الوطن

الطبقة السياسية البائدة تعيش عقدة خروجها من السلطة

} عمر عبد القادر غندور*

تزامنت حملة الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط وملحقاتهما على رئيس الحكومة حسان دياب مع زيارة خاصة قام بها الرئيس دياب لدولة الرئيس سليم الحص، ولا ندري اذا كانت زيارة الرئيس دياب للرئيس الرمز والعلاقة بينهما قديمة تعود الى أيام العمل والدراسة في الجامعة الأميركية، أزكى مثل هذه الأحقاد التي تمظهرت في عناوين اتهامية باتت كلها كعملة بائدة غير متداولة ولا قيمة لها.

ورغم انّ الرئيس المكلف حسان دياب يترفّع عن الانجرار الى المساجلات فقد أوفى فخامة رئيس الجمهورية الذي تمرّس في الحروب الساخنة والناعمة، في مطلع جلسة مجلس الوزراء بالردّ على مهاجمي الحكومة من دون تسميتهم قائلاً: انّ بعض السياسيين الذين يستهدفون في الإعلام الدولة ومؤسّساتها هم أنفسهم من فتك بالدولة وأفسدوها على مرّ السنوات وارتكبوا المخالفات الإدارية والمالية وغير المالية حتى تراكم الدين العام، ومن نكد الزمن ان يتنطح هؤلاء انفسهم ليحاسبوننا على أعمال ارتكبوها هم من ممارسات أوصلت الدولة الى الإفلاس.

ولا يسعنا الا ان نتوقف عندما تحدّث فخامة الرئيس عن ارتكاب القرارات البائدة من مخالفات مالية وغير مالية. وما عساها ان تكون هذه المخالفات غير المالية، ومدى الأضرار التي ألحقتها بالدولة؟

وعلى ايّ حال، فقد وصف الرئيس دياب في كلمته الى اللبنانيين مساء الخميس الماضي الحملات على الحكومة بالقنابل الدخانية الفاسدة والمحكومة بحسابات شخصية ومذهبية ومصرفية، رافضاً الانجرار في سجالات، مؤكداً انه بصدد وضع خطة إنقاذ مالية قابلة للنقاش، ويعطي الأولوية للشأن الاقتصادي وملاحقة المال المنهوب في عهد الحكومة السابقة واستعادته، مطمئناً المواطنين عامة والمودعين خاصة أنّ ودائعهم بامان وأنّ ٩٨% من هذه الأموال لن يطالها ايّ أذى، وقال إنه وقع مراسيم التشكيلات القضائية ومراسيم تعيين الفائزين بمباريات مجلس الخدمة المدنية والتي كانت مقبورة من زمن الحكومة السابقة، وتخصيص ١٢٠٠ مليار ليرة لمواجهة تداعيات وباء كورونا ومساعدة المياومين والصناعات الصغيرة ودعم الزراعة، وإطلاق خطة للأمن الاجتماعي،  ووقع مرسوم تعيين الناجحين في امتحانات كتّاب العدل وللناجحين لوظيفة أمناء صندوق متمرّنين لوزارة الاتصالات وحراس أحراج لوزارة الزراعة.

وبلهجة صادقة قال الرئيس دياب: من واجب الدولة ان تحمي الناس وان توفر للشباب اللبناني فرص العمل حتى لا تخسر الدولة كفاءات شبابها ما يضطرهم الى الهجرة، وانّ واجب الحكومة الاهتمام بأبنائها ونحن أبناؤها بمعزل عن الاعتبارات الطائفية والمذهبية، وسأبقى على هذا النهج والدولة اولاً، ولا شيء يعلو على الدولة وحكومتي معنية بهذا التعهّد.

وبينما يجهد رئيس الحكومة لمعالجة الملفات المتراكمة والشائكة، ومواجهته لتداعيات فيروس كورونا الذي يفرض حجراً على ٥٢% من سكان العالم وبينهم لبنان، ومعالجة البطالة لعدد كبير من اللبنانيين الى جانب الاهتمام بالمسؤوليات المالية وبتركة العجز العام، ينبري عدد من السياسيين وعلى رأسهم سعد الحريري ووليد جنبلاط ونجيب ميقاتي وغيرهم ممن يطالبون برحيل الحكومة بعد أن «فشلت» في تحقيق وعودها! ومثل هذا الكلام لا يدلّ الا على رغبة أصحابه في دخول «جنة» الحكم! وليس من عاقل يقول بقدرة هذه الحكومة ولا غيرها ان تتمكن من إزالة نفايات الحكومة السابقة ولا الحكومات التي كانت قبلها والتي ينتمي اليها المعارضون وعلى رأسهم سعد الحريري الذي توهّم في لحظة تخلّ ان لا حكومة تقوم من غيره، وأحرق ثلاث محاولات لغيره من المرشحين، ولا نعتدّ بمعارضة وليد جنبلاط الذي سيعيد تموضعه من الحكومة الحالية.

واذ يُقال انّ الحكومة الحالية لم تتوصّل الى حلول لأزماتنا المتراكمة فهذا صحيح لأنه ما من حكومة تستطيع ان تكنس بلايا وموبقات الحكومات السابقة على مدى أكثر من ربع قرن تحوّلت فيه الدولة الى شبه دولة متخلعة خربة ومهترئة مفلسة بفضل سياسات من ترأسها!

ولتستمرّ حكومتنا الشجاعة في نشاطها والتوفيق في انتزاع أدران ارتكابات ما خلفته الحكومات البائدة.

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى