الوطن

ملف الفيول المغشوش يتفاعل سياسيّاً وقضائيّاً فرنجية يحمل بعنف على العهد و«الوطني الحرّ» ورئاسة الجمهوريّة تردّ بالمثل

 

تفاعل أمس ملف الفيول المغشوش، قضائياً وسياسياً، متخذاً منحى تصاعدياً عنيفاً بين رئاسة الجمهورية والتيّار الوطني الحرّ من جهة، وتيّار المردة من جهة أخرى.

وفي هذا السياق، أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور أمس، 4 مذكرات توقيف غيابية في حقّ كل من: المدير العام للمنشآت النفطية سركيس حليس، مدير المناقصات في المنشآت جورج الصانع، مالك شركة ZR Energy تيدي رحمة والمدير التنفيذي للشركة إبراهيم الزوق.

وقدم فريق الدفاع عن حليس، الذي تغيّب عن حضور جلسة الاستجواب أمام قاضي التحقيق، مذكرة دفوع شكلية استناداً إلى نص المادة 73 من أصول المحاكمات الجزائية التي تجيز بحسب فريق الدفاع، تقديمَ الدفوع حتى ولو لم يحضر المدعى عليه مؤكداً أنه في ظل وجود النص لا يـُقبل الاجتهاد.

وفي الملف نفسه، حضر المحامي صخر الهاشم كوكيل عن المدعى عليه رحمة، مقدماً بدوره دفوعاً شكلية ومشيراً إلى أنّ رحمة لا علاقة له بشركة zr  energie  الملاحقة.

سياسياً، شنّ رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية هجوماً على التيار الوطني الحرّ وعلى العهد وأكد في مؤتمر صحافي عقده في مبنى مؤسسة المردة في بنشعي، أنّ «ملف الفيول المغشوش سياسي والجهة التي فتحته معروفة وكذلك القضاة»، موضحاً أنه «بعد طرح اسمنا في إطار اتهامات بالتغطية على أحد نخرج في الإعلام لنؤكد أنّ سركيس حليس هو صديق ونؤمن ببراءته فهو شخص آدمي ومظلوم وهو سيمثل أمام العدالة والقضاء الحقيقي هو الذي سيثبت براءته».

وشدّد فرنجية على أنه «يحترم القضاء، ولكنّ القضاء الذي يتابع هذا الملف حتى الساعة هو قضاء مسيّس وعندما تصل مرحلة الملف إلى القضاء العادل عندها تتبين الحقيقة»، معتبراً أنّ «من لا يحترم القضاء هو الذي لم يوقع التعيينات القضائية».

وقال: «ضميرنا مرتاح إلى أقصى الحدود وحساباتنا وحسابات أولادنا وأولاد أولادنا وأقربائنا مفتوحة وحسابات كل المحيطين بنا مفتوحة وليتابعها القضاء».

ورأى أنّ «وصولهم إلى السلطة كشفهم والتاريخ لن يرحم وسيحاكم». وقال: «كذبتم على الناس عام 1989 ودمّرتم لبنان والمناطق المسيحية وكذبتم على الناس عام 2005 والآن تكذبون على الناس. قوتكم كانت ترتكز على الدعم الشعبي واليوم قوتكم نابعة من السلطة ولكن حين تذهب السلطة لن تساووا شيئاً وإذا كان القضاء لن يحاكمكم فالتاريخ سيحاكمكم»، وأضاف: «لأنهم لم يتمكنوا من تبييض صفحتهم عمدوا إلى تشويه صورة غيرهم».

وتابع: «سركيس حليس ذهب إلى المحكمة ولكن أن يصل عند قاضي التحقيق ويفاجأ بأن غادة عون أرسلت عسكريين لتوقيفه فهذا غير مقبول»، مطالباً بإنجاز «تحقيق شفاف وعدالة بهدف التوصل إلى حكم عادل وللقضاء الحق في التحقيق بحسابات سركيس حليس وأملاكه ليبني على الشيء مقتضاه».

وأردف: «آل رحمة أصدقائي من 40 سنة وريمون رحمة صديقي وأخي ونسافر معاً ولا أخجل من ذلك وضميري مرتاح»، لافتاً إلى أن «جبران باسيل حاول استمالة آل رحمة ولكن سبحان الله لا يحبونه. وإذا كانوا يريدون محاسبتنا فلهم أن يروا ان كنا في وزارة الأشغال أو أي وزارة أخرى استلمناها قد أعطيناهم شيئاً وغير ذلك لا علاقة لهم بصداقاتنا».

وقال: «أما في ملف النفط فهم غير موجودين. وقد صدرت مذكرة توقيف بحق تيدي رحمة باعتبار أن البواخر مغشوشة، والواقع أن عدم مطابقة المواصفات لا يعني أنها مغشوشة. الدولة وقعت عقداً مع «سوناطراك» يقضي بأن نأخذ الفيول وإذا كانت الباخرة مطابقة نستلم وإذا كانت غير مطابقة لا نستلم ونعيدها ونحصل على غيرها على حساب سوناطراك».

وأضاف: «3 مختبرات وافقت عليها الدولة واحد في مالطا وواحد في لبنان تابع لإدارة سركيس حليس ولكن لديه مديره الخاص، ومختبر شركة الكهرباء، ومختبران قالا إن الباخرة غير مطابقة ومختبر قال إنها مطابقة».

وتابع: «القاضي علي إبراهيم حقق وأقفل الملف أمّا غادة عون فحضرت تحقيقاً من 400 صفحة، يتضمن 100 سؤال عن سركيس حليس ولا شيء فيه يدل على أن سركيس حليس له علاقة».

وقال: «7 وزراء تعاقبوا على وزارة الطاقة منذ توقيع العقد مع «سوناطراك»، 6 منهم للتيار الوطني الحر. فإذا كل هذه البطولات واستغرقوا 10 سنوات لاكتشاف أن هناك مشكلة بالفيول. ألا يجب تحميل الوزراء أية مسؤولية؟ 20 شركة مذكورة في التحقيق واحدة منها في دبي وهي لإبراهيم الذوق، وهم يبيعون المازوت للدولة بموجب عقد».

وحذّر من أنهم «إذا أرادوا الحرب فليكن، وإذا أرادوا السلم نحن جاهزون، نحن بمشروع سياسي واحد ولكنهم لم يتمكنوا من تبييض صورتهم يحاولون تشويه صورة غيرهم»، مشيراً إلى أنه «إذا كان لديهم مشكلة معي فأنا موجود وإذا أردتم الحرب فنحن لها وإذا أردتم السلم فنحن جاهزون. ولكنهم الضعفاء والجبناء يظلمون ويتمرجلون بالسلطة ولكن التاريخ لن يرحمهم».

وتابع: «عام 1989 كذبتم على الناس وكذلك في العام 1990 وعام 2005، وكذبتم واليوم تكذبون مجدداً»وصلتم إلى السلطة فانكشفتم أمام الناس».

وكشف أنّ «كل ادعاءاتهم بأن لبنان بلد نفطي كاذبة، ولا أرض فيه تشبه أراضي استخراج الغاز وإن شركة «توتال» ستوقف التنقيب وتغادر وقد تدفع البند الجزائي الذي يترتب عليها حتى لا تعود مجدداً».

وتساءل: «لماذا اليوم سوناطراك اضحت غير شرعية علما أنها شركة للدولة الجزائرية؟ لماذ اكتشفوا اليوم ذلك. هناك احتمالان إما أنهم متواطئون أو انهم كانوا يغضون النظر».

وقال: «الرؤوس الكبيرة ليست سركيس حليس ولا أورور فغالي اللذين يحاول التيار الوطني الحر التضحية فيهما كما ضحى بكل الذين ناضلوا في التيار الوطني الحرّ».

وأكد أنّ «الأوضاع ستتغير، الكيدية والطريقة السلبية بالتعاطي لن تعيد لكم شيئاً».

ورداً على أسئلة الصحافيين، أكد أنّ «ضميرنا مرتاح إلى أقصى الحدود والقضاء سيقرّر إذا ما كان سركيس حليس مذنباً. ولكن هناك معطيات واضحة أكان لناحية الجهة التي فتحته ومن يحقق فيه والقضاة الذين يتابعونه».

وقال: «نؤمن بالدولة ونحن أول فريق سلم سلاحه للدولة بعد الحرب الأهلية. ونحن أيضاً نؤمن بالعدالة ولكن عندما تكون العدالة مخطوفة لن نمون على أحد بأن يسلم نفسه للقضاء. فقناعتنا هي أن القضاء مسيّس ومع الوقت سيظهر كل شيء. سركيس حليس سيمثل أمام العدالة ولكن ليس أمام عدالة وقضاء جبران باسيل».

ورداً على سؤال حول توقيت فتح الملف، أكد فرنجية أنّ «حرب الرئاسة بدأت عند جبران باسيل».

من جهة أخرى، أشار فرنجيه إلى أن «خسائر لبنان جراء ملف الكهرباء تقدر بالمليارات والمطلوب القيام بمناقصة شفافة ضمن إطر علمية ودقيقة وواضحة».

وقال: «على صعيد متصل، اليوم أنا أقدم إخباراً حول سمير ضومط. قبل أن يأخذ عقد الباخرة بسنتين، كان معروفاً أنه سيحصل عليه. وجبران باسيل وضع اسم سمير ضومط من أجل إحراج الرئيس سعد الحريري الذي لم يوقع على العقد».

وعن عدم مشاركته في لقاء بعبدا المالي، قال: « نحن مشاركون في الحكومة وملاحظاتنا قدمناها على طاولة مجلس الوزراء. في هكذا لقاء يجب إحضار من ليس مشاركاً في الحكومة لإبداء رأيه. ونحن سنقدم ملاحظاتنا نفسها على الخطة الاقتصادية في مجلس النواب».

وأضاف: «عندما نكون مستهدفين من قبل بعبدا فنحن من يقرّر إذا كنا سنحضر أو لا».

وفي الموضوع الاقتصادي، رأى فرنجية أن «العهد يكذب في ما يخص بصندوق النقد الدولي فهو غير قادر على الالتزام بالشروط المطروحة، كما أن صندوق النقد لن يساعد إذا لم يلتزم بشروطه».

وختم فرنجية: «سركيس حليس وتيدي رحمة ليسا في حمايتي. وأنا لن أقول لسركيس حليس إذهب إلى القضاء على مسؤوليتي إذا لم أكن قادراً على تأمين العدالة له. فالسيناريو المتوقع لسركيس حليس أن يكون مثل السيناريو الذي ركب لهدى سلوم وبالأخير كانت بريئة. فمن أعاد لها حقها؟. وأقول للقضاة الخائفين والموعودين بمراكز، خلال سنتين ستتغير كل المعادلات».

لم أقصد الإساءة إلى ميقاتي

ولاحقاً صدر عن مكتب فرنجية بيان جاء فيه: «منعاً للالتباس فإن ما قاله رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه في مؤتمره الصحافي بشأن إقرار ملف بواخر الكهرباء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كان في سياق عرض عام لمسار تولي وزراء التيار الوطني الحر ملف الكهرباء، ولم يقصد به الإساءة الى الرئيس ميقاتي أو توجيه الاتهام إليه شخصياً في هذا، لأن خطة الرئيس ميقاتي لملف الكهرباء التي نوقشت يومها كانت واضحة في وضع الضوابط التي تحفظ المال العام والشفافية في مقاربة هذا الملف، والقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء يومها في هذا الصدد واضح في هذا السياق. فاقتضى التوضيح».

بعبدا تردّ

وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان عنيف على فرنجية، جاء فيه: «تعليقاً على ما أورده رئيس تيار «المردة» الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، ولا سيما ما تناول به فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يهم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية التأكيد  أن من أصدق ما قاله السيد فرنجية هو «وقوفه إلى جانب ناسه» سواء كانوا مرتكبين أو متهمين بتقاضي رشاوى. وبدلاً من أن «يفاخر» السيد فرنجية بحمايته لمطلوبين من العدالة، كان الأجدر به أن يرفع غطاءه عنهم ويتركهم يمثلون أمام القضاء الذي هو الجهة الصالحة لتبرئتهم أو إدانتهم. وبكل الأحوال يبقى هذا الموضوع في عهدة القضاء الذي له وحده أن يتخذ ما يراه مناسباً من إجراءات».

أضاف: «وفي ما عدا ذلك من كلام السيد فرنجية الانفعالي، فهو لا يمت، في معظمه، إلى الحقيقة بصلة وفيه تزوير للوقائع وبالتالي لا يستحق الرد، وإن كان حفل بالإساءات التي تضرّ بسمعة لبنان ومصلحته واقتصاده ودوره وحضوره في محيطه والعالم، ولا سيما ما ذكره عن موضوع التنقيب عن النفط والغاز».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى