الوطن

قرار الحكومة في مواجهة كورونا ضرورة وخيار وفي الزمن الصح

} علي بدر الدين

يؤشر احتدام الصراع بين الدولة والمواطن من جهة، وفيروس كورونا وخطره من جهة ثانية، إلى أنّ المواجهة باتت حتمية ولا مجال للإهمال والتباطؤ وترك حرية التنقل والتجمُّعات والتسوّق للمواطن وضربه عرض الحائط كلّ التدابير والإجراءات الوقائية وعدم مبالاته بالعقوبات القانونية عند مخالفتها وهو يدرك حجم الأخطار المتربّصة بالوطن والشعب والمؤسّسات وتداعياتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية التي تستنزف المدّخرات وتقضّ مضاجع اللبنانيين وتغرقهم بالفقر والذلّ والجوع، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على العلاقات الأسرية والاجتماعية وقتل الحياة الطبيعية للمجتمع والناس وإقفال المدارس والمعاهد والجامعات وضياع سنة دراسية وتقويض الأحلام والطموحات.

حسناً فعلت الحكومة بقرار الإقفال التامّ لمدة لأربعة أيام متتالية لأنه حان الوقت لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب الذي لا بديل عنه لمواجهة تحدي الوباء المفترس وحماية اللبنانيين بقوة القانون لأنّ بعضهم رفض الالتزام بالحجر المنزلي المعمول به، والاتعاظ من كارثية المرض وهو يرى ويسمع كيف يفتكّ بالبشر ويهدّد استقرار الدول من دون أن يعنيه هذا الخطر المحدق به وبأقرب الناس إليه وليس هناك من عاقل يدرك ذلك ويرمي نفسه وأهله وأبناء بلدته ووطنه في التهلكة والنار المشتعلة.

المطلوب من الحكومة التي تدرك حتماً حجم الخطر الذي يهدّد لبنان أن تنفذ مضمون قرارها بحذافيره وبشدة وحسم وحزم، من دون مجاملة أو مراعاة أو مسايرة لأحد أياً كان لمنع الخطر عن الجميع، لأنّ أيّ تهاون أو تراخٍ في فرض هذا القرار يعني أنّ المواجهة مع كورونا ستستمرّ وخواتيمها لن تكون لصالح البلد وناسه ولن تعيدهما إلى ما كانا عليه قبل كورونا مع أنه لم يكن مشجعاً ولا يبشر بالتفاؤل.

لن يفيد لبنان وشعبه استمرار تحميل مسؤولية إعادة تمدّد الوباء لأحد سواء كان من اللبنانيين المغتربين العائدين إلى وطنهم، وهذا حق لهم، أو من المقيمين، خاصة الذين يستهزئون بالقرارات الرادعة ولا يبالون للخطر المقيم بينهم، ولا التلهّي بالشائعات التي يوازي خطرها انتشار كورونا حيث أدخل الرعب والقلق والخوف إلى العائلات الملتزمة الحجر الصحي المنزلي منذ الإعلان عنه، وعلى الجهات المعنية معرفة مروّجي الشائعات وملاحقتهم لوأدها هذه الشائعات قبل أن تفعل فعلها.

كورونا ليس التحدي الوحيد الذي تواجهه الحكومة، لكنه الأخطر على الإطلاق لانعكاسه السلبي على مجمل الأوضاع في لبنان، وإنّ مواجهته والقضاء عليه أو التقليل من خطره وتداعياته في هذه المرحلة من الأولويات أمامها لأنّ الانتهاء منه يزيل عقبة صعبة جداً من طريق الحكومة التي أقرّت الخطة الإصلاحية الاقتصادية والمالية وتتحضّر للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وعليها وضع ما اتخذته من قرارات شجاعة لمحاربة الفساد واستئصاله وكشف الفاسدين ومحاسبتهم موضع التنفيذ، وقد بدأت تباشير التنفيذ من خلال فتح ملفات الفيول المغشوش والاتهامات المتبادلة حول من هو الفاسد والمتورّط، وكذلك كشف المتلاعبين بسعر صرف الدولار وحرمان فقراء الناس من حقوقهم ولقمة عيشهم، والبقية حتماً تأتي لأنّ جميع الفاسدين بيوتهم من زجاج وكرة نار العدالة تتدحرج لكشف مستور حجم الفساد المهول والمخيف. وما على الحكومة سوى السير بقوة ثقة اللبنانيين حتى النهاية المأمول الوصول إليها علّ الآتي من الزمن يكون أفضل حالاً والخواتيم سعيدة مشجعة.

فهل يتحقق الحلم في ظلّ هذه الحكومة التي لا تزال مستهدفة رغم جديتها وتحمّلها المسؤولية في ظروف قاسية غير مسبوقة، ويكفي كورونا وخطره وتداعياته الكارثية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى