أولى

ما هي جريمة السيدة نوار مولوي دياب؟

التعليق السياسي

 

 

خلال يومين لم تهدأ وسائل التواصل الاجتماعي في ما بثه ناشطون أغلبهم محسوب على مَن يسمّون أنفسهم بـالثواروالمنتفضين، في محاولة لتصوير عقيلة رئيس الحكومة في ما قالته إنه تعالٍ وتكبّر على اللبنانيين وتحقير لهم. فماذا قالت؟

قالت السيدة مولوي دياب إن علينا كلبنانيين إعادة النظر بالكثير من عاداتنا وأسلوب نظرتنا للعمل، وهي قدمت أمثلة حقيقية يعرف الباحثون أنها جوهر نزيف غير مبرر في العملات الصعبة، بما يعادل 4 مليارات دولار سنوياً تذهب للعاملات المنزليّات الأجنبيّات والعمال المصريين والسودانيين والسوريين كنواطير بنايات وعمال على محطات البنزين، بالإضافة لعمال النظافة من الهنود والباكستانيين، وهذه فرص عمل لن يتوقف الطلب عليها، والسؤال هو هل يتصدّى لها لبنانيّون ولبنانيّات؟

الحملة التي استهدفت السيدة دياب عدا عن كونها ظالمة، تكشف عقم ثقافة لا تزال تعشعش في عقول شريحة تحسب نفسها على نخب تسعى للتغيير، تريد صناعة التغيير مع برستيج الارستقراطية الكاذبة، الذي يعيشه الكثير من اللبنانيين، ويختصرها المثل الشعبي بالقول،تديّنوا وتزيّنوا، وقد شكلت عملياً جوهر فلسفة مصرف لبنان خلال ثلاثة عقود، وهي جوهر السلوك اللبناني الذي يتقبل العمل في محطة بنزين عندما يسافر إلى أميركا، لكنه ينظر إليها بازدراء في لبنان.

مثال على التغيير الذي لا يصيب الكرامة النفاقية التي ردّ بها البعض على كلام السيدة دياب، استعمال السيارات الخاصة في الذهاب إلى العمل، وما يلزمه من إنفاق بالعملات الصعبة لنفط مستورد، يمكن تخفيضه إلى النصف إذا تقبّل اللبنانيون الاقتصاد في استخدام سياراتهم، واعتماد الدراجات الهوائية في المدن، والسير على الأقدام حيث يمكن، والتنقل من المسافات البعيدة على الطريقة الأوروبية بتجمّع ركاب الطريق عبر تطبيقات الكترونية في سيارة واحدة وتقاسم فاتورة البنزين.

القضيّة ليست في ما قالته السيدة دياب، بل في مدى جهوزيتنا لسلوك طرق إنفاق واقعية واقتصادية، وملء فرص العمل المتاحة بلبنانيين يشكو بعضهم من خطر الموت جوعاً، ويأتي من يقول، إنه من الإهانة أن نجد له فرصة عمل على محطة بنزين وندعوه كي يشغلها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى