الوطن

دياب: محاولة الإنقلاب سقطت مجدّداً وفشلت خطة إطاحة ورشة اكتشاف الفساد ولدينا تقارير ومعطيات

«الودائع محفوظة عند المصارف والمركزي والدولة هي الضمانة»

طمأن رئيس  الحكومة الدكتور حسان دياب اللبنانيين إلى أن حقوقهم «محفوظة، ودعا إلى أن «نحمي الدولة، ونحصنها». وإذ أكد أن «هذه الحكومة حققت الكثير»، لكن هناك «من يريد طمس الحقائق»، سأل «ألا يكفي أننا نحاول إزالة الركام، الذي تركوه خلفهم بعد أن دمروا كل شيء وغادروا على عجل؟» وقال»لقد صمتنا كثيراً، واستمعنا كثيراً إلى اتهامات، تحاول التهرب من الكبائر التي ارتكبوها، لرميها على هذه الحكومة»، مؤكداً عدم الرغبة «في الدخول في سجال مع الماضي، الذي نعالج نتائجه».

واتهم البعض بأنهم «ضخوا الأكاذيب والشائعات وساهموا في تعميق أزمة الليرة اللبنانية، ودفعوا الناس إلى الشارع»، معتبراً أنه «كان المطلوب من ذلك هو منع الحكومة من تنفيذ قرارها بإزالة الركام، الذي يخفي تحته أسرار هيكل الفساد»، واصفاً ما حصل بـ»محاولة إنقلاب سقطت مجدداً»، وأكد  فشل كل «الاجتماعات السرية والعلنية، والاتفاقات فوق الطاولة وتحتها، وأوامر العمليات الداخلية والمشتركة، في إنجاح خطة الإطاحة بورشة اكتشاف الفساد»، معلناً أن «لدينا من التقارير عن الوقائع ما يكفي من المعطيات، وسنعلن ما نراه مناسباً منها، في الوقت المناسب».

جاء ذلك في كلمة توجه فيها دياب إلى اللبنانين مساء أول من أمس من   السرايا الحكومية، وقال فيه «عندما تم تكليفي بتشكيل هذه الحكومة، ثم عند تشكيل الحكومة، كانت ثقة اللبنانيين بقدرتنا على تحقيق إنجازات، ضعيفة، كان أمل اللبنانيين بنا هزيلا. نعترف بذلك. كانت تلك فرصة لابتسامات صفراء بقيت مكتومة، تراهن على فشلنا في معالجة إرتكابات وتراكمات، حفرت عميقاً في كيان الدولة، وفي البنية الاقتصادية والمالية للبنان، والتي زينوها لسنوات طويلة على أنها إعجاز، في حين أنها كانت عبارة عن مجرد ألوان تغطي التشوهات الهائلة، التي تسببوا بها، ولم يرف لهم جفن».

أضاف «بعد أقل من شهر على انطلاق عمل الحكومة، بدأ اللبنانيون يلمسون الجدية، والمنهجية، والإصرار، والإرادة، والتصميم، والجرأة، لدى هذه الحكومة مجتمعة، وعلى مستوى وزرائها منفردين. تغيّر مزاج الناس، وأصبحت هذه الحكومة تحظى بنسبة عالية من ثقة المواطنين، وهو ما يبدو أنه أزعج كثيراً من الذين راهنوا على فشلها. منذ ذاك الوقت، لم تتوقف الشائعات، وفبركة الأخبار، والأكاذيب، والاستهدافات الشخصية، والسياسية. لكننا واجهنا كل ذلك بصمت وبمزيد من العمل، على الرغم من أن حملات التشويه والتحامل وصلت إلى مسائل سخيفة.

وأشار إلى أن «هناك نماذج كثيرة عن الحملة المبرمجة، التي تنظمها جهات معروفة بالإسم، والهوية، والصورة، والخلفية، وطريقة التفكير، التي لا ترتدع عن استخدام أي وسيلة لتهشيم صورة الآخرين، لأنهم لم يستطيعوا تحسين صورة أنفسهم».

وأضاف «نعم، هذه الحكومة حققت الكثير، لكنهم يريدون طمس الحقائق. ألا يكفي أننا نحاول إزالة الركام، الذي تركوه خلفهم بعد أن دمّروا كل شيء وغادروا على عجل؟ ألا يكفي أننا نفتش حتى اليوم، عن ودائع اللبنانيين، التي أهدروها في لا مسؤوليتهم، حتى لا نقول أكثر من ذلك؟ ألا يكفي أنهم أغرقوا البلد بالديون الهائلة، التي تسببت في هذا الإنهيار المالي الكبير الذي نعيشه؟ لقد استمرت الصفقات وسياسة الهدر والفساد والتنفيعات، من أموال الناس الذين أودعوا جنى أعمارهم في المصارف، ولم يكونوا أمناء على الثقة التي منحهم إياها اللبنانيون. لقد صمتنا كثيراً، واستمعنا كثيراً إلى اتهامات، تحاول التهرب من الكبائر التي ارتكبوها، لرميها على هذه الحكومة، التي لا يريد رئيسها، ولا أحد من وزرائها، منافسة السابقين، لا في السياسة ولا في الأداء والأسلوب، ولا في الذهنية، ولا في الانتخابات. لا لست منهم ولن أكون».

وإذ اكد أننا «لم نكن نريد الدخول في سجال مع الماضي الذي نعالج نتائجه»، استدرك قائلاً « لكننا لن نسكت عن تحميلنا وزر سياساتهم التي أوصلت البلد إلى الكارثة، التي نعيشها اليوم».

وتابع «على كل حال. نحن هنا اليوم. وسط هذا الركام والدخان الأسود الذي أشعلوه في البلد. دخان كاد يطيح بالسلم الأهلي، بعد أن عمّم اليأس في نفوس اللبنانيين، الذين كانوا يشاهدون التدمير الممنهج للممتلكات العامة والخاصة، ويراقبون بألم وحسرة حرائق الدواليب التي تقطع الطرقات وتحبس أنفاسهم وتزيد من الضغوط الاجتماعية والمعيشية عليهم، وتقطع أرزاقهم. اليوم نحن هنا، وسط هذا الهم المالي والمعيشي، حاول البعض الاستثمار مجدداً، من دون أي رادع وطني. ضخوا الأكاذيب والشائعات وساهموا في تعميق أزمة الليرة اللبنانية، وتسببوا بأزمة كبرى، ودفعوا الناس إلى الشارع. كان المطلوب هو منع الحكومة من تنفيذ قرارها بإزالة الركام، الذي يخفي تحته أسرار هيكل الفساد».

وأكد أنهم «علموا أننا بدأنا نكتشف غرفاً كثيرة من هذا الهيكل، وأننا عثرنا على مفاتيح غرف عديدة من ذلك البنيان الأسود، الذي تخرج منه روائح الصفقات والسمسرات والسرقات المغطاة بقشرة السلطة. هناك الكثير مما يمكن الحديث عنه اليوم، وهناك أكثر بكثير يمكن كشفه قريباً، بالوثائق والوقائع. فانتظروا حتى تنتهي عملية إزالة الركام من فوق هيكل الفساد، لأن هذا الهيكل سيسقط على رؤوس الذين يختبئون في زواياه، التي كانوا يعتقدون أنها محصنة، وأنها تستطيع حمايتهم من زلزال الإرادة الشعبية، الذي لا بد أن تنتصر لحقها في محاسبة، الذين خطفوا الدولة، ورهنوا مصير الناس ببقائهم في مواقعهم، التي ظنوا أنها أملاك شخصية، وتصرفوا بمقدراتها وسلطتها، ونسوا أنها مجد زائل، وأنها لو دامت لغيرهم لما اتصلت إليهم».

وأردف «مجدداً، سقطت محاولة الإنقلاب. لم تنجح كل الاجتماعات، السرية والعلنية، والاتفاقات فوق الطاولة وتحتها، وأوامر العمليات الداخلية والمشتركة، في إنجاح خطة الإطاحة بورشة اكتشاف الفساد. على العكس، كشف هؤلاء مجدداً أن حياة الناس لا تهمهم، وأن ممتلكات الناس هي عدوهم، وأن هدفهم حماية أنفسهم، لا التعبير عن وجع الناس الحقيقي الذي تسببوا به هم أنفسهم. لدينا من التقارير عن الوقائع ما يكفي من المعطيات، وسنعلن ما نراه مناسباً منها، في الوقت المناسب».

وكشف ان «هناك من يريد استعادة مفاتيح هيكل الفساد لحماية ما في داخله، وإعادة تحصين جدرانه، وتجديد ألوانه، كي تنطلي على الناس مرة جديدة، حيلة التصرف بأموالهم التي أودعوها بحماية خزائن المصارف، ثم انتقلت، بقرار، إلى خزينة الدولة، المفتوحة على مصراعيها للأيدي الطويلة»، معلناً أن «هنا تكمن حقيقة خطة التلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية، وهنا تكمن أسرار ليلة الإنقلاب على انتفاضة 17 تشرين الأول.

لم يكن الإنقلاب على الحكومة. سيأتي يوم وترحل فيه هذه الحكومة، فهي لا يمكن أن تبقى إلى الأبد. نحن أصلاً لا نريد أن نبقى من دون فاعلية، ومن دون تحقيق خطتنا لإخراج البلد من المأزق الذي أوصله إليه الفاسدون. نحن لسنا مثلهم، ولن نكون».

واستدرك «لكن، وبكل ثقة أقول، إننا لن نسمح بأن تضيع أموال الناس»، مؤكداً «وبكل ثقة، أننا لن نسمح أن تبقى مجرد أرقام». وشدّد على أن «الدولة غير مفلسة. هناك تعثر مالي، لكن البلد غني بكم أولاً، وغني بطاقاته وإمكاناته وموارده وعقول أبنائه الخلاقة». وقال «حقوقكم محفوظة، عند المصارف، وعند المصرف المركزي والدولة هي الضمانة. ولذلك، يجب أن نحمي الدولة، ونحصنها، كي تكون ضمانة لجميع أبنائها، ولممتلكاتهم، وأموالهم، ومستقبلهم».

وشدد على ضرورة «الانتقال إلى منطق الدولة، وتحقيق حلم الوطن، والانتقال نحو منطقة الأمان، رغم الحواجز السياسية»، مؤكداً أن «التغيير آت لا محالة».

وقال «ما أردنا فعله في الأيام الأخيرة، لمواجهة مؤامرة التلاعب بسعر الليرة اللبنانية ولقمة عيش الناس، كان اتخاذ قرارات توقف مسلسل ابتزاز الدولة والناس. كل اللبنانيين يعلمون ماذا نريد. لكن، وللأسف، نحن لا نستطيع صناعة التحول بسرعة من داخل آليات النظام. إدارة الدفة من الداخل ثقيلة جداً. مع ذلك، لن نتوقف عن فرض هذا التغيير في المسار، لأننا لا نملك إلا خيار إنقاذ البلد، واستعادة ثقة الناس بوطنهم، وتكريس مرجعية الدولة كخيار لنا جميعاً».

وأكد أنه «يجب أن تكون الدولة لجميع أبنائها، لا فرق بينهم، لا مناطقياً ولا طائفياً ولا مذهبياً. نريد أن نبني دولة تحمي اللبنانيين. نريد أن يكون الانتماء الوطني هو المعيار الوحيد».

وأضاف «لا يحتاج القضاء إلى إذن أو إشارة أو إيعاز للتحرك. نحن مصرون على أن يكون القضاء مستقلاً ونزيهاً. لذلك، إذا كنا نريد دولة، علينا أن نبدأ من هذه المداميك وهذا ما تعمل الحكومة عليه»، داعياً إلى «مزيد من الصبر، لأن المعركة مع الفساد شرسة جداً، فالفاسدون لن يسلموا طوعاً ولن يستسلموا بسهولة»، مؤكداً أننا وضعنا للإنتصار في المعركة.

ودعا إلى اللبنانيين إلى الإمتناع «عن تشويه الاحتجاجات، وأن يساهموا في ورشة التحوّل نحو نحو منطق الدولة، الذي يجب أن يسود وحده، كي نعبر هذه المحنة، ونحمي لبنان، ومستقبل أبنائنا»، معرباً عن ثقته «أننا سنتجاوز الأزمة، وأننا أقوى من كل التحديات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى