مانشيت

زخم الشارع الأميركيّ يُسقط حديث ترامب عن نهاية الحراك… وتحرّك مصريّ نحو ليبيا / اتصالات ولقاءات برّي لشبكة أمان بوجه مشاريع الفتنة… لا لبديل عن الحكومة / خيبة استفتاء الشارع حول سلاح المقاومة ارتدّت نحو العبث الطائفيّ لتغطية الفشل /

 

كتب المحرّر السياسيّ

عادت واشنطن ومينيابوليس على الشارع بزخم، فسقطت مراهنات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نهاية الحراك، وتحدّثت وسائل الإعلام الأميركية عن رفع سقف الحراك من المطالبة بالمحاكمة العادلة لقتلة جورج فلويد الذي فجّرت قضيته الانتفاضة، إلى فتح ملف التمييز العنصري والمساواة في الحقوق المدنيّة، التي لا تزال معطلة بالكثير من القوانين والأعراف التي تحكم عمل الشرطة والقضاء وتعييناتهما، في العديد من الولايات، كما تحكم خطاب تجمّعات سياسية ومسلحة تحظى بالرعاية الرسمية ومنها خصوصاً ما يحظى بدعم الرئيس ترامب.

المسار الأميركي المأزوم، بضغط إفلاسات وبطالة من جهة، وتراجع عسكري من جهة ثانية، وانفجار الأزمة الداخلية من جهة ثالثة، يضع السياسة الخارجية الأميركية في ارتباك كبير، وفقاً لمصادر دبلوماسية تدعو لمراقبة الإشارات اللافتة في المنطقة، بعيداً عن الحديث الدبلوماسي التصعيدي الذي يضع قضية العقوبات في أولويات خطاب لا يفسر السياسات، بقدر ما يحاول الإيحاء بقوة لم تعد قادرة على صناعة السياسة، سواء بقانون قيصر ضد سورية او بالعقوبات على إيران وقوى المقاومة، ووفقاً للمصادر الإشارات المهمة هي تلك التي تأتي بعكس اتجاه التصعيد، ومنها ما يقرأ في التخاطب الأميركي الإيراني، الذي تبدو لغته مختلفة هذه الأيام، فكلام الرئيس ترامب عن مشروع صفقة تاريخية مع إيران، لا يزال يتفاعل بمواقف إيرانية تمنحه قدراً من الجدّية، حيث لم يأت الجواب تسخيفاً لكلام ترامب، بل فتحاً للباب أمام إشارات عمليّة تمنحه المصداقية، فكان التعليق الأول لوزير الخارجية محمد جواد ظريف عن ترك الأمر لترامب ليقرّر ما يجب إصلاحه في العلاقة مع إيران، وكان لافتاً أمس، كلام الجنرال علي أكبر شامخاني أمين مجلس الأمن القومي الذي قال إن دعوة ترامب التفاوضية اعتراف باقتدار إيران، وبالتوازي تقول المصادر إن ما يجري حول ليبيا من حركة عسكرية وسياسية، سواء بتراجع قوات الجنرال خليفة حفتر، أو بالمبادرة المصرية، يوحي بترتيبات تنسجم مع مسار سعي واشنطن لترتيبات سياسية عسكرية في المنطقة، تمهّد لتبريد ملفات النزاع، وصولاً لفتح باب التسويات الكبرى، في ظل تساؤلات عما يمكن أن يفعله ترامب قبل الانتخابات الرئاسية، لضمان تجديد ولايته، غير التفاهمات الخارجية الكبرى، في ظل انسداد أفق الحروب، وتعثر الواضع الداخلي السياسي والاقتصادي؟

لبنانيا، كان يوم أول أمس، اختباراً فاشلاً للمراهنين على جعله استفتاء على سلاح المقاومة في الشارع، حيث جاءت نتائج الاستفتاء لصالح المقاومة وسلاحها، سواء بحجم الحضور الهزيل في الشارع، أو بانقسامه حول السلاح، أو بحجم التبرؤ السياسي من الدعوة لطرح ملف سلاح المقاومة في الشارع، لكن خاتمة اليوم كانت مقلقة لجهة العبث الطائفي الذي رافقها، فيما وصفته مصادر سياسية وأمنية في محاولة للتغطية على الفشل وجعل الحدث أكبر من تدفيع جماعة الـ 1559 فاتورة رهاناتهم الخاسرة سياسياً وإعلامياً، فكان ما شهدته شوارع بيروت من احتقان طائفي ومذهبي مؤشراً على خطورة الوضع، استدعى تحركاً قاده رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتهدئة وتصويب المسارات وإبعاد المخاطر، وكانت مواقف بري واتصالاته ولقاءاته، والتي كان للنائب السابق وليد جنبلاط محور رئيسي فيها، ومن خلاله الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، الذي زار جنبلاط ليل أمس، وقالت مصادر متابعة للقاءات بري إن هدفها هو بناء شبكة أمان وطنية بوجه خطر الفتنة، ولا صلة لما يقوم به بما يروج له البعض عن أحاديث حول تغيير حكومي.

وكان وسط العاصمة عاش يوماً ساخناً إثر اندلاع اشتباكات وتوترات أمنية خلال تظاهرة السبت الماضي بين المتظاهرين والقوى الأمنية من جهة وبين المتظاهرين وعدد من المواطنين من الخندق الغميق الذين احتشدوا في محيط ساحة الشهداء للتعبير عن رفضهم للشعارات المسيئة للمقاومة وسلاحها التي أطلقها المتظاهرون في ساحة الشهداء.

كما امتدّ التوتر الى الشمال، حيث تجمّع شبان أمام مدخل سرايا طرابلس ورددوا هتافات منددة بـ «السلطة»، وألقى عدد منهم الحجارة على مبنى السرايا وعناصر القوى الأمنية الذين عملوا على إبعادهم عن المدخل.

كما انتقل التوتر من وسط بيروت الى تقاطع الشياح عين الرمانة، حيث حصل اشتباك بين شبان من الجهتين استدعى تدخل الجيش لضبط الوضع، والى بربورالطريق الجديدة وجرى تبادل إطلاق النار بين الطرفين إثر تسريب متعمّد كما تقول المعلومات لمجموعة شبان تشتم زوجة الرسول عائشة، ما استدعى بيانات استنكار من قبل مرجعيات دينية وسياسية، أبرزها لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ورؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي والرئيس سعد الحريري، دعت جميعها الى نبذ الفتنة ووأدها والتسلح بالوحدة الوطنية.

وأفادت معلومات «البناء» بضلوع جهاز استخباري خارجي وجهات محلية بأحداث السبت وتمكنت من اختراق التظاهرة وبعض المجموعات في المناطق المجاورة لساحة الشهداء وذلك لإشعال فتنة بين الطرفين. وتشير معلومات أخرى الى أن التحقيقات التي أجرتها قاضية التحقيق في الشمال سمرلندا نصار مع 40 موقوفاً في ملف الاعتداءات على المصارف في طرابلس منذ أسابيع كشفت ضلوع جهاز الاستخبارات التركي في دعم وتمويل المعتدين.

وفيما تتحدّث المعلومات عن ضلوع شقيق الرئيس سعد الحريري بهاء الحريري في تمويل ودعم تظاهرات السبت بدعم تركي قطري، برز تصريح له بالقول: تبيّن جليّاً امام جميع الثوّار والرأي العام سعي الغرف السوداء التّابعة للمنظومة لبث الأخبار والإشاعات عن تحرّك 6 حزيران والهادفة لبث الخوف والتَّفرقة بين صفوف الثوّار بهدف ثنيِهم عن النّزول إلى ساحة الشّهداء والتشديد على مَطلَب «حصر السلاح بيد الشرعيّة».

وفيما تنتقد بعض المصادر التي تدور في فلك الحريرية وداعمي التظاهر عدم انخراط تيار المستقبل في التحرّكات الشعبية واتخاذها فرصة لإسقاط حكومة الرئيس دياب، وأشار القيادي في المستقبل مصطفى علوش لـ»البناء» الى أن «الرئيس سعد الحريري يرفض منطق التظاهر تحت شعار نزع سلاح حزب الله لأنه يدرك أن ذلك سيؤدي الى توتر سياسي كبير بين اللبنانيين وبالتالي يؤدّي إلى فتنة مذهبية لا تحقق أي نتيجة سياسية سوى إلحاق الدمار بلبنان»، مشيراً الى أن «الوضع في لبنان لم يعد يحمل توترات أمنية وفتن طائفية ومذهبية، بل المطلوب الانصراف لمعالجة أوضاع الناس الاقتصادية والاجتماعية». وشدد علوش على أن سلاح حزب الله محل انقسام داخلي ولا يمكن لأي طرف سياسي او حكومة معالجته لأنه مشكلة إقليمية ويتعلق بدور حزب الله في المنطقة، وبالتالي مرتبط بالحل في المنطقة». في المقابل نفت مصادر قيادية في حركة أمل وجود قرار تنظيمي بالنزول الى الشارع ولا التعرّض للمتظاهرين في ساحة الشهداء، موضحة لـ»البناء» أن ما حصل هو تحركات فردية في المناطق المجاورة للتحركات تعرضت لاستفزازات ببعض الشعارات وبالتالي حصل بعض التوتر، كاشفة عن جهود كبيرة قام بها مسؤولو الحركة والحزب الميدانيون لتطويق الاحداث وتهدئة المحتشدين في الشارع من اهالي المنطقة وذلك بتوجيهات من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة حزب الله، مشيرة الى أن «الجهود نجحت في تطويق إشكالات وعدم امتدادها الى مناطق اخرى»، محذرة من وجود أيد خبيثة خارجية وداخلية تعمل لبث سموم الفتنة واللعب على وتر الانقسامات، وتربط بين هذه الأحداث المفتعلة وبين المستجدات على الساحة الإقليمية المتعلقة بصفقة القرن وقانون قيصر ومشاريع حصار المقاومة وسورية من الحدود مع سورية وتعديل القرار 1701.

وحضرت أحداث السبت في السراي الكبير في اجتماع أمني ترأسه رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، أمس، ضم نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر، وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، وزيرة العدل ماري كلود نجم وقادة الأجهزة الأمنية ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب.

وبحث المجتمعون في آخر المستجدّات الأمنية، لا سيما بعد الأحداث، وأكدوا «أهمية حفظ الأمن، وحماية الاستقرار وصون السلم الأهلي، لمنع العابثين من زرع الفتنة».

وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «الحكومة باقية ولا نية لدى اي من الاطراف بإقالتها في الوقت الراهن»، مشيرة الى أن حزب الله والرئيس بري لم يبحثا هذا الأمر مطلقاً كما أن جنبلاط لم يفاتح الرئيس بري بموضوع الحكومة في لقائهما الأخير، كما نقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ»البناء» أنه ليس بوارد تغيير الحكومة التي يمكننا تحقيق الإصلاح عن طريقها لا سيما أن عون لم يعد لديه متسع من الوقت لتكليف رئيس جديد وتأليف يمكن أن يمتد لأشهر عدة، وبالتالي الحكومة باقية الى نهاية العهد الرئاسي.

واستقبل الرئيس بري في عين التينة، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط يرافقه نجله النائب تيمور والوزير السابق غازي العريضي، بحضور المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل.

وبعد اللقاء الذي استمر لنحو ساعة قال جنبلاط: «أمام ما يجري إما على المرء أن يستسلم أو يتردد أو يتابع، إننا لن نستسلم ولن نتردد وسنتابع وبالحوار بالرغم من فداحة وقسوة الظروف خاصة الاقتصادية والمالية، ونأمل ونتأمل بأن نواجه المؤسسات الدولية بكل صلابة من أجل أن نخرج بشيء من النتائج، آخذين بعين الاعتبار ثغرات كثيرة، لكن لا بد من الاتصال بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما لا بد من تحسين الظروف الداخلية فهي معقدة جداً».

وانتقل جنبلاط الى بيت الوسط حيث التقى الحريري بحضور الوزير السابق غطاس الخوري، والنائبين جنبلاط ووائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، وتناول اللقاء «استعراض آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة في البلاد»، بحسب المكتب الإعلامي للحريري.

وكان الرئيس بري علق على الاحداث التي شهدتها العاصمة وبعض المناطق، بالقول: «هي الفتنة مجدداً تطل برأسها لاغتيال الوطن ووحدته الوطنية واستهداف سلمه الاهليهي أشد من القتل، ملعون من يوقظها، فحذار الوقوع في أتونها فهي لن تبقي ولن تَذَر ولن ينجو منها حتى مدبريها ومموليها!». واعتبر بري أن «كل فعل من أي جهة أتى يستهدف وحدة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وعيشهم الواحد هو فعل إسرائيلي وإن أي صوت يروج للفتنة بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد هو صوت عبري ولو نطق بلغة الضاد».

بدوره، أشار عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حميّة إلى أنّ كلّ فعل ينطوي على مسّ بالوحدة الوطنية وتهديد للسلم الأهلي، إنما يصبّ في مصلحة العدو، وهو محلّ إدانة واستنكار شديدين. وأضاف حمية في تصريح أن الوحدة الداخلية والسلم الأهلي هما سرّ بقاء لبنان، وكلّ ما يمسّ هذه الوحدة، ويهدّد السلم الأهلي، يصبّ في مصلحة عدو لبنان، وليس خافياً أنّ الذين استحضروا القرار 1559 ورفعوا شعارت ضدّ المقاومة وسلاحها، إنما فعلوا ذلك، في سياق تنفيذ أجندة استهداف معادلة الجيش والشعب والمقاومة، التي تمثل عناصر قوة لبنان الضامنة وحدته وسيادته واستقراره وسلمه الأهلي. ولفت الى أن تحصين لبنان مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع، ومن أساسيات عملية التحصين، وأد الغرائز الطائفية والمذهبية، والتقيّد بنصوص الدستور اللبناني، وتطبيقه بحق العملاء والخونة، لأنه عار على لبنان واللبنانيين أن تتحوّل العمالة للعدو إلى وجهة نظر، والخطر كلّ الخطر أنّ البعض لا يبرّر فعل العمالة وحسب، بل لا يزال في مربعها، بخطابه وممارساته وشعاراتهوهل هناك أفظع من أن يرفع هذا البعض شعارات مناهضة للمقاومة التي قدّمت الشهداء والتضحيات وحرّرت البلد من الاحتلال الصهيوني

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى