مقالات وآراء

استغلال واشنطن البشع لفيروس كورونا… ونظرية المؤامرة

} حسن حردان

لقد استفز العالم أجمع من الطريقة التي تعاملت فيها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ظهور فيروس كورونا في ووهان الصينية، عبر المسارعة إلى استغلاله للنيل من الصين وعزلها عن العالم، وقد طرح ذلك السؤال المشروع حول ما إذا كانت واشنطن وراء زرع الفيروس، في إطار ما يسمّى نظرية المؤامرة، لا سيما بعد الاتهامات التي وجهتها بكين إلى الحكومة الأميركية بالوقوف وراء نشر الفيروس في ووهان بعد أن تمّ تطويره وإنتاجه في أحد المختبرات الأميركية، وهو اتهامه لاقى تأييداً من خبراء روس تحدثوا عن انّ فيروس كورونا يُعتقد انه جرت صناعته في مختبر أميركي، وهو مكوّن من ثلاثة فيروسات، فيروس الخفافيش، وفيروس الثعابين، وفيروس نقص المناعة الإنسانية، وهذا الفيروس المركب، يستحيل ان يكون من نتاج طببعي

على الرغم من أنه ليس هناك من دليل حسّي على مثل هذا الاتهام للولايات المتحدة، لكن ما حصل، يؤشر إلى أنّ هناك احتمالاً كبيراً بأن تكون الحكومة الأميركية وراء تصنيع هذا الفيروس، ونشره في الصين، وأنّ هذا الاحتمال تدعمه وتعززه الحملة التي شنّها ترامب وادارتها ضدّ الصين فور ظهور فيروس كورونا في ووهان وانتشاره فيها على نطاق واسعوطريقة استغلالها له بشكل غير إنساني وخسيس بهدف عزل الصين عن العالم، وتوجيه ضربة قاضية لاقتصادها الذي ينافس الاقتصاد الأميركي بقوةوذلك من خلال تصوير الصين بأنها «وباء خطير يهدّد العالم، وتسمية الفيروس بـ «الفيروس الصيني»، وهو أمر دلّل على الطبيعة العنصرية المتأصلة في السياسة الأميركية والعداء المستحكم لديها، ليس فقط ضدّ الشعب الصيني، وإنما أيضا ضدّ شعوب ودول العالم الأخرىوهو ما ظهر عبر:

أولا، رفض إدارة ترامب تقديم العون والمساعدة إلى الحكومة الإيطالية لمواجهة انتشار الوباء في إيطاليا على نطاق خطير، وبالتالي ظهور تخلي واشنطن الفاضح عن دولة مصنّفة بأنها حليفة لها، وعضو في حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة..

ثانياً، رفض رفع الحصار الأميركي المفروض على توريد المستلزمات والتجهيزات الطبية إلى إيران، والإقدام على فرض عقوبات جديدة على الدول التي سارعت الي تقديم المساعدة الطبية لإيران لمكافحة وباء كورونا المنتشر في البلاد.. في حين حاول ترامب ابتزاز طهران من خلال عرض المساعدة الأميركية لها شرط أن تطلب ذلك رسمياً من الولايات المتحدة..

ثالثاً، مسارعة ترامب إلى السطو والاستيلاء واحتكار لقاح مضاد لـ كورونا يعمل على إنتاجه علماء ألمان في شركة كيورفاك الألمانية المتخصّصة في إنتاج العقاقير الطبية، وقد قدّم إغراءات للشركة لقاء ذلك قدرت بمليار دولار.. وهو طبعاً ما أثار غضب الحكومة الألمانية.. ويستهدف ترامب من وراء محاولته احتكار اللقاح تحقيق التالي:

1 ـ ابتزاز العالم، لتحقيق أرباح مالية طائلة مقابل تزويدها باللقاح، بما يمكنه من إنقاذ الاقتصاد الأميركي المتعثر من أزمته التي يعاني منها نتيجة الركود والخسائر الكبيرة الناتجة عن توقف آلة الإنتاج وانهيار أسهم الشركات في البورصة بفعل حرب كورونا واشتعال حرب اسعار النفط..

2 ـ توظيفه اللقاح، بهدف تعزيز شعبيته على أبواب انتخابات الرئاسة، بعدما تصدّعت نتيجة استخفافه بفيروس كورونا وعدم التعامل مع خطره بجدية منذ البداية، مما أدّى إلى انتشاره في الولايات المتحدة والتسبّب بإلحاق الضرر الكبير بالشعب الأميركي واقتصاده.. وبالتالي يريد ترامب تحقيق ذلك عبر القول للأميركيين بأنه صاحب الفضل في تأمين اللقاح وبالتالي تخليصهم من وباء كورونا واستطراداً إخراجهم من أزماتهم الاقتصادية والمعيشية..

انّ هذه الطريقة في تعامل الإدارة الأميركية مع وباء خطير يهدّد جميع البشر، إنما ينمّ عن الطبيعة غير الإنسانية التي تتحكم بالسياسة الأميركية الفاقدة للقيم والأخلاق الإنسانية

الا انّ ترامب وإدارته وقعوا في شرور أعمالهم وفي الفخّ الذي نصبوه للصين، وانقلب السحر على الساحر لعدة أسباب..

السبب الأول، نجاح الصين في السيطرة على الوباء تماماً، وتمكّن علماؤها من إنتاج لقاح مضادّ بدأت بأوّل تجربة سريرية له، في حين عمدت بكين للمسارعة إلى إرسال خبرائها وأطبائها إلى إيطاليا وإسبانيا وإيران لمساعدتها على مكافحة الوباء..

السبب الثاني، فشل إدارة ترامب في محاولته احتكار اللقاح الألماني نتيجة تحرك الحكومة الألمانية ضدّ محاولة الاقتناص الأميركية الخسيسة..

السبب الثالث، سيادة مناخ عام لدى الأميركيين بأنّ ترامب كان سبباً في انتشار وباء كورونا في أميركا والضرر البالغ الذي لحق بهم، نتيجة استخفاف إدارة ترامب بالفيروس وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهته.. ولا شك أنّ الحزب الديمقراطي سوف يعمل على استغلال هذه السقطات للرئيس الأميركي ايما استغلال في الانتخابات الرئاسية..

في كلّ الأحوال، اذا كانت إدارة ترامب وراء تصنيع ونشر فيروس كورونا في الصين لضرب اقتصادها في سياق نظرية المؤامرة، ام لا، فإنّ سياسة الاستغلال البشعة لهذا الوباء، التي انتهجها ترامب قد انقلبت عليه وأتت بنتائج سلبية في غير مصلحة، عرت سياسة إدارته، وكشفت قبحها ومدى سفورها في استغلال أزمات تطال الشعوب كافة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وسخصية رخيصة.. الأمر الذي سيكون له بكلّ تأكيد انعكاسات على العلاقات الدولية في القادم في الأيام…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى