أولى

عندما يكون القائد وسط الجماهير

 نايف أحمد القانص*

عندما ننظر إلى المتغيرات والأحداث في اليمن من منظور واقعي مع تقييم لأداء كل أطراف الصراع وتفاعل القاعدة الشعبية معها عند كلّ حدث مفصلي، يستوقفنا سؤال: لماذا تلتفّ الجماهير حول هذا القائد بعينه وتفديه بأرواحها وكلّ ما لديها؟

عادة ما تملّ الجماهير من الخطابات المطوّلة كونها اعتادت على خطابات فارغة لا تغني ولا تُسمن ولا تدفع ولا تمنع، لكنها عندما تستمع إلى هذا القائد لا ترتوي من سماعه وتتلهّف إلى كلّ خطاب يلقيه وتعتبر أنّ في كلّ كلمة رسالة موجّهة تعتمد عليها في تقويم السلوك وتصحيح الاعوجاج.

رغم الظروف الاقتصادية وما خلّفه العدوان من دمار وقطع للرواتب وتدمير البنية التحتية وتأليب الشارع على هذا القائد والقيادة التي تأتمر بتوجيهاته إلا أنّ ذلك لم يؤثّر إطلاقاً في التفاف أبناء شعبه حوله، فلم تحقق دول العدوان ومن ورءاها ما كانت تصبو إليه، بتصفيته جسدياً أو إنهائه سياسياً. ورغم تسخير كلّ الإمكانات المالية واللوجستية والإعلامية والمخابراتية وتضييق الخناق على الشعب، إلا أنّ النتائج كانت دائماً تأتي عكس ما يريده العدوان بل كان اليمنيون يزدادون تمسُّكاً بقائدهم ونصرته فيرفدون الجبهات بخيرة شبابهم وما توفّر لديهم من مال ودعم لوجستي وبشري، ولا تزال الغالبية العظمى من اليمنيين، خاصة في هذه الأيام المباركة، تتسمّر أمام الشاشات لسماع المحاضرات الرمضانية لقائد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الخالدة (2014) السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.

خمس سنوات مضت ودخل العام السادس ولا يزال الشعب اليمني على ثباته وصموده وحبه الجامع لقائد مسيرته التحريرية من الهيمنة الخارجية واستعادة سيادة الدولة على أراضيها واستقلال الإرادة الجماهيرية على أساس بناء دولة مستقلة تحترم القرارات الدولية ومبادئ حسن الجوار على أساس عادل ومتوازن.

نحن ندرك تماماً أنّ كلّ ذلك لم يأتِ من فراغ، فهذا القائد ليس قائداً عادياً، فهو لم يلجأ إلى الخارج ويترك شعبه يواجه مصيره بل ظلّ وسط الأحداث مع كلّ أفراد أسرته وإخوانه في مقدّمة الجبهات يدافعون عن الوطن فمنهم الشهيد ومنهم الجريح ومنهم الأسير والمفقود، لا فرق بينهم وبين أي مقاتل في الميدان، بينما لو نظرنا إلى الأطراف الآخرين سنجدهم هم وأسرهم يتمتعون برغد العيش في عواصم دول العدوان بالرياض ودبي وأبو ظبي ومنهم من يعيش في اسطنبول والدوحة والقاهرة يتاجرون بأوجاع الشعب اليمني ومعاناته عاجزين عن تقديم أي شيء له، وهم بذلك السلوك أصبحوا أدوات بيد العدو فاقدين لأي شرعية أو أي قاعدة جماهيرية داخل الوطن، وجلّ ما يتمنّاه هؤلاء ويسعون إليه هو إطالة أمد الحرب لأنّ انتهاءها هو نهاية لهم ولدورهم الارتزاقي المشبوه ودفن لمستقبلهم السياسي الذي انتهى بمجرد بدء العدوان، لذلك هم يعطّلون أي مسعى من شأنه أن يؤدّي إلى حلّ سلمي للأزمة يُنهي الحرب ويوقف معاناة الشعب اليمني.

*السفير اليمني في دمشق

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى