الوطن

«الكابيتال كونترول» الى «المركزيّ» واتفاق رئاسيّ على تعيينات «الحاكميّة» «المستقبل»: لن نتهاون.. ومصادر «التيار» تردّ: «التركيبة» الماضية انتهت

} محمد حميّة

لم يحجُب انشغال مجلس الوزراء بمواجهة فيروس «كورونا» الاهتمام الحكومي بملفات ذات صلة بالوباء كالتداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنه. لكن الملفين اللذين يهددان الانسجام الحكومي هما التعيينات في حاكمية مصرف لبنان ولجنتي الرقابة على المصارف والأسواق المالية ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي، والملف الثاني «الكابيتال كونترول».

على صعيد التداعيات المتأتية من فرض حالة الحجر الصحي وحظر التجول، حذّر خبراء من تفاقم الأزمات الاجتماعية كالبطالة نتيجة إقفال المؤسسات لا سيما إذا طالت حالة التعبئة العامة لوقت طويل ما سيؤدي الى ارتفاع نسبة الفقر والجوع والجرائم.

وللتخفيف من هذه الأوضاع الصعبة، بدأت الحكومة بتنفيذ خطتها لمواجهة التداعيات الاجتماعية للوباء، وقررت أمس تحويل سلفة مالية الى الهيئة العليا للإغاثة بـ 75 مليار ليرة لمساعدة الأسر الأكثر فقراً.

إلا أن بعض الأحزاب والجمعيات السياسية بدأت التحرك على كافة المستويات لتأمين المستلزمات الغذائية والطبية للمواطنين في المناطق المنتشرة فيها. وهذا ما قام به حزب الله الذي فرز 20 الفاً من عناصره كما فعلت حركة أمل اضافة الى التيار الوطني الحر الذي يقوم بتأمين حصص غذائية وطبية وفق إمكاناته، بحسب مصادره. أما الحزب الاشتراكي فبدأ منذ أسابيع بناء على تعليمات رئيسه وليد جنبلاط بتأمين كل ما يلزم للمواطنين في مناطق عدة بحسب ما قال عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله لـ»البناء»، مضيفاً أننا نتحرك على الصعد كافة من التقديمات الاجتماعية والطبية والغذائية، لكنه فضل عدم التحدث عنها لاعتبارها واجباً انسانياً ووطنياً وليس هبة، لكنه تخوّف من أن نتحول الى مرحلة الأمن الذاتي داعياً الحكومة الى إعلان حالة الطوارئ العسكرية لفرض حظر التجول لمنع انتشار الوباء وعدم الاتكال على البلديات والأحزاب فقط.  

أما على صعيد التعيينات فعلمت «البناء» أن «اتفاقاً حصل بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب على إجراء سلة تعيينات في حاكمية مصرف لبنان، وفقاً لمعايير الكفاءة وأن الحكومة شبه متفقة على المبادئ العامة وآلية التعيين مع عدم ممانعة من جنبلاط كما علمت «البناء»، الأمر الذي أثار سخط تيار المستقبل معلناً اعتراضه على ما وصفه بالـ «المخطط غير البريء لتمرير هيئة جديدة لحاكمية مصرف لبنان»، مضمناً بيانه رسالة تهديد للحكومة بأنه «لن يتهاون تجاه أي إجراء أو إهانة يمكن أن تصيب الفئات التي نمثلها من اللبنانيين»، خاتماً بقوله: «لعل اللبيب من الإشارة يفهم».

بيان المستقبل فُسّر على أنه معركة استباقية مع الحكومة لكي لا تسير بسلة تعيينات تهمّش تيار المستقبل الذي لن يتنازل عن ممثله في البنك المركزي منذ عشرات السنوات محمد بعاصيري. واتهم بيان المستقبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من دون أن تسميه بـ»وضع اليد على هذا المرفق الوطني والاقتصادي الحساس».

إلا أن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لفتت لـ»البناء» الى أن «التيار لم ولن يتدخل بالتعيينات في الحاكمية إلا لجهة مدى انسجامها مع معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة وهو ملتزم بأي اتفاق يتوصل اليه الرؤساء الثلاثة وتقرّره الحكومة، وأن التيار لن يسمي مرشحين له»، مشيرة الى أن «تيار المستقبل فتح معركة استباقية لحماية التركيبة الماضية في الحاكمية التي أوصلت البلد الى هذا المستوى من التأزم النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي»، مضيفة أن «على المستقبل أن يعرف ويعترف بأن التركيبة الماضية انتهت». ونفت المصادر أن يكون لدى الرئيس عون أو التيار نية لإجراء تعيينات لتطويق الحاكم والحد من صلاحياته». وبحسب مصادر نيابية فإن موقف تيار المرده الاعتراضي في مجلس الوزراء في جلسة السرايا مردّه الى أنه رشح أحد الاسماء لنواب الحاكم فرفض». ولفت جنبلاط في حديث أمس الى أنه «لا أتوقع أن يأخذوا بالاسم الذي طرحته ليكون نائب حاكم مصرف لبنان». وأشارت أوساط نيابية اشتراكية لـ»البناء» الى أن «الحزب ليست لديه شروط معينة ولا يتمسك بمرشحه ونحن في المعارضة ليس لنا قرار في الحكومة، وندعم موقف المستقبل ونتعاطف معه لكن الأهم إجراء التعيينات، أما حسابات التعيينات والمحاصصة فتبقى صغيرة أمام الوباء القاتل». ولفت الى «أنه اذا استطاع باسيل تمرير مرشحيه فصحتين على قلبه اذا كان ذلك يحلّ مشكلة المصارف والمصرف المركزي والكابيتال كونترول».

وأشارت مصادر وزارية لـ»البناء» الى أن «طبخة التعيينات» لم تنضج بعد ولذلك تم تأجيلها، وأضافت أنه «وبسبب الانقسام حيال الملف أرجأ مجلس الوزراء مجدداً ملف التعيينات لمزيد من التشاور لا سيما أن هناك تفاصيل عدة دقيقة وحساسة ولا تملك الحكومة رؤية موحّدة حولها». إلا أن الرئيس دياب أوضح أن «لا خلاف حول التعيينات، ولكنني طلبت من الوزراء تزويدي بسير ذاتية لـ 3 مرشحين على كل منصب على ان تسلم الاثنين وتدرج على جدول اعمال جلسة الخميس، وكل من سيتم تعيينهم هم جدد ومن أصحاب الكفاءة».

على صعيد مشروع «الكابيتال كونترول»، اشارت مصادر وزارية محسوبة على حركة أمل لـ»البناء» الى أن «المشروع سُحب من التداول بسبب اعتراضات اكثر من جهة نتيجة للخلل الدستوري والاجتماعي فيه»، موضحة أن «المادة 174 من قانون النقد والتسليف تمنح مصرف لبنان صلاحية تنظيم العلاقة بين المصارف والمودعين وبالتالي لا يجب إقحام الحكومة بأمر ليس من صلاحياتها وتحميلها مسؤولية تشريع ممارسات المصارف بحق المودعين وما يمكن أن تقوم به في المرحلة المقبلة». أما مصادر الاشتراكي فلفتت الى أن «موقفها من الكابيتال كونترول يكون كجزء من الخطة الاقتصادية التي لم تقدمها الحكومة بعد، لكن بكافة الأحوال فإن المشروع بنسخته الحالية جاء لمصلحة المصارف على حساب حقوق المودعين والصغار منهم تحديداً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى