أخيرة

قصة تشرشل وإسلامه…

} القنصل خالد الداعوق*

في كانون الأول/ ديسمبر 2014 اكتشف باحث في الأمور التاريخية المتعلقة برئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل رسالة مؤرّخة في آب 1907 بعثتها إليه الليدي جوين دولاين برتي، وهي التي تزوّجت في ما بعد من شقيقه جاك تشرشل.

كانت الليدي برتي تحث تشرشل في الرسالة وترجوه ألا يعتنق الديانة الإسلامية، وذكرت أنها لاحظت انّ تشرشل أبدى إعجابه الكبير بالإسلام حين كان في الهند في تلك الفترة، وكانت الليدي برتي تحث تشرشل أن يوقف عواطفه القوية نحو الإسلام كي لا يتحوّل الى الدين الإسلامي.

الباحث الذي اكتشف هذه الرسالة هو وارن داكطور وهو حائز على دكتوراه في التاريخ، وقد ألّف كتاباً بعنوان «تشرشل والعالم الإسلامي».

وفي سياق الكتاب عن تشرشل وحبه للإسلام انه يذكر الكاتب أّ تشرشل بعث لليدي ليتون في عام 1907 رسالة جوابية ذكر فيها أنّ الإمبراطورية البريطانية هي أكبر قوة محمدية في العالم من ناحية عدد المسلمين فيها، وبالتالي هي بذلك تنافس الإمبراطورية العثمانية المسلمة.

وذكر تشرشل أيضاً أنه كان يتمنّى لو أنه باشا عثماني في الإمبراطورية العثمانية.

وقد حاول تشرشل ان يقرّب السياسة البريطانية تجاه الإمبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى لكنه فشل في ذلك، ثم غيّر سياسته في ما بعد تماشياً مع السياسة البريطانية ضدّ الإمبراطورية العثمانية.

وبعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية عام 1918، وبدء حرب التحرير التي قادها مصطفى كمال عام 1919 لام تشرشل سياسة بريطانيا بشخص رئيس الوزراء دافيد لويد جورج بتركه الجيوش اليونانية طليقة اليد في الهجوم على الأتراك في الأناضول ابتداء من أزمير.

أما في مواقف تشرشل اتجاه الهند البريطانية فكان يكره الهندوس ويعتبر الهندوسية كديانة شعبية فقيرة تعبد الأصنام، وأنها سوف تندثر أمام المدّ الشيوعي كما ذكر الكاتب ميهير بوز في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 تحت عنوان «كره تشرشل للهنود». وكان تشرشل يصف غاندي بالقول: «ذلك النصف عريان». أما الإسلام فهو قادر برأيه على أن يصدّ الشيوعية.

كما أنّ تشرشل أبدى إعجابه الشديد بكتاب كاترين مايو وهو كتاب ضدّ الهندوس.

وقد ساهم تشرشل بحفظ حقوق المسلمين كأقلية في الهند، كما تواصل مع محمد علي جناح وساهم في تأسيس باكستان.

وأثناء الحرب العالمية الثانية سأله الرئيس الأميركي روزفلت عن الجيوش الهندية التي تحارب مع البريطانيين ودورهم، وهنا كذب تشرشل على روزفلت حين قال إنّ أغلب القوات الهندية التي تحارب مع الحلفاء مكوّنة من الهنود المسلمين بينما العكس هو الصحيح كما يقول الكاتب ميهير بوز في كتابه المذكور آنفاً.

كما تبرّعت الحكومة البريطانية برئاسة تشرشل في سنة 1940 بمبلغ مائة ألف استرليني لبناء جامع كبير في وسط لندن.

اما بالنسبة لمساندة تشرشل للصهيونية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين فإنه كان مضطراً أن يماشي السياسة البريطانية في ذلك الوقت، خاصة أنّ بريطانيا كانت قد أصدرت وعد بلفور عام أكتوبر 1917، وذلك بعد ضغوطات سياسية ومالية كبيرة حيث كانت بريطانيا بأمسّ الحاجة للتمويل من أجل المجهود الحربي.

لكن تشرشل اقتطع إمارة الأردن (المملكة الأردنية حالياً) مما أغاظ الصهيونيين حيث كان مرادهم ضمّ شرق الأردن أيضاً الى «الوطن القومي اليهودي».

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1944 في القاهرة اغتال عضوان يهوديان في المنظمة الصهيونية «لاهي» المندوب السامي البريطاني في القاهرة البارون ماين صديق تشرشل الذي اغتاظ واستنكر بشدة هذه الحادثة وآلمته كثيراً.

ثم نصح الفلسطينيين والعرب بالتمسك بالشقّ المتعلق بحقوقهم في «وعد بلفور» وفي قرار التقسيم للحفاظ على حقوقهم أو ما تبقى منها، وهي حوالي نصف فلسطين، لكن العرب يومها لم يقبلوا نصيحة تشرشل وظلوا مُصرّين على حقوقهم كاملة

 

*أمين عام منبر الوحدة الوطنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى