تحقيقات ومناطق

دعم المواد الاستهلاكية أول خطوة حكومية لكسر الاحتكار والحفاظ على الأمن الغذائي القرار 66 بين اعتراض مستوردي المواد الأساسية وارتياح أصحاب السوبرماكت

عميد العمل بطرس سعادة: الآلية المعتمدة لدعم السلة الغذائية تحدّ من الاحتكار والتلاعب بالأسعار وعلى البلديات أن تكون عنصراً رديفاً للدولة لجهة المراقبة النقيب نبيل فهد: حين تفقد العملة قيمتها لا بدّ من البحث عن بدائل تتمثل بالإنتاج المحلي ويجب العمل جدّياً للتحوّل إلى مجتمع منتج النقيب هاني بحصلي: يجب على الجهات المعنية التعاطي بشفافية معنا كمستوردين وفي ذلك أيضاً يمكنها أن تطمئن المستهلك

تحقيق ـ عبير حمدان

منذ أيام أعلن وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة عن السلة الغذائية التي سيتمّ دعمها من مصرف لبنان وقرار تنظيم آلية الدعم لافتاً أنّ هذه الآلية التي وضعتها الوزارة ستؤدي إلى تخفيض أسعار السلع وستحافظ على الأمن الغذائي.

وأكد نعمه أنّ هذه السلة تعطي للمستهلك كلّ المكونات الغذائية الأساسية بكلفة أقلّ مشيراً إلى أنّ الوزارة حريصة على تخفيض أسعار السلع الأساسية ومنع الهدر وضبط عمليات البيع من المستورد إلى المستهلك.

وتضمّ السلة الغذائية: السكر فوق 20 كيلو مكرّر أو خام، الأرز أكياس فوق 20 كيلو حبّة قصيرة أو ما يعادلها بالسعر، مواد لصناعة الزيوت النباتية (صويا حب، زيت دوار الشمس الخام) والحبوب (عدس، حمص، فاصوليا، فول، السمسم، الخميرة، حليب للاستهلاك الفردي البودرة لفوق السنة)، المعلبات تونة ضمن عبوات محكمة الغلق، المواشي الحية أبقار حلوب، ماعز وأغنام حلوب، والعلف (شعير، ذرة، كسبة الصويا، تفل الشمندر) والأدوية واللقاحات البيطرية (للمواشي والدواجن) وصناعات الألبان والاجبان (حليب بودرة لصناعة الألبان والأجبان، حليب بودرة خالي الدسم، جراثيم مزروعة لصناعة اللبن) والأسمدة معبّأة بأكياس فوق 20 كيلو (أسمدة نيتروجينية، أسمدة فوسفاتية، أسمدة بوتاسية، البذور والشتول (بذور الخضروات وبذور أشجار مثمرة، شتول الأشجار المثمرة، درنات البطاطا).

لكن مقابل هذه الخطوة التي قد تتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلك أتى قرار الوزارة الأخير المتصل بتخفيض وزن ربطة الخبز صادماً، خاصة أنّ نعمة كان قد صرح قبيل إصدار قراره هذا «أن لا أزمة خبز ولن يحصل أيّ تغيير وإنّ كميات القمح تكفي…»

عميد العمل: لمتابعة الآلية ميدانياً

وفي هذا السياق أكد عميد العمل في الحزب السوري القومي الاجتماعي بطرس سعادة أنّ كلّ ما يُقال من قبل بعض التجار عن عدم وضوح الآلية التي اعتمدتها الوزارة غير صحيح، وفي حديث لـ «البناء» قال العميد سعادة: «أوّل أمر يجب أن يعرفه الناس أنّ المجلس الأعلى لتحديد الأسعار والأرباح وسقف هذه الأرباح والأسعار هو مؤسّسة حكومية، وأنا عضو في هذا المجلس، لذلك أؤكد للمواطن أنّ الآلية التي اعتمدتها وزارة الاقتصاد لدعم السلة الغذائية واضحة جداً، ونحن كنا قد اجتمعنا في السراي الحكومي وناقشنا الموضوع قبيل إصدار أيّ قرار، وبعد ذلك تمّ الإعلان من قبل الوزارة عن قرار الدعم من قبل مصرف لبنان لكافة المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية بسعر صرف 3200 ليرة، ويمكن أن ينخفض هذا السعر لاحقاً ولكن بشكل تدريجي، لذا فإنّ أيّ شيء يُقال عن عدم وضوح الآلية ما هو إلا حجج يطلقها بعض التجار الذي لا يناسبهم أن يكون هناك من يراقب أو يحاسب ليتابعوا سياسة الاستغلال القائمة منذ بداية الأزمة وبدء ارتفاع سعر صرف الدولار».

أضاف: «هناك أصحاب سوبرماكت يدّعون أنهم لا يربحون، وهذا أمر غير صحيح حيث أنّ التلاعب بالأسعار وارتفاعها الجنوني ضاعف أرباح هؤلاء بنسبة وصلت أحياناً إلى 220%، ومن هنا يصعب عليهم تقبّل قرار الوزارة القاضي بتقديم الطلبات من التجار، وهذه الطلبات تتضمّن طبيعة المواد المستوردة ونوعيتها ومصدر استيرادها بشكل واضح، وحين يتمّ التأكد من صحة ما يتضمّنه الطلب يتمّ منح الدعم، أيّ أنّ التاجر لا يبتاع أيّ بضاعة قبل تقديم الطلب ودراسته من قبل الجهات المعنية، وهنا تكون الوزارة قد قامت بضبط التلاعب بالأسعار، وهذا ما يزعج جزءاً من التجار والمحتكرين، لكن في المقابل يجب أن يتمّ متابعة تنفيذ الآلية ميدانياً كي يتمّ كسر الاحتكار فعلياً وللأسف إمكانيات الدولة محدودة في هذا الإطار حيث لا توظيف في الدولة وفق المادة 54 من قانون 2006 مما يشكل عجزاُ يستدعي من البلديات أن تكون عنصراً رديفاً ومساعداً أساسياً في المتابعة والمراقبة كما فعلت بلدية الغبيري أخيراً مع أحد أصحاب السوبرماركت الذي يخزّن البضائع في المستودعات ويبيعها للمستهلك بأسعار خيالية رغم أنه ابتاعها قبيل ارتفاع سعر الصرف، وللأسف هناك أكثر من سوبرماركت قامت برفع سعر معظم السلع الأساسية بشكل استباقي حتى تعمد إلى تخفيضه لاحقاً بعد عملية الدعم، وفي هذا التصرف احتيال موصوف، لذلك يجب متابعة خطوات التنفيذ بشكل ميداني».

وفي ما يتصل بموضوع الأفران والجدل حول سعر ربطة الخبز قال العميد سعادة: «انا كمواطن يهمّني ان يبقى الخبز رخيصاً، ولكن حجة أصحاب الأفران انّ هناك كلفة إضافية يتكبّدونها ولو كان الطحين مدعوماً من الدولة، لكن أكياس النايلون والربطات ليست كذلك، أضف إلى ذلك أنّ الأفران لا تستعمل كلّ الطحين المدعوم في إنتاج الخبز بل لاستعمالات أخرى، وهذا أمر بحاجة الى نقاش ودراسة لتخفيف الأعباء عن المواطن الذي حاصره الغلاء وزاد معاناته».

بحصلي: آلية الدعم ليست واضحة

أما مستوردو المواد الغذائية فلديهم جملة من الاستفسارات حول الآلية المعتمدة من الوزارة (قرار 66)، وهذا ما عبّر عنه نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في اتصال مع «البناء» حيث قال: «سيتمّ احتساب الدولار 3200 ليرة في تسعير المواد المدعومة وفي المقابل هناك توجه لدى الصرافين لتثبيت السعر على هذا النحو، اليوم سعر الصرف في السوق هو نحو  4000 ليرة للدولار، وفي حال تمّ شراء المواد الغذائية بسعر الدعم الذي تحدّثت عنه الوزارة سيشهد المستهلك فرقاً واضحاً في الأسعار، ولكن بالنسبة لنا كمستوردين فإنّ الآلية التي اعتمدتها الوزارة ليست واضحة حتى الآن، ولذلك طلبنا توضيحات ونحن بانتظار الأجوبة في ما يتصل بالقرار 66 تحديداً».

وأضاف: «وفق الآلية علينا كتجار التقدّم بطلب إلى الوزارة والتي ستحوّله بدورها إلى المصرف التجاري ومن ثم يتمّ تحويله إلى مصرف لبنان الذي سيكون بيده قرار القبول او الرفض بناء على المواصفات المطلوبة للمواد المستوردة، والسؤال كيف يمكن أن نستورد بضاعة دون أن ندفع ثمنها وفي حال لم يتمّ دعم عملية الاستيراد سيكون الدفع وفق سعر السوق وبالتالي كيف يمكن تخفيض الأسعار ومن سيعوّض الخسارة؟ من هنا يجب على الجهات المعنية التعاطي بشفافية معنا كمستوردين وفي ذلك أيضاً يمكنها أن تطمئن المستهلك».

فهد: الأزمة تطال الجميعوالإنتاج المحلي بديل أساسي

من جهته رأى الدكتور نبيل فهد نقيب أصحاب السوبرماركت في اتصال مع «البناء» أنّ الآلية التي قرّرت وزارة الاقتصاد اعتمادها جيدة وقال: «القرار الذي اتخذته وزارة الاقتصاد سيخفف الضغط المعنوي عن التجار الذين يواجهون اللوم من المستهلك، فحين تنخفض أسعار السلة الغذائية الأساسية بنسبة 25% سنشهد ارتياحاً عند الناس، والعملية طبيعية وبسيطة حيث يتقدّم التجار بالملفات الى الوزارة وتتمّ دراستها وتحويلها الى المصرف التجاري وصولاً إلى مصرف لبنان ليتمّ تأمين الدعم المالي المطلوب وفق سعر صرف أقلّ، وهذا أمر روتيني».

أضاف: «المستهلك يضع كلّ اللوم على التجار بحجة أنّ هناك مواد مستوردة قبل ارتفاع سعر صرف الدولار وتمّ رفع أسعارها متناسياً أنّ هذه المواد ومهما كانت الكمية المتوفرة منها في المستودعات لا يمكن ان تبقى على الأسعار القديمة بحيث يتكبّد التجار خسائر كبيرة مما يفقدهم القدرة على الاستيراد وفق سعر الصرف الحالي للدولار، فكما أنّ المستهلك خسر قدرته الشرائية كذلك التاجر. ولذلك يمكن القول إنّ الأزمة تطال الجميع على حدّ سواء».

وحول إمكانية التحوّل إلى الإنتاج المحلي، قال: «حين يكون هناك قيمة للعملة في أيّ بلد من الطبيعي أن يعتمد مبدأ الاستيراد ولكن حين تفقد العملة قيمتها لا بدّ من البحث عن بدائل تتمثل بالإنتاج المحلي وفي النهاية يجب دعم الليرة في لبنان والعمل بشكل جدّي ليكون هناك فرصة للتحوّل من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع منتج».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى