أخيرة

ليالي طرابلس الحزينة

} يكتبها الياس عشّي

منذ أيام كتبت على صفحتي: «الفرق بين الثائر والمخرّب أن الأول يغيّر العالم بعقله، والثاني يغيّره بعصاه».

وقد برز هذا القول واضحاً في المشهد الطرابلسي الحزين الذي رأيناه في اليومين الأخيرين اللذين عاشتهما قارورة العطر _ طرابلس، كما تعوّدت أن أصفها كلّما عدتَ بذاكرتي إلى أيام ملاح كانت أصوات المتظاهرين في شوارعها تعلو قويّة، وهادرة، ونقيّة، ضدّ الصهاينة وعملائها، وتمتزج برائحة الليمون الفوّاحة المتسلّلة بخفر من البساتين التي صادرها المقاولون، واستبدلوها بجدران من الإسمنت والحديد.

وهؤلاء الشباب الذين خرجوا أمسِ، ودمّروا، وأحرقوا، واعتدوا على الجيش الذي لا تختلف هموم أفراده عن همومهم؛ هؤلاء الشباب هم الذين غسل الزعماء دماغ آبائهم، واشتروا أصواتهم، وغيّبوا عنهم القضايا الوطنية الكبرى التي يجب أن يقاتلوا، هم وأبناؤهم، في سبيلها، ورموهم في الشوارع يحلمون بوظيفة، ولقمة عيش نظيفة، وبناء عائلة،

هؤلاء الشباب الذين انفجروا غضباً، هم الذين كانوا أبطال الشاشات في ليالي طرابلس الطويلة، وإن كان لا بدّ من محاكمتهم فلنحاكم آباءهم وأجدادهم ومعلميهم الذين لم يفهموا المعادلة التي تقول:

«إنّ العبيد هم الذين يخلقون الطغاة»!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى