مانشيت

لبنان يحفظ مرتبته بين الدول القادرة على احتواء كورونا بنسبة دون المعدّل الوسطيّ للإصابات/ فضيحة تهريب العميل الفاخوري تهزّ القضاء والحكومة والمؤسسة العسكريّة… والبلد/ المصارف تتحدّى الحكومة… وبوادر مشروع فوضى من رومية إلى عودة قطع الطرق /

كتب المحرّر السياسيّ 

في اليوم الأول للعمل في ظل التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة، تفجّرت قضايا من العيار الثقيل خطفت الأضواء عن فيروس كورونا، ومتابعته، فلم ينتبه اللبنانيون على وقع الفضائح والأخبار المتفجّرة، إلى أنهم نجحوا بالحفاظ على مرتبة لبنان بين الدول القادرة على احتواء الفيروس بالحفاظ على نسبة إصابات من كل مليون نسمة تحت الحدّ الأدنى المسجل عالمياً وهو ليوم أمس، 23,3 بينما النسبة في لبنان بلغت ليلاً، 17,4 بعدما أعلن وزير الصحة عن بلوغ عدد الإصابات 120 إصابة، وبقي لبنان في المرتبة ذاتها التي سجلها أول أمس، من حيث ترتيبه بين الدول من حيث حجم الإصابات، فسجل الرقم 47 ومن حيث النسبة المئوية محتفظاً بالرقم 33.

لكن كورونا صار خبراً تفصيلياً ليل أمس، حيث شهد لبنان أكبر فضيحة قضائيّة معاصرة تمثلت بخطة مدبّرة لتهريب جزار الخيام العميل عامر الفاخوري الذي يطلب الأميركيون بإلحاح الإفراج عنه، فأقرّت المحكمة العسكرية سحب الملاحقات بحقه، لتقوم السفارة الأميركية بتسلّمه ليلاً ونقله كما يعتقد إلى مقر السفارة، وربما لنقله فوراً إلى قبرص ليصير خارج دائرة أي خطر ملاحقة، والحدث الصادم كان فوق طاقة اللبنانيين على الاستيعاب، فالسؤال الكبير كان، كيف يمكن لقضاة في المحكمة العسكريّة، لكل منهم لونه السياسي والطائفي أن يقروا بالإجماع وقف الملاحقة عن الفاخوري باستفاقة مفاجئة في يوم عطلة على الأخذ بذريعة مرور الزمن، ما ومَن وراء هذه العجلة؟ والسؤال الأهم، هل الأمر تمّ بدون غطاء سياسيّ، ومن أي جهات، ولأي مدى ثمة متورطين سياسيين من الصف السياسي الأول ومَن هم؟ وهل هناك تورط يطال بعض المؤسسة العسكرية، وعبر مَن قام الأميركيون بخياطة هذه الحبكة وإبقائها سراً حتى تمريرها؟ وهي بلا شك صفعة معنوية للمقاومة وبيئتها،

(التتمة ص8)

التي ظنّ كثيرون أنها بصورة ما جرى ومشاركة فيه ضمن صفقة تتصل بمصير موقوفين لبنانيين في واشنطن وباريس، وربما كشف مصير مفقودين لدى كيان الاحتلال، لكن مصادر في حزب الله وعلى صلة بالملف نفت نفياً قاطعاً أن يكون لديها علم بما تمّ بصورة تختلف عما عرفه سائر اللبنانيين، وعبرت عن صدمتها للفضيحة ومدى وقاحة مَن تورّط بها، مستبعدة أن يكون ثمّة تورّط سياسي أبعد من قضاة المحكمة العسكرية، متوقعة أن يترتب على الموقف الشعبي وردة الفعل التي ستنجم عن الفضيحة تردّدات يصعب ضبطها، فيما رأت مصادر متابعة سياسياً أن الذي جرى فيه كمية من التجرؤ على التعامل مع المقاومة وبيئتها بطريقة غير مسبوقة منذ عقود، متوقعة موقفاً شديداً من حزب الله ومراجعة لمسارات كثيرة في الملفات الأمنيّة والقضائيّة، وما يدور حولها في السياسة، ورسائل شديدة القسوة نحو كل من تحوم حوله شبهات التورّط في هذا التجرؤ الذي يتخطّى حدود قضية جزار الخيام على أهميتها ليطال مكانة المقاومة المعنوية ومحرّماتها، والتجرؤ على معنويات شهدائها وجمهورها بطريقة لم يشهدها لبنان منذ اتفاق الطائف.

الفضيحة الصادمة لم تكن يتيمة، فقد توالت مجموعة من الأحداث التي رأت فيها مصادر سياسية متابعة مؤشرات لخطة ربما يتم إعدادها تحت الطاولة لتدحرج الوضع في البلد نحو الفوضى، فتمرّدت المصارف على الحكومة في القيام بواجباتها المفترضة في قرار التعبئة العامة الذي أعلنته الحكومة، وتوجّه وزير المالية غازي وزني للقضاء للتصرف بمواجهة هذا العصيان المصرفيّ، بينما شهد ليل أمس خروجاً مفاجئاً لمجموعات قطع الطرقات مجدداً، وبعضها بطرق استعراضية تحت عنوان التمرّد على كورونا، بينما كان سجن رومية ومنطقة الشمال على موعد مع تحضيرات لعصيان وتحرك تحت تأثير قضية تهريب العميل الفاخوري بقرار قضائي، لفتح ملف العفو العام في الشارع، بحيث تتشكل من مجموع هذه القطع من «البازل» لوحة مكتملة لحال الفوضى، التي يتفاقم انتشار الفيروس في ظلالها، وتحصد الحكومة بالحصيلة نتائج فشل مالي وصحي وأمني، ويراهن خصومها على كسر إرادتها بتجميع هذه المعارك وترصيدها في توقيت يتيح توجيه الضربة القاضية، ما لم تتصرّف الحكومة مع كل من هذه الملفات بحزم يعبّر عن حجم الخطورة والمسؤولية في آن واحد.

وأعلنت وزارة الصحة أن عدد الحالات المثبتة بفيروس كورونا في لبنان بلغ 120.

وأفادت المعلومات أنه تأكد شفاء حالتين جديدتين من الفيروس في لبنان في المستشفى الحكومي، وبذلك يرتفع عدد الشفاءات من الفيروس إلى ثلاثة بعد شفاء الحالة الأولى الآتية من إيران.

وإذ لم تسجل أي حالة إصابة جديدة بالوباء أمس، تداولت بعض وسائل التواصل الاجتماعي إصابة عامل بنغالي في السرايا الحكومية، إلا أن مصادر السرايا نفت الخبر موضحة ان «صديقة للعامل تم الشك بأمر إصابتها بعوارض كورونا لكن لم يتأكد شيء حول إصابتها وهما تحت المراقبة». واوضحت المصادر ان «الحكومة ورئيسها يتعرضان ليل نهار لحملة شائعات وافتراء ممنهجة عبر نشر أخبار كاذبة او غير دقيقة، ومنها ما نشر عن اصابة الرئيس حسان دياب نفسه بالفيروس». وقالت: «لن نضيع وقتنا بالرد على هذه الحملات ونتفرغ للعمل الإنقاذي من كورونا ومن الأزمة المالية».

واكد وزير الصحة حمد حسن انّ الأسبوعين المقبلين هما الأخطر وقد يكون عامل الطقس عاملاً مساعداً لتخفيف الإجراءات. وشدد على أن القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والإجراءات التي تدعو الوزارات المعنية إلى التشدد في تطبيقها تهدف إلى التخفيف من وطأة الإصابات وانتشار الوباء كي لا يتحول إلى كارثة، خصوصاً أن الوباء يتدحرج بسرعة كبيرة من بلد إلى آخر، وبات كارثة عالمية. أضاف أن قرار إعلان التعبئة العامة اتخذ بعد درس مختلف الجوانب الإنسانية والاجتماعية والمالية والحياتية، ولكن الأولوية أعطيت للجانب الصحي لأن الاعتبارات كافة تسقط أمام السلامة العامة».

ولفتت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن «إجراءات الحكومة بإعلان التعبئة العامة جاءت بعد تقرير منظمة الصحة العالمية عن خطورة الوضع ومعطيات وزارة الصحة واللجنة النيابية والمعنيين بالشأن الصحي في المستشفيات والمختبرات التي أشرت الى احتمالية ازدياد عدد المصابين بسبب الاحتكاك وضعف الالتزام بالإرشادات ما دفع بالحكومة الى اتخاذ قرار التعبئة العامة لاحتواء الموقف قبل فقدان السيطرة»، ولفتت الى أن «الالتزام بالإجراءات والتدابير الحكومية والصحية كفيل بالحد من انتشار المرض وبالتالي السيطرة عليه»، متوقعة أن تبدأ نتائج الإجراءات بالظهور خلال فترة أسبوعين الى شهر».

وبدأت السلطات المحلية أمس، بالتعاون مع القوى الأمنية وشرطة البلدية بعمليات رشّ المبيدات والمعقّمات في الشوارع الداخلية ومحيطها، وسيّرت القوى الأمنية دوريات في الشوارع التي بدت خالية، في حين تفقد الرئيس دياب غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في السراي واطّلع دياب على خطة عمل الغرفة وأعطى توجيهاته لتفعيلها، خصوصاً لجهة متابعة الغرفة بكافة المعلومات المتعلقة بفيروس «الكورونا»، إضافة الى وضع ممثلي الوزارات بتصرف غرفة العمليات.

وبعد تداول فيديو يظهر تجمعاً لمواطنين يرقصون على دراجات نارية وسيارات تطلق الموسيقى على كورنيش المزرعة. تمّ تحديد هوية الأشخاص المخالفين لقرار منع التجمّعات وتنظيم محضر تحقيق عدلي ومخابرة النيابة العامة التي ستتخذ الإجراءات القضائية بحقهم. وقد اشارت معلومات ان المجموعة من طريق الجديدة وتتبع لطارق الدنا المحسوب على تيار المستقبل.

وكرت سبحة النواب الذين بادروا الى المساهمة المادية لمساعدة الحكومة وأجهزتها الطبية بمواجهة المرض وتداعياته لا سيما أعضاء كتلة التنمية والتحرير الذين قرروا جميعهم التبرّع برواتبهم للمساعدة في احتواء الازمة، واشارت مصادر الكتلة لـ«البناء» الى أن «هذه المساهمات المالية موزعة على دعم المستشفيات الحكومية في بيروت والمناطق ولشراء المعدات والتجهيزات الطبية ودعم الأسر المحتاجة في المناطق في إطار التكافل الاجتماعي».

وتابع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعيداً عن الإعلام والإعلان تطورات أزمة كورونا عن كثب بحسب ما نقل زواره لـ«البناء» فأصدر تعليماته لنواب الكتلة والمسؤولين الحركيين في المناطق والبلديات بالعمل على متابعة ظروف الأزمة وتأمين كل ما يحتاج اليه المواطنون، وهو يُشرف شخصياً على تنفيذ التدابير والإجراءات المتخذة على كافة المستويات الصحية والتقنية والاجتماعية مركزاً على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء

إلى ذلك وبعد مخالفة قرار المصارف بالإقفال قرار الحكومة باستثناء المصارف من مرسوم التعبئة العامة، اعتبر وزير المال غازي وزني أن قرار مجلس الوزراء هو بمثابة إخبار إلى النيابة العامة وهي مدعوّة للتحرك سريعاً في ضوء قرار جمعية المصارف المتسرّع بالإقفال من دون الالتفات إلى تسيير مصالح الناس ولو بالحد الأدنى كما جاء في قرارات مجلس الوزراء.

وردّت جمعية المصارف في بيان على بيان وزير المال معتبرة أن «قراراتها المتّخذة جاءت منسجمة تماماً مع قرارات وتوجيهات مجلس الوزراء بحيث أن المصارف سوف تؤمّن من خلال إداراتها العامة ومراكزها الرئيسية الحدّ اللازم والمفروض لتيسير العمل ولتأمين الخدمات المصرفيّة الأساسيّة لعملائها، سواء لجهة عمليات السحب النقدي بواسطة أجهزة الصرّاف الآلي أم لجهة تنفيذ العمليات التجارية الملحّة المتعلّقة بالأمن الغذائي والمستلزمات الطبية للمواطنين. كما أن هذه التدابير تتماشى تماماً مع الإجراءات الاستثنائية التي اتّخذها مصرف لبنان والتي قضت بإقفال فروعه وتيسير أعماله على النطاق الضيّق للحدّ من تواصل المواطنين المباشر مع موظفيه».

وكانت الجمعية عقدت أمس، اجتماعاً مع وفد من اتحاد نقابات موظفي المصارف، أعلنت فيه التجاوب مع مطلب اتّحاد نقابات الموظفين بإقفال فروع المصارف اعتباراً من 17 آذار 2020 حتى 29 آذار 2020، تاريخ سريان حالة التعبئة العامة التي أعلنها مجلس الوزراء لمواجهة انتشار عدوى وباء الكورونا، وذلك حرصاً على سلامة موظفي المصارف وعملائها وأُسَرهم.

الى ذلك، انتهت مساء أمس، فترة السماح للدولة اللبنانية لسداد استحقاق اليوربوند، وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن «الأسبوع الجاري سيشهد تواصلاً بين الشركات المكلفة من الدولة والشركات الممثلة للدائنين لانطلاق المفاوضات على ملف سندات اليوروبوند». وأضافت المصادر ان «التفاوض سيكون على السندات وفوائدها اي على اصل الدين وخدمة الدين»، ولفتت الى «اطمئنان المسؤولين الى موقع لبنان المحصّن لجهة إمكانية الحجز على اصول الدولة في حال تعرّض لبنان للملاحقة القضائية في المحاكم الدولية بسبب عدم سداد الدين»، وأضافت المصادر الى أن «قرار الحكومة إعادة الهيكلة يعد خطوة أساسية لإنقاذ مالية الدولة واقتصاده واحتياطاته النقدية وودائع مواطنيه الموجودة في المصارف»، مضيفة «لولا مبادرة الحكومة واتخاذ هذا لقرار لأدى ذلك الى دفع ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان لسد الديون وكنا وقعنا في ازمات اضافية».

وفي غضون ذلك، أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان برئاسة العميد حسين عبد الله، حكماً قضى بكف التعقبات عن الموقوف عامر الفاخوري، في قضية خطف مواطنين لبنانيين واعتقالهم وتعذيبهم داخل سجن الخيام، ما أدى إلى وفاة اثنين منهم.

واعتبرت المحكمة في حكمها الذي حمل الرقم 515/2020 الصادر أمس، أن الجرائم المسندة إلى المتهم عامر الفاخوري، لجهة تعذيب سجناء في العام 1998، سقطت بمرور الزمن العشري، وقررت إطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بقضية أخرى.

ويلاحق الفاخوري بملف آخر أمام قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي، في الدعوى المقامة ضده من عدد من المعتقلين السابقين في سجن الخيام، بجرم اعتقالهم وحجز حريتهم وتعذيبهم، إلا أن قاضي التحقيق لم يستجوب الفاخوري بعد بسبب وضعه الصحي ولم يصدر مذكرة توقيف بحقه.

وأفيد مساء أمس، أن مدعي عام التمييز غسان عويدات طلب ملف العميل فاخوري لتمييز القرار اليوم.

وسجلت أمس، أعمال شغب في سجن رومية احتجاجاً على عدم إصدار قانون العفو العام وتخوفاً من فيروس كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى