ثقافة وفنون

باقات 4

 

} مصطفى بدوي*

فائض الزرقة

صباحك أزرق

والصمت أزرق

الغوايات زرقاء

الثلج أزرق

كل هذا التيه أزرق:

الصداقات.. القصائد.. المساءات.. عيد الفصح.. ثآليل البلاد.. والمعاني جلها زرقاء.. زرقاء مثل الأزرق المغرورق في زرقة الليل..

الهواء أزرق

وداع الحبيبة..

بقايا الذكريات

كل هذا العمر أزرق

والشاعر المفتون بالبحرأزرق.. أزرق مثل المساء!!!!

***

حين تموت لست محتاجاً الى دمعة كاذبة كي تصدقهم وتصدق أضاليلهم وألسنتهم الطويلة المتلوّنة..

لست محتاجاً لمن يعيد على مسامع غيرك نقاء قلبك ولايسوعيتك المفرطة.. ولا من يتباكى على عدم ضلوعك في اللعبة الزائفة..

لست محتاجاً الى شعراء كانوا يوزعون لحمك على طاولات الشاي ليقولوا فيك ما يؤكد ألمعيتك رغم تهوّرك وتهاونك في النشر والتدافع نحو الواجهات التافهة..

لست محتاجاً الى من يرافع عنك كي يبرئ نفسه من فكرة طازجة أو من برمجة سابقة

لست محتاجاً ليتداولوا حكاياتك ليظهروا حكمتهم الجامعة ونصائحهم لك في المحطات المفصلية الفاصلة..

لست محتاجاً لقبر وشاهدة لتعوي الرياح على كمنجات الغياب وتذرو عظامك في الأخاديد الجارفة..

لست محتاجاً سوى لهدأة في البعيد.. البعيد لتنسى أحابيلهم المقرفة..

***

تعريفات أولى:

الكتابة: درس مبكر في العطش.

الوجود: أرجوحة مثقوبة ومعلقة حتى إشعار أخير؛ أعني: الموت!

الكينونة: يا لوهمها المتشظي كالرماد!

الحب: هدير يلفح الوهم في الصحراء فياخذه العشاق على مأخذ الدمع!

الصحراء: كثبانها ما زالت تغرّد في اذن الزمن بناي امرئ القيس وأصداء ابي الطيب وصراخ المعذبين!

النهر: هو الشقيق الاصغر للبحر.. لكنه طفل عنيد آثر العصيان فعانق التلال والجبال!

السماء: كرنفال أبديّ متيم بتغيير مظهره إغواء لجوع الارض!

العمر: عربة ضوئية طائشة تصر على الموت!

***

اعتراف:

بالصدفة وحدها دلفت بلا عكاز الى الحياة.

وبالصدفة وحدها دخلت الى مدرسة ابتدائية ذات خريف بعيد.

تثاءبت في الصباحات الباردة على طاولات القرف.

قاومت الجوع وجدول الضرب اللعين.

وبنفس الصدفة طربت شوقاً الى صياح الديكة

وخصام الجارات الجميل.

كرهت ايام الخميس وشكل قطعة فاجرة على سبورة سوداء معلقة على جدار أخضر كأيامنا الجوفاء.

وتنكيل المعلم بنا كلما اقترفنا خطأ إعرابياً تافهاً

تسكعت في الطرقات

وتلصصت على زوجين ذات ظهيرة عمياء

وبالصدفة وحدها

أرشدني العم ماركس الى فائض القيمة الذي استبد بي

كتأويل طبقي ناعم

تجوّلت طويلاً في ممرات السطور

وحين كبرت

بالصدفة وحدها

عجزت عن تأويل فائض الغباء الذي يلقي بكلكله على الهامات!!

*ناقد وشاعر مغربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى