أولى

حزب الله والمعادلة الكبرى…

 نايف أحمد القانص*

عاماً بعد عام يزداد محور المقاومة مناعة وقوة امتداداً من بيروت إلى دمشق وبغداد والقدس وصنعاء وصولاً إلى طهران، وقد راكم هذا المحور خبرات قتالية خلال السنوات الأخيرة، لا سيما من خلال مشاركته في مواجهة الحرب الكونية على سورية.

لعقود طويلة، ظلّت معادلة الصراع مع العدو الصهيوني غير متوازنة حتى أيار عام 2000 تاريخ تحرير جنوب لبنان من الاحتلال «الإسرائيلي» الذي خرج جيشه يجرّ أذيال الخيبة والانكسار بعد أن قيل عنه يوماً إنه «لا يقهر».

منذ ذلك التاريخ، لم تهدأ محاولات استهداف حزب الله الذي تمكّن من تغيير موازين القوى وإجبار الصهاينة على الانسحاب كما تمكّن من تحرير عدد كبير من الأسرى اللبنانيين والعرب في مفاوضات غير مباشرة، ولم يوفّر التحالف الصهيوني الأميركي، بمساعدة بعض العرب، وسيلة إلا واستخدمها من أجل التضييق عليه وتأليب اللبنانيين ضدّه.

عام 2005، وتحديداً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري بدأ التحضير لمؤامرة جديدة بتوجيه أصابع الاتهام إلى سورية وتحميلها مسؤولية عملية الاغتيال لتستمرّ الضغوط حتى خروج الجيش السوري من لبنان صيف 2005.

في العام 2006 شنّت «إسرائيل» عدواناً على لبنان لتأتي النتائج عكس ما تمنّاه العدو الصهيوني والقوى التي تقف خلفه فانتصرت المقاومة ومن جديد هزم الجيش «الذي لا يُقهر» في عدوان الثلاثة وثلاثين يوماً ولا تزال المؤامرات تستهدف حزب الله حتى يومنا هذا.

بعد ذلك، اندلعت أحداث ما سمّي «الربيع العربي» وهي استكمال للمؤامرة الصهيوأميركية على دول المنطقة العربية، خاصة سورية قلب المقاومة، وبما أنّ استهداف القلب مقدّمة لإنهاء الجسد، شُنَّت الحرب الكونية على سورية واستجلب إليها الإرهابيون والمرتزقة من كلّ أصقاع العالم، عندها استدرك حزب الله حجم المؤامرة فوقف إلى جانب سورية وتحقّق النصر وسقطت المؤامرة، لتبدأ اللعبة من جديد باستهداف لبنان وإيران في وقت واحد بحراك شعبي ظاهره مطالب معيشية وباطنه تدمير ممنهج.

سقطت المؤامرة في إيران ونجحت المقاومة في لبنان في امتصاص الغضب وضبط النفس ووضع مصلحة لبنان فوق كلّ مصلحة، وفي خضمّ الوضع الاقتصادي الصعب تمكنت القوى الوطنية، وعلى رأسها حزب الله من تشكيل حكومة أقرّت خطة اقتصادية إصلاحية وبدأت بملاحقة كلّ من تلاعبوا بأوجاع اللبنانيين ولقمة عيشهم.

إلا أنّ محاولات محاصرة حزب الله لم تنتهِ، لتكون ألمانيا هذه المرّة مركز اللعبة الجديدة بحظرها نشاطات «حزب الله» على أراضيها وتصنيفه كمنظمة إرهابية، وبطبيعة الحال فإنّ هذا الإجراء يتلاقى مع أهداف «إسرائيل» وأميركا، وقد أكد ذلك أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته قائلاً إنّ «حزب الله ليس له أيّ تنظيمات في أيّ بلد أوروبي أو في أيّ من دول العالم»، مشيراً إلى أنّ «اللبنانيين في ألمانيا أو في أيّ بلد هم من المؤيدين لمقاومة الاحتلال وهؤلاء ليس لهم أيّ علاقة تنظيمية مع حزب الله». وهذا يجعلنا نتساءل: أليست مقاومة المحتلّ ومقارعته حقّاً مشروعاً لجميع الشعوب  دون استثناء تكفله القوانين والشرائع الدولية؟ ألا يخدم الامتناع عن تحديد مفهوم للإرهاب الإدارة الأميركية راعية الإرهاب في العالم والعدو الصهيوني؟ إلا يشرعن المعنى الفضفاض للإرهاب التدخلات في شؤون الدول واحتلالها ونهب ثرواتها؟ وهل يتساوى المقاوم المدافع عن أرضه وبيته مع الإرهابي المحتلّ؟ وهل يتساوى الجلاد مع الضحية؟

لطالما كان حزب الله ولا يزال إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة في فلسطين بكلّ فصائلها وحركاتها من دون تمييز أو استثناء، وكلّ محاولات حصاره والتضييق عليه هي بسبب مواقفه التي تعيق تنفيذ «صفقة القرن» المزعومة التي تهدف إلى نسف قضية فلسطين وحقوق أبنائها وإبقائهم في الشتات إلى ما لا نهاية.

في أجواء ذكرى نكبة فلسطين وعلى بعد أيام من اليوم العالمي للقدس الذي أعلنه الإمام الخميني ليكون في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، نؤكد أنّ قضية فلسطين ستبقى حية في وجدان الأمة، ما دامت هناك مقاومة في لبنان وسورية والعراق وفلسطين واليمن وإيران، وما دامت هناك أيدٍ مضرجة تقرع باب الحرية سننتصر بإذن الله.

 

*السفير اليمني في دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى