حديث الجمعة

إذا غابت شمس الحُبّ.. هاجت وحوش الغابة!!

يتشارك البشر حالياً في كل العالم، وربما للمرة الأولى في التاريخ الحديث، سلوكاً واحداً، وهو العزلة والابتعاد عن الآخرين، حتّى من أقرب الناس إليهم.

لم أتخيّل أن تشمل العزلة أفراد البيت الواحد بسبب فايروس متناهي في الصغر(الكورونا) فرض هذا اللعين سلــوكاً عاماً يطــبق على الجمــيع دون استثناء!!

يفترض الألمان أنّ عدد المصابين الفعليين بفيروس كورونا غير المكتشفين كبير جداً. وهذا معناه أنّ معدل الوفـــيات العالمـــي أقــل بكثـــير من الأرقـــام التي ترد حالياً. الخبراء الألمــان يقدرون النســبة الفعلــية للوفيات بســبب الفــيروس بـ (0.7% ).

نظرياً في حال التزم الجميع بالحجر الصحي فإنّ ذلك سيمنع ظهور حالات جديدة ونحن مع هذه الخطوة لكونها الأكثر سلامة وبالأخص في بلدان العالم الثالث والتي لا تملك الكثير من المخابر والمشافي وغيرها من التجهيزات الطبيّة، ولكأن الحكومة تناشد المواطن مناشدة الأم الخائفة على أولادها قائلة: «عزيزي المواطن خليك ببيتك وكن طبيب نفسك».. يعني مو ناقصنا وجع راس!!

وهنا يأتي دور المواطن مبرهناً عن مدى قدرته الفعلية على الالتزام بكل التعليمات. فعملية التلقي لا تختلف عن كتابة ثانية تتغيّر بتغير العين الرائية بحسّها الذواق.

حياة كالمفروضة حالياً تنتصب قبالتنا وتدور الرحى، تطحن ما شاءت ومتى شاءت وحده الوعي سيّد الموقف!

ليس مناسباً اليوم فقط التحدث والتطبيل لمن اخترع الفايروس أميركا أم الصين؟ ليس بمهم فأهدافهم تختلف جذريّاً عن أهدافنا وتطلعاتنا اللامرئية، الأهم الالتزام بالوعي. فالعبد المغلوب على أمره إذا هو ترك الأمر لعصا رغبته الشقية فستضرب قلبه ضرباً مبرحاً متى أراد هو القفز على الغيب، باب الرحمة يسع الجميع فكن صبوراً ذا حكمة!

لو كان للغيم والشجر وحتى الشمس حواس كما هي حواس الكائنات الحيّة، كنا سنشاهدها جميعاً تشكر البشرية في هذه المرحلة المعطّلة العمل، هواء نظيف، سماء تكاد تخلو من الطائرات وما تسببه من تلوث، ماء نظيف تسقى به التربة الملوثة بالهرمونات والكيميائيات ومخلفات الحروب والأسلحة !

ماذا يمكن للبشر أن يفعلوا في عزلة كهذه؟ ربما هي فرصة لإعادة ترتيب أولويات الحياة لدى كل منّا في حال بقينا من الأحياء!

لتنطفئ كل جمرة مشتعلة بالكراهية والعداوة، ولنصدّق أن مصباح الأمل كافٍ ليضيء لنا الطريق إلى الغد مهما غابت شمس اليوم وومهما أخلف القمر وعده بألّا يُقمر بعيداً عن أعيننا!

طالما أنّ الأمر على هذا النحو، فإنّ ما قاله الدكتور (غراسيلي) يستحق التدقيق والتمحيص، إذا كنا وما زلنا على إيماننا بأنّ «درهم وقاية خير من قنطار علاج»!.

فالطريق إلى عاصمة الورد أوله الشوك

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى