اعتقد الكثيرون مع تكليف الرئيس حسان دياب بتشكيل الحكومة، ومن ثم بعد تشكيلها ونيلها الثقة، أنهم على موعد مع حكومة وقت ضائع سترحل قريباً محكومة بالفشل والانهيار أمام تحديات مالية تهرّب من مواجهتها من هم أكثر قدرة وفاعلية وعراقة وعلاقات من حمل أعبائها، لأن الفشل في مواجهتها أكيد. فالدول التي لم تمنح المال لحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري لن تمنحه لحكومة برئاسة سواه، عدا أن بعضها سيحارب حكومة الرئيس دياب ويحجب عنها المال لأسباب غطائها السياسي. وبالتالي لن يكون حظها أفضل من حكومات الحريري على هذا الصعيد. ومن جهة ثانية ستكون الحكومة محكومة بمكوّناتها التي ستمزقها بتجاذبات الحصص في التشكيل، وعند كل مفترق في التعيينات والتلزيمات، والحكومة تواجه وضعاً شعبياً آتياً من انتفاضة غضب سيصعب عليها إرضاء طلباتها المتعددة المصادر، والتي يعبّر بعضها عن نيات سياسية داخلية وخارجية للوصول إلى حزب الله. وهذا سيكون أسهل مع حكومة الرئيس دياب خصوصاً بانضمام خصوم حزب الله من خارج الحكم اليوم لتزخيم الاحتجاجات.
بالكاد أتمت الحكومة نصف المئة يوم الموعودة لإعلان فشلها، منذ نالت الثقة، وبالرغم مما جاء به فيروس كورونا ليضيف تحدياً أكبر من طاقة حكومات مستقرة وراسخة ومقتدرة في دول متقدمة وغنية ومحدودة الأزمات والمشاكل، فإن حكومة الرئيس دياب اجتازت بنجاح مطبات تتصل بتجاذب مكوناتها في تشكيلها، ثم في مسارها، كان آخرها ما يتصل بملف عودة المغتربين، ولن يكون آخرها ما يتصل بتعيينات مصرف لبنان، ونجحت في حسم أمرها بقرار عدم سداد المستحقات من السندات، ولم تقع الشمس على الأرض ويتغيّر النظام الكوني، كما هوّل الكثيرون من المتربّصين بالحكومة على اللبنانيين، وريحت الحكومة رهانها ومضت، ونجحت في مواجهة كورونا فبقي لبنان في مرتبة الدول القادرة على الاحتواء مسجلاً مرتبة تتراوح بين الرقم 60 والرقم 70 بين دول العالم من حيث الإصابات، ومحافظاً على نسبة للمصابين بقياس عدد السكان دون المعدل الوسطي في العالم على طول مراحل نمو الفيروس.
بالأمس، سجلت الحكومة نجاحين جديدين، الأول بتخصيص مساعدة نقدية للعائلات الأشد فقراً وتأثراً بالعزل الاجتماعي الناجم عن إجراءات مواجهة فيروس كورونا رغم الأوضاع المالية الشديدة الصعوبة للدولة، والثاني بوضع خطة لإجلاء المغتربين اللبنانيين، تضمن التوازن بين حل قضية بمعيار الحق، ومواجهة مشكلة بمعيار الواجب، فالقضية هي حق العودة للمغتربين، والمشكلة هي واجب الدولة بحماية صحة المقيمين. وجاءت الخطة التي سيبدأ تنفيذها تعبيراً عن هذا التوازن.
تستحق الحكومة اسمها بجدارة، حكومة مواجهة التحديات.