حديث الجمعة

لا مشاكلَ في حياتي سوى… واحدة

عندما كانت والدتي في مرحلة المخاض لتلدَني كان الطّبيبُ يقوم بواجبه على أتمّ وجه إلى أن تلقّى اتّصالاً هاتفيّاً من زوجته التي أخبرته أنّها دخلت هي الأخرى في مرحلة المخاضِ لمولودهما الأوّل؛

فما كان منه إلّا أن نادى طبيباً متدرّباً يعمل في المشفى لمساعدة أمّي على أن تسهمَ بزيادة عدد البائسين في هذا العالم!

وهرع إلى المشفى حيث زوجته

ومنذ ذلك اليوم بدأتْ رحلتي مع المقاطعة

فكلّما أردتُ أن أقومَ بعملٍيقاطعني حدَثٌ ما!

لا مشاكلَ في حياتي سوىواحدة

اعتقدتُ أنّه من حقّي أنْ أرضعَ الحليب الذي ما كان ليُدَرّ عبر ثديي والدتي لولاي!

لكنّني أيضاً كنتُ مخطئةً

فذهاب والدتي إلى العمل بعد الولادة جعلها مُجبَرةً على أن تغذّيني بالحليب المجفّف!

لا مشاكلَ في حياتي سوىواحدة

بحكم أنّني طفلةٌ لأمٍّ عاملةٍ اضطرّ أهلي إلى تسجيلي في روضةٍ وأنا بعمرٍ مبكّرٍ، غالبتُ فكرة الاستيقاظ مبكّراً في صباحات الشّتاء الباردة بأنّه سيكون وقتاً للفرح واللّعب مع الأطفال الذين يشعّون نشاطاً وحيويّةً لكن في تلك المرحلة داهمني «روماتيزم» قاتل بسبب التهابات متكرّرة في اللّوزتين كاد أن يودي بحياتي.

لم أتوقّف عن الذّهاب إلى الرّوضة بمرافقةِ الدّواء الذي كانت تهتمّ بموعد إعطائه لي إحدى المعلّمات

لكنّني كنت أكتفي بالجلوس على أحد مقاعد الباحة لمراقبة الأطفال وهم يلعبون!

لا مشاكل في حياتي سوىواحدة

بعد حصولي على الشّهادة الثّانويّة ولأنّني في أحد تلك الأوطان التي تقرّر مستقبلنا عوضاً منّا ونحن علينا تنفيذ ما يرتئيه بعض النّاس الذين وضعوا لنا القوانين وفقاً لمصالحهم الخاصّة والآنيّة فأنا لم أستطع دراسة الفرع الذي أحبّه.

لا مشاكل في حياتي سوىواحدة

ولأمرٍ خارج عن إرادتي استطاعتْ طريقةٌ معيّنةٌ في التّفكير أن تأخذ بيديّ وتذهب بي بعيداً، بعيداً جدّاً عن الحياة التي يعيشها مَن حولي من أبناء جنسي وعمري وذلك في مرحلة مبكّرة من حياتي

فكانت النّتيجة عدم التّأقلم وعدم الرّضى

لا مشاكلَ في حياتي سوىواحدة

قرّرتُ اللّجوء إلى الحلّ الوحيد المتاح والمسموح به للخلاصِ من كلّ ما يعتريني من قهر ورفض

وحتّى هذا الطّريق لم أستطع إكماله بعد أنْ

ظهرتَ

أنتَ!

ومن لحظتها أحببتُ كلَّ حدثٍ قفز إلى حياتي وبتر رغبةً كنتُ أرى فيها خلاصاً

فلا

خلاص

إلّاك!

ريم رباط

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى