالله: نقبل مساعدات مشروطة للبنان لا تتنافى مع الدستور والسيادة والمصلحة الوطنية

أ كد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه يجب أن نشعر أننا في معركة ضدّ عدو اسمه «كورونا» ويجب أن نخوض هذه المعركة، معتبراً «أنّنا نحتاج في هذه المعركة إلى التعاون والتكاتف، وأن نخوض المعركة بروح إنسانيّة ووطنيّة» ورأى أن هذه المعركة ليست لتصفية الحسابات ولا للتسييس ولا لتسجيل النقاط. وأكد أن الحزب يقبل بمساعدات مشروطة للبنان لكن لا تتنافى مع الدستور اللبناني ولا تمس السيادة اللبنانية ولا تتنافى مع المصلحة الوطنية اللبنانية.

 جاء ذلك في كلمة متلفزة للسيد نصرالله مساء أمس، وصف فيها فيروس «كورونا» بأنه تطور هائل وكبير، وقال «يجب أن نعتبر أنفسنا في خضم معركة، وهذه ليست معركة في بلد بل حرب عالميّة ومعركة عالميّة تخوضها دول وشعوب العالم، وتشكّل أولويّة عمل الحكومات واهتمام الشعوب».

عدو مجهول

وأوضح أنّ «في هذه المعركة عدواً ومستهدفين، وعلى المستهدفين مواجهة العدو في أي معركة كما نستفيد من تجربةالمقاومةوكلّ تجارب الحروب، والعدو يجب أن يكون شخصاً واضحاً. المشكلة أنّ فيروس كورونا المستجد بالنسبة للعالم ما زال عنصراً مجهولاً في أغلب جوانبه، وإلى الآن يتمّ تحليله للوصول إلى علاج أو لقاح». وبيّن أنّ «هذا العدو لا يزال في خصوصيّاته مجهولاً وتهديده واسع ويطال حياة الناس».

وأشار إلى أنّحدود تهديد الفيروس لا تقف عند قرية أو مدينة أو دولة أو قارة، إنّما كلّالكرة الأرضية، ولا تقف عند حدود العدو، مشدّداً علىوجوب أن نعرف العدو على حقيقته وحقيقة تهديده، لنواجه لا لنستسلم ولنصاب بالخوف والهلع. الأخطر في هذا التهديد ليس فقط تهديده للاقتصاد أو تعطيلالعام الدراسي، بل تهديد للحياة. العام الدراسي يمكن تعويضه والتراجع الإقتصادي كذلك، أمّا الّذين نخسرهم فهؤلاء غادروا».

ورأى أنّفي مقابل هذا العدو والتهديد، القرار يجب أن يكون بالمواجهة. هذا العدو تحوّل إلى وباء عالمي، والخيار ليس الإستسلام أو الإحساس بالهزيمة والعجز، وإنّما يجب أن يكون القرار المواجهة والمقاومة وخوض المعركة وتحمّل المسؤوليّة بروحيّة من يريد أن ينتصر”. وأشار إلىأنّنا عندما نتحدّث عن المسؤوليّة، فهي يجب أن تكون عامة وشاملة. المسؤوليّة فيلبنانتتوجّه إلى كلّ الدولة، الرؤساء والحكومةبكلّ وزاراتها وليست فقطوزارة الصحة العامة، القضاء،مجلس النواب،الجيش اللبناني،القوى الأمنية،البلدياتوكل ما ينتسب إلى الدولة من قطاعات يجب أن يحمل المسؤوليّة”.

وأكّد أنّالشعب يجب أن يتحمّل المسؤوليّة، الموجودون على الأراضي من غير اللبنانيين أي اللاجئون والنازحونوالمقيمون من غير جنسيات. كلّ من هو موجود فعلاً هو شريك في المواجهة، ويجب أن يتحمّل المسؤوليّة بمقدار ما يتصل به. الكل مطلوب منهم مهام معيّنة”. ولفت إلى أنّهذه المعركة أشمل وتحتاج إلى جهد كلّ فرد في تحمّل المسؤوليّة، وقد تختلف عن المعركة العسكريّة أو السياسيّة، هنا الكل مسؤول”. وشرح أنّبطبيعة الحال في مقدّم هذه الجبهة مثلما في المعركة العسكريّة، يكون الجيش والقوى الأمنية، في المعركة السياسيّة يكون الزعماء السياسيون. هنا وزارة الصحة وبعض الوزرات والمستشفيات الحكومية والخاصة والأطباء والممرضون، وكلّ ما يتّصل بالعمل الصحي والتمريضي هو في الخط الأمامي، ويجب أن ننظر إليهم على أنّهم ضباط الخط الأمامي».

وتابعبانتظار أن يكتشف العالم علاجاً لهذا الوباء، هدف المعركة يجب أن يكون منع الإنتشار والحد من الخسائر البشرية كحدّ أدنى. كلّ ما له قيمة دون الحياة الإنسانيّة يمكن أن نجد تعويضاً له، لافتاً إلى أنّالأولويّة للحفاظ على الناس وعلى بقائهم على قيد الحياة. الشق الأول منع الإنتشار قدر الإمكان، والشق الثاني هو معالجة الحالات المصابة».

وقالصحيح أنّه لا يوجد دواء ولكن يمكن معالجة الحالات المصابة، وهذا الهدف قابل للتحقّق من خلال معالجات وتدابير وإجراءات، الّتي إن قام بها الأفراد والعائلات والشعوب، فيمكن منع الإنتشار أو الحد منه بدرجة كبيرة. التجربة الصينية وبعد نتائجها المعلنة تؤكّد ذلك».

وأضاففي الشق الثاني وهو معالجة وشفاء الحالات، فأصحاب الإختصاص يؤكّدون أنّ نسبة الشفاء عالية وعملياً لدينا عشرات الآلاف من الّذين تماثلوا للشفاء في الصين وإيران وفي أماكن أُخرى من العالم. إذاً الهدف الّذي نحدّده واقعي وعملي وممكن التحقق، وهو يحتاج إلى قرار وإرادة والصبر والتنفيذ والدقة في المتابعة وتحمّل المسؤوليّة”. ولفت إلى أنّفي إطار هذه المعركة الّتي هي جزء من الحرب العالمية، الأمر الأوّل أنّنا نحتاج إلى التعاون والتكاتف، وأن نخوض المعركة بروح إنسانيّة ووطنيّة، يجب أن يتعاون أهل البلد والدولة والحكومة والشعب وسائل الإعلام وشبكات التواصل في هذه المعركة، وأن تكون الروح الحاكمة إيجابيّة. السلبيّة تؤدّي إلى المزيد من الخسائر وتعبّر عن إنحطاط أخلاقي. المطلوب روح التعاون وأن نتصرّف بكامل المسؤوليّة».

الشماتة إنحطاط أخلاقي

ورأى أن هذه المعركة ليست لتصفية الحسابات ولا للتسييس ولا لتسجيل النقاط، وأن استمرار السجال لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من الحقد والضغينة بين الناس، مشيراً إلى أن الانتقاد الإيجابي مطلوب لكن الشماتة والسلبية تعبران عن انحطاط أخلاقي».

وشدّد على أنّ «لا مانع أن ينتقد أي منتقد، لكن يجب الإبتعاد عن أي لغة تثير الأحقاد. نحن أمام معركة إنسانية بالكامل، وتأكيد المسؤوليّة الإنسانيّة والأخلاقيّة في هذه المواجهة، وما أريد أن أضيفه هو المسؤوليّة الشرعيّة الدينيّة». ورأى أنّ «الواجب الحفاظ على نفسك وحياتك وسلامتك وعائلتك وسلامة الناس من حولك. هذا واجب ديني آلهي شرعي». وقال «نحتاج إلى الشفافيّة والصدق، وأي شخص في لبنان يشعر أنّه أصيب بهذا الفيروس أو ظهرت عليه العوارض يجب أن يكون صادقاً وأن يكشف عن الأمر للجهات المعنية ويذهب إلى المستشفى ويخضع للفحص وإلى الحجر الصحي المنزلي. هذا ليس أمراً مستحبًّا بل واجب عقلي وأخلاقي وديني وشرعي. التستر على هذا الأمر معصية لأنّه يؤدي إلى القتل».

وأكد أن «وزارة الصحة العامة منذ اليوم الأوّل كانت شفّافة، وكلّ ما قيل عن وجود حالات تمّ التستر عليها من قبل وزارة الصحة أو حزب الله غير صحيح، وهو كذب وإفتراء».

وأشار إلى أنه «تبيّن في معركة «كورونا» أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو أكبر كاذب في الكرة الأرضية، حيث لديه مصيبة كبرى، إذ أنه في الوقت الذي كان يهوّن قضية الفيروس خرج حاكم أوهايو ليقول إنّ لديه في الولاية مئة ألف مصاب».

وطالب السيد نصر الله الناس باعتبار أنهم في حالة حرب، وأن يمتنعوا عن الاجتماعات واللقاءات والنشاطات، متمنياً تخفيف الواجبات على الناس في ما يخصّ العزاء والاقتصار بالحدّ الأدنى من التشييع الممكن إلى حين عبور هذه المرحلة والتي تتوجّب ترتيب الأمور تحسّباً لأصعب الاحتمالات.

وتوجه إلى الطواقم الطبية التي تعمل في مكافحة «كورونا» بالشكر، مؤكداً ضرورة دعمهم مادياً ومعنوياً نظراً لخطورة ما يقومون به. وأنه يجب اعتبار أي فرد يشارك في مكافحة الفيروس شهيداً في حال وفاته خلال أداء واجبه. وأعلن أنّ حزب الله يضع كلّ إمكانياته في تصرف الحكومة ووزارة الصحة، مؤكداً أنه يجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وإعطاء الأولوية المطلقة لهذه المعركة.

ولفت إلى «ضرورة التكافل الاجتماعي لمنع أيّ خلل في الأمن الاجتماعي، إذ على المصارف والميسورين المساهمة وتحمّل المسؤولية في هذه المعركة».  وانتقد  الشائعات والأخبار الزائفة، مشيراً إلى أنّ نشر الهلع والوهن والضعف بين الناس هو جريمة.

المطلوب خطة تشاركية

على صعيد آخر،  نفى السيد نصر الله أن يكون حزب الله قد تقدّم من الحكومة اللبنانية بأيّ خطة، مؤكداً أنّ المطلوب اليوم هو خطة تشاركية والجميع مسؤول عن ذلك.

وشدّد على أنّ «حزب الله لا يمانع أن تتلقى الحكومة نصائح واستشارات من أيّ جهة في العالم»، وقال «أي جهة تريد أن تقدّم مساعدة غير مشروطة وضمن الضوابط السياسية التي تعتمدها الدولة نحن لا نمانع ذلك».

وأضافحزب الله يقبل بمساعدات مشروطة لكن لا تتنافى مع الدستور اللبناني ولا تمسّ السيادة اللبنانية ولا تتنافى مع المصلحة الوطنية اللبنانية، مشيراً إلىأنّ المثال على الشروط المرفوضة هو رفع الضريبة على القيمة المضافة أو توطين اللاجئين الفلسطينيين واللذان يعدّان شرطين لا يصبّان في إطار المصلحة الوطنية”.

وشدّد علىأن الشروط المرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء والشفافية هي شروط ممتازة وقد طالب بها حزب الله مسبقاً”.

وجدّد دعوته إلى المصارف للمساهمة في منع الانهيار، مطالباً إياهم بالذهاب إلى رئيس الحكومة لتقديم مساعدة للدولة اللبنانية لمعالجة الأوضاع الصحية والاقتصادية، معتبراً أنّالإستحقاق الحقيقي أمام لبنان ليس الاحتلال بل الوضع المالي والاقتصادي، وجماعة المصارف يجب أن تبادر وأن يكونوا أصحاب مسؤوليّة وطنيّة وإحساس إنساني».

وأدانالعدوان الأميركي على معسكرات ومواقع ومنشآت مدنية للجيش العراقي وللحشد الشعبي، وقالما قاموا به اجتياح لسيادة العراق. الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأميركي بدأت تلاقي الأجوبة المناسبة وستلاقي الأجوبة المناسبة من الشعب والحكومة والاحزاب العراقية”.

 

علينا مقاومة «كورونا» والمسؤولية يجب أن تكون عامّة وشاملة

***

ترامب لديه مصيبة في أميركا إذ في أوهايو مئة ألف مصاب

***

الشروط المرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد
واستقلالية القضاء والشفافية ممتازة

***

لتساعد المصارف الدولة
في معالجة الأوضاع الصحية والاقتصادية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى