رياضة

الأخاء حارة حريك… فريق يجسّد اسمه الرئيس ميشال عون لعِب في صفوفه

 

نتيجة للتعايش الأهلي الذي كان سائداً بين أبناء ساحل المتن الجنوبي عموماً، وفي حارة حريك خصوصاً، كان من الطبيعي أن تُرفع راية الأخاء «الرياضية» فترفرف محبّة بين سكان الحارة مسلمين ومسيحيين.

ففي العام 1935، وعندما أراد بعض الشباب الرياضيين تشكيل فريق كروي يجمعهم، وجدوا في «الأخاء» الاسم الأقرب إلى قلوبهم والمجسّد الحقيقي لواقعهم، فكانت الولادة الأولى لفريق الأخاء حارة حريك، الذي اتخذ من «بورة» محاذية لطريق المطار القديم ملعباً له (ثكنة مدرسة القتال سابقاً). وحظي هذا الفريق الناهض بدعم أبناء البلدة الذين كانوا يواكبونه ويعملون بكدٍّ لترخيصه رسمياً، وقد نجحوا في ذلك بعد 11 عاماً من المحاولات، وتحديداً في 6 نيسان 1946، فكان من أوائل المنتسبين إلى عائلة الاتحاد اللبناني لكرة القدم. وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور البارز للثلاثي الرياضي والإداري من ابناء الحارة، داوود الشرتوني وميشال أنطون عضيمي وجان واكد، في تسهيل عملية الاستحصال على الترخيص الرسمي.

حضرت الرخصة فطار الملعب!

ما إن تنعّم «الأخائيون» برخصتهم، حتى فقدوا ملعبهم، نتيجة لتمركز فرقة من الجيش الفرنسي فوق أرضه. وفي هذا السياق يتذكر رئيس النادي منذ العام 1980 ميشال التحومي (مواليد 1934) المعروف بـ «أبو الشباب»: «اعترضنا على احتلال الفرنسيين للملعب فرحنا نرميهم بالحجارة مطالبينهم باخلائه، وامتدت انتفاضتنا لعدّة ايام»، مضيفاً «عندها سارعت ادارة النادي الى عرض الموضوع على وقف الطائفة المارونية في حارة حريك، فتم التوافق بين الثلاثي شرتوني وعضيمي وواكد وكاهن رعية حارة حريك على توقيع عقد استثمار للأرض المحاذية للكنيسة لمدّة 99 عاماً، ينتهي في العام 2045، فباشرنا بتنظيف الأرض من التلال والأشجار وخصوصاً الصبّار. ويومها واجهنا العديد من الأفاعي الكبيرة حتى استقر الملعب على ما هو عليه الآن ومنذ مطلع السبعينيات».

الأخاء والساحل جنباً الى جنب

وبالانتقال إلى واقع الملعب اليوم، أخبرنا «أبو الشباب»: «نتمرّن مع فريق شباب الساحل على أرضه ووفق جدول محدد. من جهتنا نقدّم الساحل علينا لكونه من فرق الدرجة الأولى، ونفتخر بعلاقتنا الطيبة مع إدارته وخصوصاً مع السادة النائب فادي علامة وعمّه جلال علامة وسمير دبوق». وهنا استرجع «أبو الشباب» زمن التهجير القسري الذي أصابه مع ناديه إثر اندلاع الحرب الاهلية في لبنان، فقال: «خلال الحرب، سكنت في منطقة الحدث المجاورة للحارة، وهناك عملت على تشكيل فريق كرة قدم وعلى إنشاء ملعب بجانب البيت، وصرت أستقدم الفرق مع حرصي على خوض المباريات والدورات باسم الأخاء حارة حريك. وما كان يواسيني في تلك الايام أنني كنت أشاهد ملعب الحارة من على سطح المبنى الذي أسكنه فأمتّع ناظريّ برؤية الكنيسة والملعب والكنايات بجواره». ومؤخراً باشرت ادارة نادي شباب الساحل بورشة تعشيب الملعب صناعياً بعدما تمّ اقتطاع جزء منه كموقف للسيارات خاص بزوّار الكنيسة.

لاعبون مرّوا من هنا

كثرٌ هم اللاعبون الذين انضموا إلى نادي الأخاء حارة حريك، وخصوصاً في بداياته، لكونه أول فريق مرخّص في الضاحية، ونجح القيّمون عليه بضم لاعبين فرنسيين مميزين كانا يخدمان في  عداد الجيش الفرنسي هما سبيد فاير وأميركان، أما أبرز أبناء الضاحية الذين فازوا بشرف الانتماء إلى مسيرة الأخاء فهم: سامي نهرا، يوسف شاهين، فوزي كنج، جوزيف ديب، عبد الأحد مراد، محمد حرب، محمد قماطي، سمير مراد، جوزيف دكاش، صالح قيس، خليل نقور، الياس أبي ناصيف، محمد بدران، أنطوان كسرواني، إميل كنعان، يعقوب مراد، نجيب وديع الدكاش، باسم بدران ومحمد شاهين.

والجنرال عون أيضاً

في العام 1951 وقبل سنة واحدة من التحاقه بالمدرسة الحربية انضم ميشال نعيم عون (رئيس التيار الوطني الحر) إلى فريق ضيعته، وكان يلعب في خط الدفاع. وفي العام 1988 وخلال رئاسته للحكومة الانتقالية حيث حوّل قصر بعبدا إلى قصر الشعب، نظّم ميشال تحومي في الحدت دورة حملت اسم الجنرال عون. وعلى هذا يعلق تحومي «ميشال عون فخر حارة حريك، وكم سررت عندما أحرز فريق الأخاء كأسه، ويومها هنأنا العماد على الإنجاز، ولا زلت أعتز بوجود هذه الكأس في صالون بيتي».

أسباب التراجع وغياب الوهج

بحسب ميشال تحومي، فالأحداث التي عصفت بلبنان عموماً وبالضاحية خصوصاً كانت وراء تراجع مسيرة الفريق وغياب وهجه الكروي، إضافة إلى عدم تسيّس النادي، مع الإشارة إلى مشاركة الأخاء في بطولة المنطقة الشرقية إبّان فترة الاتحادين (بين 1975 و1985)، وكان ملعب الحدث المستحدث بفضل جهود تحومي المقر والملتقى، وخلال تلك الفترة عرض المسؤولون في بلدية الحدث على تحومي تغيير اسم النادي إلى «الأخاء الحدث» لكن مطلبهم جوبه بالرفض. وعند توحيد الاتحادين عام 1985 التحق الأخاء بركب الاتحاد الجديد وتم تصنيفه درجة رابعة عقاباً على مشاركته في بطولات اتحاد الكرة في المناطق الشرقية. وعن تلك الفترة يقول ابو الشباب: «حرصنا على التواصل مع لاعبينا من سكان المنطقة الغربية ومن كل المناطق، وكنا نحضرهم من المعابر التي قطّعت أوصال الوطن لمشاركتنا في المباريات».

الوضع الحالي

مؤخراً، نجح الفريق وبعد أكثر من عقدين على تواجده ضمن أندية الدرجة الرابعة في الصعود الى مصاف أندية الدرجة الثالثة، ويعمل رئيسه ميشال تحومي مع الاتحاد الحالي كمراقب للمباريات وعضو في لجنة جبل لبنان منذ ربع قرن تقريباً، ويتعاون النادي بدرجة كبيرة مع نادي شباب الساحل، وتربط إدارتي الفريقين علاقة ممتازة، فالملعب يجمعهم وحب «الحارة» قاسم مشترك بينهما، والتنسيق في أحلى حالاته بين الفريقين حتى على المستوى الفني، وذات موسم تنازل الأخاء عن عدد من لاعبيه لصالح الساحل. وتصل موازنة الموسم للأخاء إلى 20 ألف دولار، يتم تأمينها من الرئيس تحومي وأعضاء النادي، «وهنا لا بد من التنويه بالدعم الذي تقدمه بلدية الحارة للنادي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى