أولى

رسالة يمنيّة إلى العالم…

 معن بشور

قد يكون اليمنيون، وهم يحيون الذكرى الخامسة للعدوان على بلدهم، هم أكثر الشعوب تحسّساً بما تواجهه الإنسانية من شرور بفعل فيروس كورونا منذ أسابيع

فأوجه الشبه بين فيروس كورونا وفيروس العدوان متعدّدة.

ففيروس كورونا يحصد أرواح المئات كلّ يوم من بني البشر على امتداد المعمورة، وفيروس العدوان حصد ويحصد كلّ يوم عشرات الأرواح اليمنية منذ 5 سنوات

فيروس كورونا لا يميّز بين إنسان وإنسان بسبب الدين أو اللون أو العرق أو الجنس، وفيروس العدوان لا يميّز بن يمني ويمني، شيخاً كان أم طفلاً، رجلاً كان أم امرأة، شمالياً كان أم جنوبياً، مدنياً كان أم عسكرياً.

فيروس كورونا قد ضاقت باستقبال مُصابيه المستشفيات وشحّت التجهيزات والإمكانيات، وفيروس العدوان على اليمن قد عطل المستشفيات وأضاف إلى شرور العدوان شرور الحصار فاختفى الدواء والغذاء والعلاجات واللقاحات.

فيروس كورونا قد أغلق، بإرادة الناس، المطارات والموانئ والحدود البرية منعاً لانتشار الوباء، اما فيروس العدوان على اليمن فقد أغلق المرافق كلها ضدّ إرادة الناس وإمعاناً في النيل منهموالضغط عليهم

فيروس كورونا قد استهدف الناس في احتفالاتهم وأعراسهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومزارعهم ومعاملهم وأرزاقهموفيروس العدوان قد استهدفها جميعاً في اليمن بغاراته ومدافعه وقذائفه

لكن هناك أكثر من فرق بين الفيروسين

ففيروس كورونا ما زال العالم كله يبحث له عن علاجلكن فيروس العدوان وجد له اليمنيون الأبطال العلاج بالمقاومة التي يحققون عبرها إنجازات نوعية ملحوظة

وفيروس كورونا ما زال العالم منقسماً في تحديد مصدره واذا كان وباء كغيره أو جزءاً من حرب جرثومية محدّدة الأهداف ثم خرجت عن السيطرة، فيما فيروس العدوان معروف المصدر والأهداف والمرامي منذ يومه الأول قبل 5 سنوات.

فيروس كورونا نجح في حبس البشر جميعاً في منازلهملكن فيروس العدوان فشل في منع اليمنيين من الخروج بالملايين انتصاراً لفلسطين ولقضايا أمتهم العادلة..

قد يكون كاتب هذه الرسالة يمنياً في الذكرى الخامسة للعدوان على بلاده، لكن يمكن أن يكتبها فلسطيني في الذكرى 72 للنكبة، وان يكتبها لبناني في الذكرى الـ 45 للحرب في بلاده وعليها والتي ما زالت مستمرة بأشكال متعدّدة حتى اليوم، وان يكتبها عراقي في الذكرى الـ 17 للحرب عليه واحتلال بلاده والتي ما زالت آثارها ومفاعيلها مستمرة حتى اليوم، وان يكتبها سوري في الذكرى التاسعة للحرب الكونية التي استهدفت تدمير بلاده وتمزيقها كدولة ومجتمع، وكموقع وكدور، بل أن يكتبها ليبي في الذكرى التاسعة لحرب الناتو عليه والتي تتحوّل إلى وبال مستمرّ عليهبل يمكن أن يكتبها كلّ عربي من المحيط الى الخليج وهو يعاني، ولو بدرجات متفاوتة، من فيروسات التبعية والفساد والاستبداد

قد يشفى العالم غداً أو بعد غد من وباء كورونا، ولكن مَن سيشفينا كعرب من الأوبئة المعششة في ثنايا حياتناومتى؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى