أولى

إيران المحاصرة تكسرُ الحصار عن فنزويلا

شوقي عواضة

لم تكنِ المرة الأولى التي ترسل فيها طهران سفن نفطها إلى الخارج لا سيّما إلى الدول التي تعاني من الحصار الأميركي الذي فرضته إدارة ترامب. فبعد إرسال طهران سفينة نفط في أيار من العام الماضي إلى دمشق استطاعت من خلال ذلك كسر الحصار الأميركي المفروض، لا بل كسر الهيمنة الأميركية وعنجهية ترامب الذي أدرك أنّ إيران جادةٌ في مواجهتها للحصار الاقتصادي الأميركي الظّالم أينما كان..

جاءتِ الصّفعة الإيرانيّة الثانية التي كانت أشدّ قسوةً وأكثر إيلاماً للمتغطرس الأميركي من خلال إرسال طهران خمس سفنٍ محمّلة بالبنزين والنفط إلى كراكاس المحاصرة منذ أكثر من عام تقريباً. لم تحملِ الناقلات الإيرانية النفط وحسب بل أنّها تحمل العديد من الرسائل التي قرأتها الإدارة الأميركيّة وإعلامها إضافةً إلى الإعلام العبري الذي رأى بأنّها من أقوى الصفعات التي وجّهتها طهران لإدارة ترامب، إذ أنّ مجرد اتخاذ طهران لقرار إرسال الناقلات فذلك يعني أنّ هناك قراراً بوضع حدّ للتدخلات الأميركيّة وكسر هيبتها وعنجهيتها التي تمارسها على بعض الدول التي لم تخضع لتلك الإملاءات الأميركية ولو أدّى ذلك للمواجهة مع واشنطن مهما كانت النتائج في ظلّ انسحابٍ روسي كان له دورٌ كبيرٌ في اشتداد أزمة النفط في فنزويلا لا سيما بعد انسحاب «روسنفت» بعد فرض عقوبات على عددٍ من شركاتها من قبل إدارة ترامب، وهي ليست المرة الأولى التي تحاول واشنطن فرض عقوباتٍ على كراكاس بل إنّ هذه المحاولة التي يقودها ترامب تندرج ضمن الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً على الثورة البوليفارية بعد محاولة إعادة انتخاب الرئيس نيكولاس مادورو بعد الرئيس الرّاحل هوغو تشافيز ودعم المعارضة اليمينية ضد مادورو الذي أفشل محاولة اغتيالٍ كان من المفترض أن تنفذ على يد ضباطٍ معوّمين من الادارة الأميركية، لكنّ كشف المؤامرة أدّى إلى اعتقالهم وتوجيه صفعةٍ لإدارة ترامب التي لم تفقد الأمل في محاولاتها لإسقاط نظام كراكاس الذي كانت له مواقفُ تاريخيّة ومشرّفة مع قضايا العرب وإيران لا سيما القضية الفلسطينية. وعلى مستوى العلاقات الإيرانية الفنزويلية فقد شهدت تطوّراً كبيراً منذ عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي زار طهران تسع مرّات كان آخرها في العام 2010 والتقى حينها مرشد الثورة الإمام علي الخامنئي والرئيس أحمدي نجاد حيث تمّ توقيع العديد من اتفاقيات التعاون بين البلدين. إذاً الذي بين طهران وكراكاس هو ما بين طهران ودمشق وبيروت وبغداد وصنعاء أعمق من ناقلات نفطٍ وأكبر من المصالح بل هو عهد الثوريينَ المنتفضين على الجبروت الأميركي الصّهيوني وحلفائه، وهم الخارجون لكسر جدار الحصار الأميركي علينا. لم تجمعهم لغةٌ ولا دينٌ ولا عرقيةٌ أو قوميّةٌ إنّما جمعتهم الإنسانيّة والكرامة الثوريّة ووحدة المصير في مواجهة الشيطان الأكبر الذي يصرّ على فرض سياساته الاستكباريّة على العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى