نقاط على الحروف

بري ونصرالله: خريطة طريق إقليميّة ولبنانيّة

 ناصر قنديل

جاءت الكلمتان المتزامنتان لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أقرب لتقاسم أدوار في الخطاب، الهادف لرسم خريطة طريق إقليمية ولبنانية، من موقع بدا واحداً في القراءة في كتاب نصر التحرير، ويوم القدس، حيث العنوان الجامع واضح وواحد، المواجهة خيارنا ومشاريع الضغط لتهوين الإرادة وإضعاف العزيمة لن تفلح، وقراءة العناصر المحيطة بخيار المواجهة ثابتة في اعتبار عناصر القوة إلى تصاعد، ومصادر قوة المشروع المعادي للمقاومة المرتكز إلى العدوانية في كل من واشنطن وتل أبيب، مهما بدت في طريق التعاظم، سواء في مناحي التطبيع الرسمي العربي، أو تشديد العقوبات والحصار على دول وشعوب محور المقاومة، لن تغيّر في المعادلات الكبرى التي رسمتها التضحيات، وترجمتها الانتصارات، والانتماء للمحور الواحد واضح بالتصريح لا بالتلميح لموقع سورية وإيران في الخيارات الكبرى، في الخطابين.

الجديد في الخطابين، هو ما يمكن افتراضه من تكامل يحقق ولو دون تنسيق إجرائي إيصال رسائل بالوكالة، حملتها كلمة بري لبعض الداخل اللبناني وخصوصاً من الحلفاء الذين لا يرغب حزب الله بمخاطبتهم عبر الإعلام ولا يرى مصلحة في فعل ذلك، من موقع حماية الخيارات التي يتموضع عندها موقف حزب الله وحركة أمل معاً، وبالمقابل رسائل هامة حملتها كلمة السيد نصرالله إلى البعض العربي واللبناني المفتوحة خطوطه مع بري الذي لا يرغب بقطع هذه الخطوط، ولا يرى مصلحة فيها لما يمثل هو وحزب الله معاً، بحيث يمكن للبنانيين المتسائلين عن موقف حزب الله من بعض الملفات اللبنانية الحساسة المتداولة أن يقرأوا الجواب في كلمة بري، ويمكن للعواصم الدولية والعربية التي تتساءل عن موقف بري من مسار العقوبات والحصار على سورية وإيران وحزب الله، أن تقرأ الجواب في كلمة السيد نصرالله.

الدعوة لإصلاح سياسي يبدأ بقانون انتخابات خارج القيد الطائفي، والإسراع بتحرير القضاء من التدخلات وتثبيت استقلاله، وتحرير الكهرباء من المحاصصة، وحماية الودائع ومواجهة التلاعب بالأسعار، خصوصاً سعر الصرف، والإسراع بتأسيس علاقة تعاون حكومية مع سورية، وعدم انتظار المفاوضات مع صندوق النقد للسير بخطوات اجتماعية واقتصادية عاجلة. هذا هو البرنامج المرحلي للحليفين الأساسيين في مواجهة احتياجات ومقتضيات الداخل اللبناني. وبالتوازي رسالة الثنائي الواضحة للخارج الإقليمي والدولي، تتدرّج بعناوينها وتطال تأكيد التمسك بفلسطين، والثقة بحجم مأزق كيان الاحتلال رغم ارتفاع العدوانيّة، واليقين بالتراجع الأميركي رغم وحشية العقوبات، والدعوة لعدم الوقوع في رهانات خاطئة كوقوع حرب أميركيّة إيرانيّة لن تقع، وانتظار جوائز على عمليّات التطبيع التي تدين أصحابها وتعزلهم عن القضية الأهم في المنطقة التي تشكلها قضية فلسطين، والدعوة للحفاظ على وحدة العراق ومصادر قوته، وحماية إنجازات سورية وانتصاراتها.

إذا اكتفى الداخل اللبناني بقراءة كلمة السيد نصرالله واعتبرها ذات بعد إقليمي واكتفى الخارج بقراءة كلمة الرئيس بري واعتبرها ذات بعد لبناني، سيقع الداخل والخارج بالاشتباه. فالرسائل مقلوبة المصدر والوجهة، وربما يكون قد لفت نظر البعض، حجم الوضوح الإقليميّ في رسالة بري، وحجم الطموح الداخلي، وبالتوازي حجم الثبات الإقليمي في خطاب السيد نصرالله، وحجم الهدوء الداخلي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى