الوطن

قضية جزّار الخيام إلى مزيد من التفاعل سياسياً وقضائياً وشعبياً الخارجية تستدعي السفيرة الأميركية واستقالة رئيس المحكمة العسكرية استهجان صمت الحكومة ومطالبات بمحاسبة مرتكبي «الجرم الوطني»

 

لا تزال قضية جزّار معتقل الخيام  العميل «الإسرائيلي» عامر الفاخوري، تتفاعل سياسياً وقضائياً وشعبياً، وسُجّلت أمس جملة تطورات على هذا الصعيد أبرزها  استدعاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى وزارة الخارجية واستقالة العميد الركن حسين عبدالله من منصبه رئيسا للمحكمة العسكرية التي أصدرت الحكم الذي قضى بكفّ التعقبات عن  العميل الفاخوري، بفعل عامل مرور الزمن الإثنين الفائت.

فقد استدعى وزير الخارجية ناصيف حتّي سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت دوروثي شيا  واستمع منها إلى شرح حول حيثيات وظروف إخراج  العميل الفاخوري إلى خارج لبنان، من دون الإعلان عما تفاصيل اللقاء وأجوبة شيا.

 قضائياً، أعلن العميد الركن عبد الله تنحيه عن مهامه في رئاسة المحكمة العسكرية، في كتاب رفعه إلى قائد الجيش العماد جوزاف عون، على خلفية الحملة التي تعرض لها مع أعضاء هيئة المحكمة، على أثر القرار الذي أصدره في قضية الفاخوري.

وجاء في كتاب التنحي «احتراماً لقسمي وشرفي العسكري، أتنحى عن رئاسة المحكمة العسكرية، التي يساوي فيها تطبيق القانون إفلات عميل، ألم أسير وتخوين قاض».

وقد أصرّ عبد الله على قرار التنحي، على أن يستمر موقتاً في تسيير الأمور الإدارية في المحكمة إلى حين تعيين الرئيس البديل، على أن يتولى رئيس المحكمة الرديف بت الأمور القضائية.

 وتعليقاً على قرار عبدالله، غرّد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس على حسابه على «تويتر» كاتباً «لا يسعني أمام خبر تنحي العميد حسين عبدالله عن مهامه لدى المحكمة العسكرية، إلاّ أن أشهد شهادة الحق، طوال هذه الشهور الطويلة التي خبرته فيها من شجاعة في مواجهة ملفات الإرهاب، ومناقبية عالية وتضحية متواصلة وقوة صامتة دونها البطش، ووداعة إنسانية قل نظيرها. لن نقول وداعاً إنما الى اللقاء».

 وعلى الصعيد القضائي أيضاً، تقدّم الأسيران المحرران من معتقل الخيام، سهى بشارة ونبيه عواضة، بواسطة وكيلهما القانوني المحامي حسن عادل بزي، بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد كل من يظهره التحقيق ضالعاً من السياسيين و قضاة المحكمة العسكرية والقادة الأمنيين في جرائم المسّ بهيبة وكرامة الدولة اللبنانية، والتآمر مع دولة أجنبية، وخرق سريّة المذاكرة ومخالفة قرار قضائي بمنع السفر، ومخالفة قرار مجلس الوزراء بإقفال المجال الجوي اللبناني.

أمّا في المواقف المتواصلة بشأن تهريب العميل الفاخوري عبر السفارة  الأميركية في عوكر، علّق رئيس الحكومة حسان دياب على ملف الفاخوري عبر تويتر كاتباً «لا يمكن أن تُنسى جريمة العمالة للعدو الإسرائيلي. حقوق الشهداء والأسرى المحررين لا تسقط في عدالة السماء بـ»مرور الزمن».

من جانبها، أعلنت وزيرة الدفاع زينة عكر عبر «تويتر»، أنها ستعمل «إعداد وإقرار تعديل لقانون العقوبات بما يحول دون تطبيق مرور الزمن على أعمال العدوان على لبنان (المواد 273-274-275)  وأيضاً إدخال الجرائم ضد الإنسانية ضمن أحكامه وهي بالمفهوم القانوني العام غير مشمولة بمرور الزمن».

بدوره، قال النائب اللواء جميل السيّد عبر حسابه على «تويتر»: «قال هدّدوه الأميركان، إذا كانوا هدّدوه قبل الجلسة كان لازم يستقيل مش يحكم متل ما بدهم ويستقيل، وإذا التهديد يبرر التخاذل كان لازم نستسلم لتهديد لجنة التحقيق ونعمل شهود زور بجريمة الحريري وبلا إعتقال 4 سنين والعبرة للذين يعينون أمثاله (ما خانك الأمين، ولكنك إئتمنت الخائن)».

وقال عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم عبر مواقع التواصل «يبدو أن الحكومة اكتفت بشكر الرئيس الأميركي ولم تنتبه إلى أن ما حصل في قضية العميل الفاخوري قضى على السيادة والهيبة والمؤسسات ولم تعد تنفع استقلالية أو تبعية القضاء».

أضاف»لقد دق مسمار العمالة والخيانة في نعش دولة المؤسسات والمطلوب اليوم إطلاق سراح الموقوفين وأكثريتهم مظلومين من القضاء لا غيره، لقد قُضي الأمر، إمّا أن يُحاسب مرتكبو هذا الجرم الوطني مهما علا شانهم ولتكشف كل المعطيات والخفايا وإلاّ على الوطن السلام بعد أن أصبحت الخيانة وجهة نظر ونقطة على صفحة الصفقات».

واعتبر الأمين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور أسامة سعد في بيان أن ما جرى أخيراً  في قضية العميل الفاخوري «يمثّل وصمة عار على جبين السلطة اللبنانيةورأى أن «إسقاط دعوى الحق العام بحق الفاخوري بذريعة مرور الزمن العشري، ثم إطلاق سراحه من السجن، وبعد ذلك عدم محاولة منع تهريبه إلى خارج لبنان، كلها قرائن على وجود صفقة متكاملة تقف وراءها أطراف السلطة».

وحمّل سعد «القضاء، والمحكمة العسكرية خصوصاً، المسؤولية، إضافة إلى الحكومة. فالقضاء استجاب لطلب السلطة السياسية بسبب تبعيته لها، كما أنه خضع للضغوط الخارجية. وهو ما يعيد تأكيد أهمية مواصلة النضال من أجل بناء السلطة القضائية المستقلة والنزيهة». كما حمّل «الحكومة، ومعها رئيس الجمهورية المسؤولية الكبرى عن الفضيحة». واستهجن «الصمت المطبق للحكومة، ودعاها لأن تشرح للبنانيينلماذا وجه لها الرئيس الأميركي «ترامب» الشكر على تعاونها؟».

من جهته، قال  رئيس حزب» التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهّاب عبر حسابه على «تويتر» : «لأننا نقف مع المظلوم وليس مع الظالم أقول للجميع حرام إستضعاف الناس وحرام التجني، حسين عبدالله آخر من يتحمل المسؤولية في إطلاق الفاخوري ولكن نحن في بلد تنقص ناسه الجرأة ونقطة عالسطر والرزق عا الله».

وأشار «تحالف وطني» في بيان إلى أنه عندما يتوجه الرئيس دونالد ترامب رسمياً برسالة شكر للحكومة اللبنانية على الإفراج عن المجرم الفاخوري «فإنه يدحض بذلك كل تأويل أو تعليل قضائي لهذا الإجراء المشين بحق كرامة اللبنانيين، ويبرز طابعه السياسي الصرف»، مجدّداً مطالبته «بإلغاء المحاكم الإستثنائية وحصر عمل المحكمة العسكرية بالقضاء العسكري فقط».

وقال أمين الهيئة القيادية في «حركة الناصريين المستقلينالمرابطون» العميد مصطفى حمدان، في بيان «نصيحة لوجه الله للوزراء الجدد بدون استعراضات وهمية وتحملكم مسؤوليات لأعمال انتم لستم من صنعتموها فجميع اللبنانيين شاهدوا بأم العين استباحة الطائرة الأميركية للأجواء اللبنانية وكأنها تصول وتجول في المنطقة الخضراء في بغداد العراق فهذا الموضوع أكبر بكثير من كل ما تقومون به اعلاميا فالصمت منكم اهم ما يمكن أن تفعلوه. والسؤال الأعظم أين الكرامة والسيادة والاستقلال كان بالأمس يا نظام فيدرالية الطوائف والمذاهب الحاكم».

وختم حمدان بـ»التحية إلى الشهداء الأبرار المقاومين ضد الإحتلال والأسرى البواسل الذين صمدوا وقاوموا في زنزانة سجونهم(…) وكل التقدير والإحترام إلى المقاوم الأول فخامة العماد إميل لحّود».

واستنكر الأمين العام لـ «جبهة البناء اللبناني» رئيس هيئة مركز «بيروت الوطن» المهندس زهير الخطيب، في بيان  «تهريب سجّان الخيام في ليل كورونا الحالك، ليسقط معه ما تبقى من أقنعة وينكشف ما كان مستوراً»، مؤكداً «أن الشعب لن يتنازل عن المحاسبة».

وأسف «للتخلي عن حقوق الأسرى وأهالي ضحايا التعذيب في المعتقلات خلال فترة الإحتلال»، رافضاً ما يسوق من مبررات واهية»، وسأل: «لماذا لم تتطرق الإجتماعات المتكررة للحكومة لإعتماد حزمة من التعويضات المادية لأهالي الأسرى والضحايا ولإطلاق سراح السجناء خصوصاً من أتم محكوميته؟»، داعياً «الوطنيين لإعادة مراجعة التفاهمات والعلاقات الداخلية والخارجية».

واعتبر رئيس «المركز الوطني في الشمال» كمال الخير  أن الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بكفّ التعقبات عن العميل الفاخوري «يدخل ضمن خانة الخيانة العظمى التي يعاقب عليها القانون اللبناني بالإعدام»، لافتاً إلى أنه «كان من الأشرف والأجدى لرئيس المحكمة العسكرية وأعضائها أن يتقدموا بإستقالاتهم بدل الإذعان والخضوع للضغوط التي أملت عليهم إتخاذ هذا القرار المشؤوم. واليوم عليهم تقديم انفسهم للمحاكمة تمهيدا للقصاص العادل». وسأل «كيف تتم عملية تهريب العميل الخائن علناً و في وضح النهار وأين الأجهزة العسكرية والأمنية المولجة بالحفاظ على سيادة لبنان وأمن اللبنانيين؟ ومن يضمن ألا تقوم أميركا غداً بخطف أو اغتيال أو تصفية أي لبناني من دون حسيب أو رقيب. إنها مهزلة كبرى وعلى الشرفاء في لبنان أن يتصدوا لها بكل قوة لأنها سابقة خطيرة تهزّ أسس الدولة اللبنانية بدستورها وقوانينها واستقلالها المزعوم». وطالب بصدور قانون عفو عن المحكومين في كل سجون لبنان «لأن ما ارتكبوه هو أقل بكثير مما ارتكبه المجرم الصهيوني الفار عامر الفاخوري».

واعتبر رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، في بيان، «أن استقالة رئيس المحكمة العسكرية على خلفية ملف العميل عامر الفاخوري، يجب أن تكون أول خطوة في سياق محاسبة كل المتورطين في هذه الجريمة الوطنية وعدم الوقوف عندها، بل يجب العمل على كشف كل من لعب دوراً في تخلية سبيل العميل الفاخوري».

ولفت إلى أن «الإنتهاك الأميركي للسيادة اللبنانية من خلال إرسال طائرة لتهريب العميل الفاخوري، يشكل أعلى درجات الإعتداء على سيادة وكرامة اللبنانيين، الذين دفعوا الدماء وبذلوا الغالي والرخيص من أجل أن يبقى وطنهم حراً مستقلاً».

ورأى ان «وصمة عار إطلاق الفاخوري لا يمكن أن تمر من دون حساب وكشف كل من تورط وتآمر في هذا الملف وإنزال أشد العقوبة فيهم، وما حصل خيانة عظمى في حق لبنان الذي هزم العدو الإسرائيلي في الميدان وقدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح الحرية».

إلى ذلك، أعلن منظمي مسيرة السيارات التي كانت مقررة أمس إلى المحكمة العسكرية اعتراضاً على الإفراج عن العميل الفاخوري، عن تأجيلها إلى وقت لاحق «نظراً للتطورات المستجدة المتعلقة بفيروس كورونا ومن أجل الحفاظ على عدم انتشاره، وحرصاً منّا على حماية الناس والوطن والتي من أولى اولويتنا كإنتفاضة شعبية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى