مانشيت

أميركا تتخطّى الـ 150 ألف إصابة وإيطاليا الـ 100 ألف… ولبنان في المرتبة 70 / خطة إجلاء المغتربين تقرّ اليوم… والعلاقات الرئاسيّة… وصحة برّي بخير / التعيينات للأسبوع المقبل… ورؤساء الحكومات السابقين يشنّون حرب المصارف /

كتب المحرّر السياسيّ

العالم الحائر رغم التطمينات اليومية للرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن فيروس كورونا تحت السيطرة، يقترب من رقم المليون إصابة قبل نهاية الأسبوع، يتوقع أن يكون ربعها في أميركا وحدها، التي بلغت رقم الـ150 ألف إصابة، بينما تتوقع مصادر صحية أممية أن يصل عدد الإصابات في أوروبا إلى نصف مليون، بعدما بلغت إيطاليا وحدها رقم الـ100 ألف مصاب أمس؛ ورغم التجربة الصينية التي أوحت بالأمل بالقدرة على تجاوز الأزمة، ورغم ما تقدّمه الجهات المختصة بإنتاج الأدوية من معلومات حول التقدم في بلورة بروتوكولات دوائية تتيح التحكم بالفيروس، يبقى التحذير من قدرة هذا الفيروس على النمو والانتشار، وتبقى الإجراءات الوقائية هي الحل الأمضى بانتظار ظهور علاج محسوم ومتفق عليه.. وبالانتظار يراقب الناس عدادَ الإصابات.

في لبنان سجّل عداد الإصابات رقم 446 إصابة، احتل لبنان معها المرتبة 70 في السلم العالمي لعدد الإصابات، مقارنة بالمرتبة 66 ليوم أمس، والمرتبة 33 قبل شهر، ما يعني أن دولاً كثيرة تشهد نمواً وانتشاراً للفيروس أسرع من لبنان، الذي حافظ أيضاً على بقاء نسبة المصابين بالمليون عنده تحت المعدل الوسطي في العالم بمعدل إصابة 65 من كل مليون مقابل معدل وسطي بلغ 99 عالمياً، فيما سجلت النسب الموازية في البلدان الخمسة الأولى التي ينتشر فيها الفيروس، 1800 بالمليون في إسبانيا و1600 في إيطاليا و800 في ألمانيا و700 في فرنسا و500 في اميركا.

القلق اللبناني في التعامل مع الفيروس يحضر اليوم في جلسة مجلس الوزراء التي سيستحوذ عليها البحث بخطة إجلاء المغتربين اللبنانيين الراغبين بالعودة، والمتوقع أن تكون أعدادهم بالآلاف، والذين سيصلون تباعاً بالمئات ضمن خطة أعدّتها وزارة الصحة، تتضمن فصل الحالات المصابة لنقلها بعيداً عن الحالات غير المصابة، بعد إجراء الفحوصات اللازمة قبل النقل وتوفير شروط تعقيم مناسبة، وضمان الحجر للعائدين، وفق ترتيبات بدأ العمل عليها باستئجار فنادق قريبة من مناطق سكن العائدين ليمضوا فترة الحجر الصحيّ فيها، بانتظار دفعة ثانية من العائدين كل 14 يوماً.

ترتيبات عودة المغتربين الراغبين ضمن توازن حماية حقهم بالعودة وحق المقيمين بعدم التعرّض لمخاطر انفلات الفيروس وانتشاره، وفرت الفرصة لاستعادة العلاقات الرئاسية قدراً من الحرارة التي افتقدتها خلال الأيام الماضية، فتراجعت المواقف السلبية، ونشطت الاتصالات تمهيداً لترتيب لقاءات تضم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب، يتوقع أن يفتح كلام إيجابي للرئيس بري عن موقف الحكومة بعد إقرار الخطة، الطريق نحوه، بعدما اطلع بري على الخطة من وزير الصحة، فيما نفى مكتبه الإعلامي ما تمّ تناقله حول وضعه الصحي، بعدما أكد زواره أنه مارس يومه بصورة عادية وعقد اجتماعات ولقاءات، وهو بصحة جيدة وبخير.

العلاقات الرئاسية ستكون على موعد مع استحقاق لا يقل أهمية عن عودة المغتربين، هو تعيينات مصرف لبنان، التي تمّ التوافق على أن تكون بأسماء جديدة، واستبعاد خيار التجديد للموظفين الحاليين المنتهية ولاياتهم، وفقاً لمصادر معنية بملف التعيينات، أكدت أن الاتفاق تمّ أيضاً على اعتماد آلية تقوم على ترشيح ثلاثة أسماء لكل منصب، من أصحاب الكفاءات، تشبه صيغة اختيار الوزراء للحكومة، يختار مجلس الوزراء منها واحداً لكل منصب بعد سماع ترشيح وزير المالية واعتباراته في الترجيح، بينما كان لافتاً اجتماع رؤساء الحكومات السابقين وإصدارهم بياناً تحذيرياً لرئيس الحكومة، من تعيينات وصفوها بمشروع السيطرة على السلطة، ووصفتها مصادر معنية بالملف المالي بحرب استباقية نيابة عن المصارف التي تخشى تشكيل مجلس مركزي في مصرف لبنان يمارس صلاحياته، فينتهي زمن الدلع الذي عاشته المصارف خلال ثلاثين عاماً.

وفي مؤشر إيجابي سجل أمس، انخفاضٌ في عدد الإصابات الذي استقرّ على ثماني اصابات. وأعلنت وزارة الصحة انّ «عدد الحالات المثبتة مخبرياً في المستشفى الحكومي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة بالإضافة إلى المختبرات الخاصة بلغ 446 حالة بزيادة 8 حالات عن يوم أمس، كما سجلت حال وفاة في المستشفى الحكومي لمريضة في العقد الثامن من العمر، تعاني أمراضاً مزمنة، ما يرفع عدد الوفيات الى 11». لكن مصادر طبية اوضحت أنّ انخفاض عدد المصابين لا يعني بدء العدّ العكسي لتراجع عدد الإصابات وبدء مرحلة السيطرة على الوباء بل علينا الانتظار أسابيع إضافية والى 12 نيسان المقبل كحدّ أدنى للبناء على الشيء مقتضاه. وأوضح مدير المستشفى الحكومي أنّ عدد الإصابات الضئيل بكورونا أمس الأحد، سببه أنّ معظم المختبرات لا تعمل أيام الأحاد أو تكتفي بنصف دوام.

وسجلت امس، سلسلة خروقات للتعبئة العامة عبر حركة مرور، لافتة لا سيما الإقبال على ماكينات الصراف الآلي في المصارف لقبض الموظفين رواتبهم وشراء الحاجيات، ما اعتبرته مصادر طبية خطراً على حياة المواطنين ومصدراً لانتشار العدوى فيما سجّل تساهل ملحوظ بالإجراءات الأمنية، قبل ان يبادر الجيش اللبناني الى التحرك حيث أقفل طريق الأوّلي مدخل صيدا الشرقي، بالاتجاهين، وذلك تنفيذاً لقرار حظر التجوّل الذي أعلنته الحكومة من الـ 7 مساءً وحتى الـ 5 صباحا.ً ووضع الجيش لافتات عند حاجز الأولي أعلمت المواطنين بذلك. كما سيّر الجيش دوريات مؤللة في عدد من شوارع العاصمة بيروت.

وفي غضون ذلك برزت إشكالية الى السطح رفض المستشفيات الخاصة لمرضى الكورونا، ما دفع بوزارة الصحة للجوء الى القضاء، وأعلن وزير الصحة حمد حسن أننا «حوّلنا بعض المستشفيات إلى التحقيق بسبب رفضها استقبال عدد من الحالات المرضية»، متمنياً على المواطنين «ابلاغ وزارة الصحة عن أي حالة يتم رفض استقبالها». وبعد لقائه مسؤولي ثماني مستشفيات حكومية في مكتبه في الوزارة، طمأن حسن إلى أنّ «كلّ المستشفيات الحكومية ستكون الأسبوع المقبل في خدمة المواطنين على الأراضي اللبنانية كافة إذا دعت الحاجة». واشار الى «أننا أطلقنا المناقصات وستصلنا الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة في الأيام والاسابيع المقبلة».

إلى ذلك أشرف الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، في حضور الملحق العسكري في سفارة جمهورية مصر العربية العميد أحمد الشحات، على وصول طائرة المساعدات المصرية التي حطت ظهر أمس على أرض المطار، والمخصّصة للمركز الاستشفائي المصري في بيروت والتي تحمل على متنها شحنة من الأدوية ليستفيد منها المواطنون اللبنانيون وتأميناً لاستمرارية عمل المركز في بيروت.

على صعيد آخر، يحضر ملف اللبنانيين المغتربين في جلسة مجلس الوزراء الذي يعقدها اليوم في السرايا الحكومية للبحث بآليات إعادتهم الى لبنان.

وتابع رئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الملف بكل تفاصيله واستقبل لهذه الغاية وزير الصحة الذي أشار الى أنه ناقش مع الرئيس بري موضوع المغتربين وعودتهم الآمنة ضمن الضوابط التي تضعها وزارة الصحة العامة، وقد لمس حرص بري على حماية المجتمع المحلي، كما على عودة المغتربين إلى وطنهم لكي يتسنّى للفرق الطبية والصحية الاهتمام بالمواطن المقيم والمغترب.

وأكدت مصادر قيادية في حركة أمل لـ«البناء» أن «موقف الرئيس بري ليس جديداً تجاه المغتربين فهو لطالما كان سباقاً في الدفاع عن حقوق المغتربين وسلامتهم العامة في محطات عدة تعرّضوا فيها للخطر والإهمال»، مشيرة الى أن «المغتربين هم جزء لا يتجزأ من الوطن ولا يمكن التخلي عنهم في ظل هذه الظروف الصعبة التي يواجونها»، وعددت المصادر حالات عدة وأنواعاً من المغتربين: فبعضهم من المحتجزين قسراً حيث لا يملكون منازل وانتهت مدة إقاماتهم وكانوا في زيارات عائلية او سياحية او لتلقي المعالجة الطبية او للمشاركة في مؤتمرات وهؤلاء لم تسنح لهم الفرصة للعودة وهذه الفئة الأكثر معاناة. اما الفئة الثانية فهي الطلاب التي أقفلت جامعاتهم وتوقف ذووهم عن تحويل الأموال لهم بسبب إجراءات المصارف اللبنانية، الفئة الثالثة المغتربون. وأوضحت المصادر ان القلة منهم سيعودون الى لبنان أما القسم الأكبر فأصبح جزءاً مندمجاً في بلاد الاغتراب كالسنغال وابيدجان وغيرها من الدول الأفريقية ولا يرغبون بالعودة ولذلك لن يعود كل المغتربين بل من لديه رغبة بالعودة فقط وبالتالي لن نشهد عملية نزوح هائلة في صفوف المغتربين». وتوقعت المصادر أن تأتي طائرة واحدة فقط من كل دولة. وأشارت المصادر الى أن «أغلب الراغبين بالعودة سيعودون على نفقتهم الخاصة لكنهم يحتاجون الى وسيلة النقل»، كما لفتت الى أن حركة أمل جهزت عدداً من مراكز الحجر الصحي استعداداً لاستقبال المغتربين من مناطق الجنوب والبقاع.

وعلمت «البناء» أن الآلية اصبحت واضحة لإجلاء اللبنانيين من الخارج وذلك على متن طائرات «الميدل ايست» مزوّدة كلّ منها بطاقم طبّي لإجراء الفحوصات لهم قبل صعودهم في الطائرة ثم عملية فرز للمصابين وعدم المصابين، موضحة أنه لم تحسم مسألة عودة الذين تظهر إصابتهم بالوباء، علماً أن المصادر تؤكد أن الجهات اللبنانية الرسمية والحزبية لم تتبلغ حتى الآن ايّ إصابة بالوباء من الذين يرغبون بالعودة. ورجحت المصادر أن تبدأ عمليات الإجلاء يوم الخميس المقبل

ورداً على بعض الإشاعات المغرضة التي تناولت صحة الرئيس بري نفى مكتبه الإعلامي هذه المعلومات وقال في بيان: «سرت شائعات منذ الأمس متعلقة بصحة دولة الرئيس نبيه بري. يؤكد المكتب انّ هذا الكلام عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً».

وكان وزير المالية غازي وزني ووزير الخارجية ناصيف حتي شدّدا خلال اجتماعهما بوفد من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير، على ضرورة إعادة الطلاب الذين هم خارج لبنان وزيادة المبلغ الذي يحول من الأهالي اليهم لمساعدتهم على العودة وفقاً للإجراءات الوقائية المعتمدة في هذا الوضع الاستثنائي. من جهته، وعد صفير بأن المصارف ستباشر بتحويل المبالغ المناسبة للطلاب ابتداء من اليوم.

غير أن ما نقله موقع «ام تي في» عن صفير يثير الاستغراب رغم كلّ المناشدات السياسية والشعبية للإفراج عن أموال المودعين في هذه الظروف الصحية الخطيرة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الخانقة. وبشر صفير انّ عملية التقنين في السحوبات مستمرة الى وقت طويل، واعتبر أنّ «دمج المصارف ليس حلاً مجدياً في هذه المرحلة لأنّ الكبير سيأكل الصغير، وسيؤدّي ذلك حُكماً الى صرف عدد كبير من الموظفين، فنفاقم المشكلة بدل حلّها». ووضع مسؤولية الأزمات على السلطة السياسية رابطاً بين إعادة جدولة الدين الخارجي والتزام لبنان بشروط «سيدر» و«إلا لن يفكر الدائنون بإعادة الجدولة». كما بشر صفير بأن «لا حلّ في ظلّ المعطيات الحاليّة الا باللجوء الى صندوق النقد الدولي، وإلا سنكون أمام كارثة»، مؤكداً «انّ الكرة في ملعب السياسيّين. من هناك بدأت تتراكم الأخطاء، حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه. ومن هناك تُستنبط الحلول».

على صعيد آخر، أجرت قاضية التحقيق في طرابلس جوسلين متى، للأسبوع الثاني على التوالي، سلسلة استجوابات عبر الإنترنت استمرت زهاء أربع ساعات أصدرت على أثرها قراراً بترك أحد المستجوبين. كما أخلت محكمة الجنايات في الشمال سبيل 46 موقوفاً بكفالات بسيطة، والبعض منهم من دون كفالات.

وفي ظلّ الظروف الحرجة التي يواجهها لبنان، يزيد ملف التعيينات في الحاكمية الأوضاع حراجة على صعيد التماسك الحكومي، وإذ من المتوقع أن يطرح الملف في جلسة الحكومة الخميس المقبل في بعبدا أكدت مصادر «البناء» أن لا اتفاق حتى الآن على التعيينات، وبالتالي لن يفتح الملف طيلة هذا الأسبوع بسبب إيلاء الحكومة الأولوية لموضوع كورونا وإجلاء المغتربين. علماً أن رئيس الحكومة يصرّ على تغيير شامل في تركيبة المواقع في الحاكمية. وهذا ما يؤيده رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ولا يمانعه الرئيس بري وحزب الله اذا ما شمل التغيير كل المواقف مع مراعاة بعض التوازنات السياسية، فيما يعارض الرئيس سعد الحريري أي تغيير في المنصب السنيّ في الحاكمية او أن يكون له دور في تسمية بديل عنه.

واللافت للانتباه أنه عندما يواجه الرئيس الحريري الإحراج في ايّ ملف، يخرج رؤساء الحكومات السابقين من «القمقم»، بحسب ما قالت مصادر «البناء» لإطلاق التهديدات والاتهامات فيما لم يحركوا ساكناً وتخلفوا عن واجبهم الوطني بمساعدة الفقراء وحتى من بيئتهم لمواجهة تداعيات وباء كورونا، علماً أنّ الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي يعدان من أوائل الأثرياء في لبنان واغتنيا على حساب الدولة والشعب اللبناني وفقرائه.

وردّ التيار الوطني الحر على رؤساء الحكومات السابقين من دون أن يسمّيهم، وأشارت الهيئة السياسية للتيار بعد اجتماعها الكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، الى ضرورة اجراء التعيينات وفق معايير الكفاءة والمعرفة ونظافة الكف والإنتاجية. وشدّد على أن هذا الموقف ثابت بالرغم من كل الكلام السياسي الذي يصدر بين الحين والآخر، لإبقاء الوضع على ما كان عليه بالسياسات المتبعة وبالأشخاص أنفسهم الذين ينفذون هذه السياسات نفسها، فيما التيار ينشد التغيير بالسياسات والأشخاص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى