الوطن

صدمة حزيران.. نكسة الإرادة!!

 

} نظام مارديني

تمرّ الذكرى الـ 53 لما سُميّ بـ«نكسة» حزيران، وقد جاء هذا المصطلح كبديل عن تعبير «الهزيمة» واستمرار لنهج المحافظة على كرامة مهدورة، لكن التخفيف من وقع الهزيمة لم يوقف وصولها إلى الناس في كل مدينة وقرية وفي كل بيت، ما يُعيد من جديد طرح أسئلة مفصلية بكيفية التعامل مع صدمة الـ 1967 التي لا تزال تعتبرها الأجيال كارثة لا يمكن أن يأتي أسوأ منها بعد نكبة 1948 والاحتلال اليهوديّ لفلسطين.

لقد أحدثت هذه النكسة ـ الهزيمة زلزالاً في سورية الطبيعيّة برمَّتها، وتجاوزت تردّداتها إلى العالم العربي كله.

ورغم مرور هذه السنوات الطوال على الحرب، إلا أننا لا نزال نعيش تداعيات هذه النكبة ـ النكسة ـ الهزيمة، ولعل تفجير الحرب الداخلية في لبنان التي استتبعها اجتياحه من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وبالتعاون مع قوى محلية، وردّ المقاومة على هذا الاحتلال وأدواته، وثم جاء الاحتلال الأميركي للعراق، وتفجير الحرب الكونية على سورية تحت لافتة «الربيع العربي» التي أطلقتها كذبة أصابع أطفال درعا، التي فتحت بوابة التعامل بين «معارضات سورية» والكيان الصهيوني، وقد جاءت «صفقة القرن» وما استتبعها من جلب الخليج العربي صاغراً إلى التطبيع وقد ربط إلى رسن، لتشير إلى ان هذه التداعيات حاولت تيئيس الفلسطينيين وكافة المقاومين من ان المسألة الفلسطينية قد انتهت في لحظة تحول تعيشها المنطقة.

اليوم وبعد مرور 53 عاماً على نكسة حزيران، نرى أن العزيمة لا تزال قائمة وما يعزّز ذلك هو خروج مقاومات في سورية ولبنان وفلسطين المحتلة والعراق أشدّ تمرّساً وتدريباً وحتى تسليحاً، قادرة على مواجهة الاحتلال الصهيوني وحتى هزيمته في أي حرب. ولعل دروس حرب تموز 2006 هي أكبر مثال على قدرة المقاومة في تحقيق الانتصارات وردع الكيان المحتل عن  أيّ حسابات توسعية مقبلة.

لنتذكّر أن من جنوب سورية، وحيث اللعبة القذرة عربياً وأميركياً، تتشكل الخريطة اليهودية العتيدة للشام والعراق والأردن ولبنان وفلسطينبعض العرب (منهم الخليجيون تحديداً) يتواطأ مع هذه الخريطة الجهنمية إلى حد الإعلان عن استعدادهم للمساعدة في إسقاط الدولة السورية، بعدما شاركوا بغزو العراق ليس فقط من أجل استكمال الوعد «الإلهي» المزعوم «من الفرات إلى النيل» بل وأيضاً للثأر من نبوخذ نصر الذي دمّر الهيكل الأول، ولكم أن تتابعوا الإعلام الغربي ومشاريعه لتمديد أنابيب الطاقة كمشروع «نابوكو» الذي هو اختصار لاسم الملك السوري نبوخذ نصر.. للتأكيد على ما تذهب إليه الوعود الخرافية «الإلهية» التوراتية.

بهذه النتائج جاءت تداعيات حزيران بعدد كبير من الحروب والمجازر لتطويع سورية الطبيعية من أجل تمرير المشروع اليهودي، وتوزّعَ خطاب مثقفي مجتمعنا ما بين تيار واقعي غضّ النظر عما يحدث، وآخر مقاوم التزم بالثوابت الأولى التي تنادي بفلسطين كاملة وتحفّز الأمة نحو روح المقاومة والتصدّي للمشروع الصهيوني وتداعياته التفتيتية لنسيجنا، ولكن في الغالب ظل المثقفون مخلصين لفكرة المقاومة.

لا يمكن وضع حدّ لتأثير 5 حزيران 1967 في الوجدانين السوري والعربي، لأن الهموم لا تزال حتى اليوم تدور في إطار إزالة آثار العدوان، ونتج عن طول المدة الزمنية الـ 53 عاماً حتى الآن مزيد من الصفعات المُكهربة من دون أي حراسة، إلا من تلك الحراسة العروبية الوهمية التي قسّمتنا سرياناً وأكراداً وعرباً، محمديين ومسيحيين، سنة وشيعة ودروزاً وسرياناً. ولعلنا هنا نتذكر دعوة زئيف جابوتنسكي منذ أكثر من قرن، وكما حلم بعده، هنري كيسنجر ومعه دنيس روس وبرنارد لويس، أن تكون دولنا مضارب للقبائل وللطوائف، والآن للمذاهب والأعراق.

«ليست المسألة النصر العسكري، أو الهزيمة العسكرية.. المسألة هي إرادة الأمة وتقديرها للبطل حين تجد نفسها فيه..»، كما يقول الأديب الفرنسي أندريه مالرو.

***

خلجة

لنزار قباني في قصيدة «هوامش على دفتر النكسة»:

«إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ

لأننا ندخُلها..

بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ

بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ

لأننا ندخلها..

بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى