الوطن

من تراثنا المقاوم

} معن بشور

في تراث لبنان المقاوم للمشروع الصهيواستعماري أسماء مقاومين ومناضلين وقادة وجمعيات ومبادرات يحتاج الواحد منهم إلى مجلدات للكتابة عنه، رغم أنّ في سيرة كلّ منهم ما تعتزّ به شعوب، وتفتخر به أوطان.

في ذلك التراث اسم جمعية تردّد في خمسينيات القرن الماضي على كلّ شفة ولسان، وشملت فعالياتها وأنشطتها كلّ لبنان، وخصّصت لها إذاعة لبنان برنامجاً أسبوعياً خاصاً، وزرعت في كلّ مواطن، كبيراً أم صغيراً، إحساساً بالمسؤولية، ليس في مواجهة عدو احتلّ أرضاً عربية في فلسطين فحسب، بل في مواجهة كلّ آفة اجتماعية أو احتكار أو فساد أو غلاء  يفتك في مجتمعنا

إنها جمعية «كلّ مواطن غفير» التي ارتبط اسمها باسم مؤسّسها الدكتور بشارة الدهان الطبيب الذي ناضل منذ أن كان طالباً في فرنسا منضوياً تحت لواء جمعيات مناهضة الصهيونية، إلى أن أصبح طبيباً لبنانياً في مستشفى حيفا الفلسطينية قبل احتلالها، ليساهم بعد عودته إلى لبنان مع الزعيم الوطني الشهيد كمال جنبلاط في تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي عام 1949.

وشارك الدهان في تأسيس جمعية «كلّ مواطن غفير» يومها شخصيات وطنية وقومية بارزة كالكاتب القومي الاجتماعي سعيد تقي الدين، والصحافي العروبي (نقيب الصحافة في ما بعد) وفيق الطيبي، والدكتور البيروتي هاني بلطجي، والاقتصادي اللامع الدكتور يوسف عبد الله صايغ، والأمين في الحزب السوري القومي جورج صليبي (رحمهم الله جميعاً).

هذه الجمعية، وهؤلاء الأسماء، كانوا رواداً في مقاطعة العدو وداعميه، وزارعي مفاهيم مناهضة التطبيع معه بشكل مبكر، بل ومساهمين في التمهيد لفكرة المقاومة على المستوى القومي، لا سيّما أنّ المقاومة اللبنانية قد تجلت يومها بأسماء عدة منها النقيب في الجيش اللبناني ابن يونين البقاعية الشهيد محمد زغيب، وقائد جيش الإنقاذ ابن طرابلس فوزي القاوقجي، والقائد العروبي المجاهد ابن صيدا معروف سعد ورفيقه الكاتب الراحل شفيق أرناؤوط الذي أسّس مع عماد الصلح رئيس المركز الثقافي الإسلامي في ما بعد إذاعة جوالة في شوارع بيروت باسم «صوت فلسطين».

إنّ استذكار هؤلاء الرواد والعديد العديد من أمثالهم ليس تكريماً لنضالهم فحسب، بل هو تأكيد على أنّ خط مقاومة العدو خط مزروع في تراب لبنان بكلّ مناطقه ومكوّناته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى