مقالات وآراء

الطبيعة توحّد والعنصرية تُفرق

 مريانا أمين

نحن كائن واحد

وجنس بشري واحد

فكلنا سواسية

لأنّ قلوبنا تنبض نبضات متشابهة

ونتنفس أنفاساً متشابهة، ونسكن أرضاً واحدة على كوكبٍ واحد نمشي على أرجُل، ونأكل بأفواه، وننظر بعيون؛ وكورونا أثبتت أننا أسرة بشرية واحدة، مرهونون بمصير واحد؛ واليوم ننتقل من مرض إلى مرض أشدّ فتكاً رغم وجوده منذ بدء الخليقة لكننا بتنا نشاهده عبر الشاشات كيف يفتك بالبشر كأنه صاعقة تضربنا!

فمن قال بأنّ لون جلدتنا أو عرقنا هو الأرقى أو الأحسن او الأسمى، فالإنسانية وحدها التي تميّز الإنسان عن أخيه الإنسان وليس العرق واللون!

 فإذا الطبيعة وحّدتنا فكيف لنا أن نُفرّق ما وحدته في ما بيننا!؟

ولماذا التمسك بهذه الصفة المقيتة التي تسمّى (عنصرية) والتي تدلّ على ضيق أفق ممارسيها بكلّ ما تحويه من مصادر فتنة بين البشر، والتي كنا نسمع عنها ونقرأها بكتب التاريخ كتجارة الرقيق التي كانت تمارسها بعض الشعوب .

فمنذ القدم والعنصرية راسخة في عقول البشر لكن للأسف أخذت منحى دموياً بين الشعوب والقبائل وكل فئة تتمسك بعنصريتها.

كم من مرة دُمرّت حضارات واحتلّت أوطان تحت شعار العنصرية (شعب الله المختار) وأكبر دليل فلسطين التي ذبح فيها الملايين باسم الدين والطائفية والمذهبية وباسم اليمين واليسار!

واليوم التمييز العنصري بين الأفراد والتعصّب الأعمى لـ اللون والأصل في الولايات المتحدة وحادثة (جورج فلويد) كانت نقطة في بحر العنصرية الأمركية لأنّ هذه المشاعر المقيتة كانت قائمة ومُستعدّة؛ وكم من أشخاص ضحايا من أصول أفريقية ماتوا ولم يصدر حكم ضدّ المجرمين وأفلتوا من العقاب!

إذن! إنها سياسة التفلُّت المنتشرة عبر العالم؛ فعندما يُصدر رئيس أميركي أوامر لقتل رئيس دولة عربية أو غيرها من الدول وهو يعيش في تراكم فاشل لنظام حاول أن يصوّر نفسه على أساس المبادئ الديمقراطية ولكنهم يضعون غطاء على النزعة الفاشية والنازية المتطوّرة في نفوسهم

وما الرئيس الأميركي الحالي إلا إفراز لحالة شاذة موجودة في مجتمعه ويعاني منها الكثيرون إما بسبب اللون او العمل غير القانوني أو تنامي العناصر الملوّنة والأقليات من أصول لاتينية وشرق آسيوية

كلّ هذا استخدموه بالتحريض باتجاه معاكس ولكن الأزمة هي أزمة بنيويّة حقيقية لهذه العنصرية فما زال حتى اليوم استمرار الفروقات بين المواطنين

 والتحرك الآن في الشوارع هو فرصة للحدّ من العنصرية لأنها جزء لا يتجزأ من النظام العام

الأمل اليوم بأن يكون هذا الزخم الشعبي إيجابياً من أجل إفراز أحزاب جديدة علّه يكون لها دور بارز

أما نحن العرب! فلا نتوقع فجأة وجود حزب قوي يُنادي بقضايانا المُحقة بين ليلة وضحاها ويرفض العنصرية ويعمل لصالح الإنسانية؛ علّها فكرة تنضج مع الوقت!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى