أولى

على طريقة كورونا…  الحكومة بوجه الغلاء

التعليق السياسي

 

 

في مداخلته في قصر بعبدا ضمن مشاركته في اللقاء الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لمناقشة الخطة الاقتصادية المالية للحكومة، قال رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، إن الخطة التي تتضمّن الكثير من الإيجابيات تحتاج إلى النقاش بالتأكيد. وهذه مهمة اللقاء، لكن الخطة ولو بلغت مرحلة الكمال النظري، فإنها لن تحلّ المشكلة التي يتفق الجميع على توصيفها منذ حكومات ماضية وتشترك معهم الحكومة الحالية في بياناتها، بالتوصيف القائم على اعتبار فقدان الثقة بين المواطنين والدولة أخطر ما نواجهه سياسياً واقتصادياً، وحيث النجاح بالمعالجة شرط ضروري لنجاح أي خطة.

وشرح حردان كيف أن الحكومة قدمت نموذجاً يستحق التنويه والتقدير في مواجهة وباء كورونا، فلاقت تجاوباً شعبياً كان شرط النجاح في خطتها للمواجهة، لأن شعوباً أخرى استنكفت عن التجاوب مع نداءات حكوماتها عندما وجدت هذه الحكومات غير جدّية بما يكفي في المواجهة. ودعا إلى أن تخوض الحكومة مواجهة مماثلة بتعبئة عامة لمواردها ومقدراتها، وتتخذ القرارات والإجراءات اللازمة، في المعركة التي لا تقل خطورة بوجه وباء الغلاء، لأن الفوز هنا كما الفوز هناك، بحد ذاته هدف يحفظ الأمن الصحي والأمن الاجتماعي، لكن ما لا يقل أهمية أن النجاح يعيد بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.

في الاجتماع الذي عقدته الحكومة أمس، في السراي برئاسة رئيسها الدكتور حسان دياب سمعنا كلاماً مماثلاً، يطمئن لجهة النيات، والمجتمع اللبناني وهيئاته وأحزابه وشبابه مستعدّون لتعبئة عامة للتطوع للمشاركة في الخطة الحكومية التي يجب أن تبدأ من آلية مهنية شفافة للتسعير، وآلية موازية للمراقبة، وتحشد في الآليتين كل الطاقات والخبرات والمقدرات التي يمكن للدولة الزجّ بها، والتي يمكن للمجتمع أن يستنفرها، والنجاح بالتجربة سيكون مثالاً يُحتذى في مستقبل المشروع الاجتماعي للحكومة، حيث ضبط الاستيراد وتوجيه الباقي منه إلى الضروريات، ودعم الإنتاج المحلي ليعزز حصته من سوق الاستهلاك، والتحقق من مواصفات المستوردات، ومفاضلة للأسعار بما يتناسب مع دخول اللبنانيين. ويجب أن تبدأ الحكومة لتحقيق هاتين الغايتين بالإمساك بمصدر التمويل، من خلال آلية مشتركة مع مصرف لبنان لا أن يترك الأمر لكل طلب استيراد تجاري للمواد الاستهلاكية الأساسية. وهذا يعزز موقع الحكومة بوجه التجار، ويتيح لها معرفة الكلفة الحقيقية وتحديد هوامش الربح المسموح، ولأنها ستؤمن الدولار بسعر مخفض لهذا الاستيراد فلن يتجرأ أحد على المخالفة تحت طائلة شطبه من لائحة المستفيدين من هذا الدولار المخفض، وتبقى السلع التي لا تحوز هذه الميزة ضمن الضروريات متاحة بأسعار السوق الحرة، طالما هي كماليات لا تهم المستهلك المستهدف بالخطة.

أما آلية المراقبة والتدقيق فيكفي إنشاء منصة إلكترونية علنية تنشر وزارة الاقتصاد عليها صباح كل يوم لائحة الأسعار لمئة سلعة استهلاكية أساسية، وإلزام الاستهلاكيات بوضعها على شاشات قرب صناديق المحاسبة، وخط ساخن مثبت في الاستهلاكيات عند صندوقها لتقديم الشكاوى وتطبيق إلكتروني مجاني على الهواتف، واستنفار طاقات الشباب الجامعي للمشاركة بدعم مراقبي حماية المستهلك لتتمكن الحكومة بعد ثلاثة شهور من إعلان انتصارها في معركة الغلاء كما حدث في معركة الكورونا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى