الوطن

مجلس الوزراء أقرّ تدابير آنية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال دياب: نحن مع كلّ تعبير ديموقراطي لكن ممنوع العبث بالاستقرار وماضون في تلبية مطالب الناس ولا شيء يثنينا عن مواصلة مسارنا

 

أكد رئيس الحكومة حسان دياب أننا «مع كل تعبير ديموقراطي، خصوصاً الذي يترجم وجع الناس، لكننا نرفض بشدّة كل المحاولات الخبيثة لتشويه هذا التعبير بحرفه عن مساره عبر تحويله إلى حالة شغب». وقال «ممنوع العبث بالاستقرار الأمني، ويجب أن تكون هناك محاسبة لهؤلاء العابثين، والدولة لن تقف مكتوفة الأيدي»، مشدداً على «أن  لا شيء يثنينا عن مواصلة مسارنا، ولا شيء في السياسة يعنينا».

وقال دياب خلال ترؤسه أمس جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية  «نحن اليوم أمام واقع جديد، واقع أن الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، خصوصاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء إلى مستويات قياسية».

ولفت إلى أن النقاش في أسباب ارتفاع سعر الدولار لا يحتاج إلى كثير من الخبراء، هناك عوامل موضوعية، وهناك عوامل تجارية بخلفيات سياسية، وهناك قصور في المعالجة، عن قصد أو عن عجز، لكن النتيجة أن هذا الارتفاع تسبب بزيادة الضغوط على اللبنانيين».

وأضاف «في مطلق الأحوال، فإن من الطبيعي أن يخرج الناس إلى الشارع، وأن يفجّروا غضبهم مجدداً، كما فعلوا في انتفاضة 17 تشرين الأول، خصوصاً بعدما تبيّن لهم وجود محاولات سياسية لمنع الحكومة من فتح ملفات الفساد».

وتابع»نحن نتفهّم صرخة الناس ضد السياسات التي أوصلت البلد إلى هذا الواقع الاجتماعي والمعيشي والمالي والاقتصادي، ونتفهّم المطالب الشعبية بالإصرار على محاسبة الفاسدين الذين تسببوا بحالة الإنهيار».

وأكد أننا «مع كل تعبير ديموقراطي، خصوصاً الذي يترجم وجع الناس، لكننا نرفض بشدّة كل المحاولات الخبيثة لتشويه هذا التعبير بحرفه عن مساره عبر تحويله إلى حالة شغب تؤدي إلى الإساءة لهموم الناس ومطالبهم المحقة، وبالتالي الاستثمار السياسي في حالة الشغب لخدمة مطامع ومصالح وحسابات شخصية وسياسية. ولذلك، وكما قلت سابقاً، ممنوع العبث بالاستقرار الأمني، ويجب أن تكون هناك محاسبة لهؤلاء العابثين، والدولة لن تقف مكتوفة الأيدي».

واعتبر «أن ما حصل في بعض المناطق من اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وما تخلّله من استهداف للجيش اللبناني والاعتداء على جنوده، يؤشر إلى وجود نوايا خبيثة خلف الكواليس لهزّ الاستقرار الأمني، وهذا لعب بالنار، وسيحرق أصابع أولئك الذين يريدون الاستثمار بدماء الناس لمصالحهم، وقد سقط شاب ضحية في طرابلس، نتقدّم من ذويه بأحرّ التعازي».

وناشد «اللبنانيين الذين خرجوا ضد الفساد والفاسدين الذين تسببوا بهذه الأزمة الخانقة، أن يقطعوا الطريق على أي محاولة لخطف ثورتهم على الفساد لاستثمارها في السياسة. وعلى كل حال، الحكومة ماضية في تلبية مطالب اللبنانيين بمكافحة الفساد، ولن يردعها شيء عن الاستمرار في مواجهة هذا التحدّي، وجدول أعمال الجلسة اليوم حافل ببنود ترتبط بشكل وثيق بتحقيق آمال اللبنانيين باستعادة الأموال المنهوبة، وكشف الفاسدين».

وتابع «أمّا في السياسة، فنحن لا شيء يثنينا عن مواصلة مسارنا، ولا شيء في السياسة يعنينا، لأن المتقلّبين من أهل السياسة يكابرون في مواجهة اللاشيء في الفساد، واللاشيء في المصالح، واللاشيء في الحسابات. اللاشيء هنا شهادة أفضل بكثير من أشياء ملطّخة لم تعد تستطيع المساحيق تنظيفها أو إخفاءها».

المقررات

وبعد الجلسة أوضحت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد، أن «المجلس ناقش جدول الأعمال، وقرّر ما يلي: في إطار إجراء التحقيقات لتحديد الحسابات التي أُجريت منها تحويلات مالية، تم تكليف وزارة المالية الطلب من مصرف لبنان إعداد لوائح تتضمّن الآتي:

أولاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها إلى الخارج اعتباراً من تاريخ 1/1/2019 ولغاية تاريخه مع تبيان نسبة المبالغ التي جرى تحويلها من قبل أفراد يتعاطون الشأن العام وتلك التي حولت لأسباب تجارية.

ثانياً: مجموع المبالغ التي سُحبت نقداً في الفترة عينها المومأ إليها.

ثالثاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها في فترة إقفال المصارف استناداً إلى قواعد الامتثال، والتعاميم ذات الصلة».

أضافت «وفي الجلسة، عرضت وزيرة العمل مشكلة الصرف المتزايد للعمال في ظل الأزمة الراهنة، وتمنّت الطلب من المصارف ضرورة الالتزام بتعاميم مصرف لبنان 547 و552 التي تسمح للشركات بدفع الرواتب وحاجاتها لاستمرارية العمل».

وتابعت عبد الصمد «كما أقرّ مجلس الوزراء أربعة تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المتأتّية عنه، وهي: تفعيل التدقيق الضريبي، التحقيق المحاسبي، تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، الرقابة المؤخّرة لديوان المحاسبة. وفي موضوع تفعيل التدقيق الضريبي:

أولاً: الطلب إلى وزير المالية، تكليف الجهات المختصة في وزارته او من ينتدبه لإجراء تحقيق ضربي يطال جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين أجروا مع الإدارة عقود التزامات أو قدموا خدمات دون سند، استتبعت بمصالحات وفقاً لأسس تم تحديدها ضمن هذه التدابير.

ثانياً: الطلب إلى وزير المالية تكليف الجهات المختصة في وزارته، أو من ينتدبه بالمباشرة الفورية باتخاذ الإجراءات التقنية واللوجستية اللازمة لتبادل المعلومات الضربية استناداً إلى اتفاقية التعاون في المجال الضريبي، واتفاقية السلطات المختصة، توصلاً للحصول على المعلومات بشكل تلقائي أو المعلومات غبّ الطلب، وهذه كلها مواضيع حول تبادل المعلومات الضريبية، وذلك وصولاً إلى تحديد الأموال التي ترتب اي تهرب ضريبي وفي حال وجود مخالفات إحالة هذه المعلومات إلى المراجع الرقابية والقضائية المختصة.

وفي موضوع التصويت الضريبي أيضاً تكليف أحد أهم المكاتب الدولية المتخصصة في التحقيق المحاسبي، للتدقيق في جميع العقود من أي نوع كان سواء مناقصة أو التزام أو اتفاق بالتراضي والتي أجريت بين الإدارة والأشخاص الطبيعيين والمعنويين في قيود وموازنات هؤلاء الاشخاص توصلاً إلى تحديد أي مكامن للهدر أو الغش في الإنفاق للمال العام.

وفي موضوع التدبير الثالث وهو تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، الطلب إلى جميع الإدارات ولاسيما إدارة المناقصات، عند إجراء أي عقد أو تلزيم او نفقة تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية التي تجيز للمتعاقدين الاتفاق مسبقاً على رفع السرية المصرفية.

وفي موضوع التدبير الرابع وهو الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة، يحث مجلس الوزراء ديوان المحاسبة في مجال الرقابة المؤخرة على حسابات الاشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يتلقون من الإدارة مساهمات أو أموال، أو يجرون معها عقوداً أو التزامات على إعطاء الأولوية لإنجاز هذه الرقابة بالنسبة للعقود والتلزيمات بدءاً من الأعلى قيمة والتدرج نزولاً إلى جميع العقود والتلزيمات التي تضمنت إنفاقاً من المال العام.

وهناك بعض التدابير الأخرى بانتظار الحصول على بعض الأراء قبل إقرارها بالشكل النهائي».

ورداً على سؤال اعتبرت عبد الصمد أن «الوضع سيء للغاية في الشارع، والمشكلة انه خرج عن إطار المطالب الشعبية المحقة، ودخل عدد من المندسين في بعض الأمكنة والأهداف خارج الإطار المعيشي، ونحن نسعى والأجهزة الأمنية تتحرك، وتدابير وقرارات كثيرة يتم اتخاذها، ولكن لا تؤخذ كلها في جلسات مجلس الوزراء، إنما في المؤسسات التي لديها صلاحيات بت هكذا نوع من الأمور».

أضافت «بالنسبة إلى المواضيع المرتبطة بالمطالب الفعلية والتي نبحث فيها، وأبرزها الغلاء وارتفاع الدولار وغيرهما، هي ضمن إطار المباحثات التي تجري. اليوم، كان موضوع حديثنا ضمن الخطة المالية التي تداولنا بها. وغداً (اليوم)، سنعقد جلسة استثنائية لكي نناقش أكثر الخطة التي أصبحت شبه جاهزة، ومن المفترض أن يتم اقرارها الخميس».

السفيرة الأميركية

إلى ذلك، استقبل دياب  في السرايا السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وجرى التداول في آخر المستجدات المحلية. وأعربت شيا عن استيائها من الطابع غير السلمي الذي يطغى على المظاهرات، وجددت «تأكيد  وجوب التعاون مع صندوق النقد الدولي». كما أعلنت عن مساعدات إنسانية من الولايات المتحدة إلى لبنان لمساعدته في مكافحة وباء كورونا، وذلك عن طريق الجامعة الأميركية في بيروت.

وتلقى دياب اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسي جان  إيف لودريان، الذي أعرب عن «تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي، واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي». كما شدد لودريان على «نية فرنسا عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بوباء كورونا».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى