تحقيقات ومناطق

رسالة أمل من وزير الصحة بأنّ المشوار الصعب شارف على نهايته ما بعد الحجر المنزلي الإلزامي واقع معيشي صعب أشخاص فقدوا قوت يومهم وصرفوا قرشهم الأبيض والأسود

تحقيق ـ عبير حمدان

أتى قرار وزير الداخلية الأخير ليظهر الشوائب التي تخرق قرار الحجر المنزلي بهدف تفعيل الوقاية الذاتية في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، هناك جزء من المواطنين تململ ولم يستسغ القرار، وهناك من بحث عن استثناءات وفق مجال عمله، وهناك من انتقد كيفية تعاطي القوى الأمنية مع الموضوع لجهة الحواجز التي سبّبت زحمة سير في بعض المناطق.

خلاصة اليوم الأول من بدء سريان القرار تخطى عدد المخالفات الألف على قاعدة أنّ المواطن اللبناني يبرع بالاعتراض أو إنه لا يعرف الامتثال للقوانين ولو كان الهدف منها الحفاظ على صحته بالدرجة الأولى.

من جهة ثانية أطلّ وزير الصحة الدكتور حمد حسن في رسالة أمل يؤكد فيها أنّ المشوار الصعب شارف على الانتهاء خاصة إذا استمرّ الالتزام بالإجراءات كما يجب.

الحجر الإلزامي ضرورة لنجاح الخطة التي وضعتها الجهات المعنية بناء على دراسات أطباء وعلماء مختصين، ورغم مشاهد التفلت في مناطق مختلفة بقي الوضع تحت السيطرة حتى مع عودة المغتربين الذين تبيّن أنهم لا يحملون الفيروس ولكن عليهم الالتزام بالحجر لمدة أسبوعين وفق تعليمات الوزارة.

قد نخرج من النفق بضرر مقبول نسبياً على الصعيد الصحي ولكن ماذا يقول الناس حول التداعيات الاقتصادية التي أرخت بثقلها على جزء كبير من المجتمع خاصة أؤلئك الذين يعملون بشكل يومي وتغيّبهم القسري يجعلهم غير قادرين على تحصيل قوتهم، أضف إلى ذلك أصحاب المحال التجارية التي شملها الإقفالونماذج كثيرة لأشخاص فقدوا وظائفهم بعد أن قام العديد من أصحاب المؤسسات بتصفية أعماله جراء الواقع الاقتصادي المأزوم.

التزامولكن

يعمل داوود فرحات (بيروت) في محلّ للحلويات وجراء الحجر الإلزامي توقف عن العمل، وبالتالي لم يعد لديه مردود، ويقول: «أدرك أنّ الحجر المنزلي ضرورة في ظلّ الاجتياح المخيف للفيروس حيث أنّ التباعد الاجتماعي يؤمّن الوقاية بدرجة كبيرة، ولكن في المقابل لكلّ مواطن ظرفه المعيشي الخاص والصعب، هناك من لديه مردود ثابت حتى لو أضطر إلى التوقف عن العمل مما يجنّبه العوز، ولكن هذا الأمر لا ينسحب على العامل الذي يتقاضى أجراً يومياً أو أسبوعياً، وبالتالي لا يوجد بديل أو خطة واضحة من الجهات المعنية لتفادي الانفجار الاجتماعي، قد نصل إلى مرحلة لا نجد فيها أيّ قرش أبيض أو حتى أسود إذا ما طالت الأزمة».

من جهتها تؤكد جنان خشاب (صور) ضرورة الالتزام بالحجر ضروري ولو كانت التداعيات المعيشية صعبة إلا أنّ المهمّ سلامة الفرد صحياً، وتقول: «رغم بشاعة الواقع المتصل بفيروس غير مرئي قادر على شلّ العالم، إلا أني لا أخفيك أمراً حين أقول إني كنت بحاجة إلى فترة التزام منزلي مع الإشارة إلى أن أعمل من المنزل، وكون نطاق عملي مع المجلس النروجي للاجئين أيّ مع جهة أجنبية وأممية لم أتأثر مادياً بل على العكس نحن نأخذ رواتبنا بالدولار، لكن هذا الأمر لا ينسحب على الجميع حيث أنّ معظم المجتمع تأثر بالإجراء لناحية الإقفال الكامل للمصالح والمحال، زوجي من الأشخاص الذين أضرّ بهم الحجر الالزامي كونه صاحب محلّ ألبسة أيّ أنه لا يدخل ضمن الاستثناء، وكثيرون ممن أعرفهم يعانون من الناحية المعيشية بشكل كبير خاصة الذين يقبضون بشكل يومي أو أسبوعي».

أما منير الحاج حسن (غربي بعلبك) فيقول: «التزمت منذ اليوم الأول وهذا كلفني الكثير حيث أنّ مجال تجارتي لا يدخل ضمن الاستثناءات والضروريات، الحفاظ على الصحة أمر أساسي ولكن هل هناك من يعوّض عليّ خسارتي، وهناك أمثلة كثيرة غيري وللأسف لم يشهد أيّ أحد منا خطوة فعلية داعمة تعوّض علينا».

يؤكد جوني جرمانوس (زحلة) أنّ البلدية لم تقصّر مع الجميع في المنطقة، ويقول: «من البديهي أن يكون للحجر الإلزامي تداعياته الاقتصادية على المجتمع بأكمله، ولكن في ما يتصل بزحلة تحديداً فإنّ البلدية أمّنت لنا كلّ ما يلزم، ومن جهتنا التزمنا كلّ إجراءات السلامة المطلوبة في محلنا لناحية التعقيم ودخول الزبائن بحيث لا نستقبل إلا زبون فيما ينتظر الأخرون في الخارج ليخرج وهكذا دواليك».

ويقول أحمد (بحمدون) وهو موظف في محلّ يبيع المواد الغذائية والبلاستيك والمنظفات: «وتيرة العمل خفيفة بشكل كبير والناس لا تشتري إلا ما تحتاجه في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي زاد تفاقمها الحجر الإلزامي، في المنطقة نسبياً لا توجد خروقات ولكن المشكلة الحقيقية ستظهر بعد انتهاء هذه المرحلة ذلك أنّ الناس وصلت إلى وقت صرفت فيه كلّ مدّخراتها والبنوك لا تدفع للناس أموالهاإذن نحن مقبلون على أيام أكثر صعوبة».

حواجز صحيةوغياب للفانات

لعلها سابقة واضحة لناحية غياب الفانات على طول الطريق نحو البقاع صعوداً ونزولاً، وإذا صودف مرور أحدهم فنراه فارغاً بالكامل إلا من السائق وفرد واحد على الأغلب من عائلته، ولكن يبقى مشهد الازدحام على حواجز قوى الأمن نافراً ويتطلب معالجة.

ويُحسب لمنطقة غربي بعلبك الالتزام الفعلي بالإجراءات حيث تنتشر الحواجز الصحية التي تؤخذ حرارة كلّ من يعبر إلى القرى التي لم تسجل حتى الآن أيّ حالة.

طوال الطريق من منطقة أبلح مروراً بنيحا وقصرنبا وتمنين وبدنايل وشمسطار وطاريا وصولاً إلى حدث بعلبك بدت الحركة خفيفة بشكل واضح والمحال مقفلة ما عدا تلك التي تبيع المواد الغذائية والخضار والصيدليات ولكن لا يُخفي أهل هذه القرى سوء حالهم من الناحية الاقتصادية وعدم ثقتهم بأيّ خطة معيشية منتظرة، ولعلّ ما لديهم من مؤونة كان كفيلاً بتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم في ظلّ الأزمة الصحية والمعيشية والاقتصادية.

 طرابلسقنبلة موقوتة

من بين مشاهد التفلت يبدو المشهد الشمالي وتحديداً منطقة طرابلس الأكثر بروزاً إلى الواجهة خاصة في أيام الجمعة، وحين نسأل أيّ أحد من المنطقة عن هذا الواقع يكون الجواب «الناس تريد تحصيل قوت يومها» مما يجعل الصحة والسلامة العامة أمراً ثانوياً بالنسبة إلى هؤلاء.

ومن جهة ثانية يردّ بعض الاشخاص المدركين لخطورة الأمر في المنطقة هذا التصرف إلى غياب الوعي والجهل خاصة أنّ هناك أحياء مزدحمة بشكل مخيف وفيها أشخاص خضعوا للفحص ولكن لم تظهر النتيجة بعد مما يجعل من طرابلس قنبلة موقوتة وقد يصل الأمر إلى قرار فعلي بعزلها إذا ما أتت النتائج إيجابية.

الهرملغاب الفيروسوبرزت الخروقات

يستمرّ مشهد الالتزام في منطقة الهرمل ولكن بنسبة ثمانين في المئة حيث أنّ هناك من لا يصدّق واقع ما يفعله الفيروس وحقيقة انتشاره في أكثر من منطقة، وفي العالم أيضاً، وبحسب أحد المواطنين في البلدة فإنّ الحياة طبيعية لدى جزء كبير من الناس حيث تقام الأعراس بشكل طبيعي وكذلك مجالس العزاء دون أيّ تدابير وقائية مما يستدعي أحياناً تدخل القوى الأمنية لمعالجة المشكلة والحفاظ على حدّ أدنى من الالتزام.

في المقابل لا يخفي أهل البلدة خشيتهم من سوء توزيع المعونات على من يحتاجها بشكل فعلي حيث أنّ هناك محسوبيات في هذا الإطار لافتين إلى تجربة تموز 2006 حيث تمّ توزيع المساعدات في حينه بشكل استنسابي وعلى من هم غير متضرّرين لذلك يأملون أن يكون هناك خطة منصفة ومتابعة مباشرة وشفافة لتصل المساعدة إلى من ليس لديهم أيّ مردود مادي، ومن تراجعت أحوالهم بشكل كبير جراء توقفهم عن العمل بشكل قسري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى