الوطن

الفرزلي من نقابة المحررين: لا أريد إسقاط الحكومة والمطلوب إعادة صياغة النظام

«إسرائيل» تريد احتكار المال العربي بدكّ المصارف اللبنانية

قدّم نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أمس، كتابه «أجمل التاريخ كان غداً» لنقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة، خلال زيارته لمقر النقابة في الحازمية أمس، وجرت جولة أفق حول مواضيع الساعة.

القصيفي

واستهلّ القصيفي اللقاء بكلمة ترحيب جاء فيها «من دنان الكلم المعتق في خوابي البلاغة حبر إيلي الفرزلي كتابه ناسجاً منديل الغد الآتي على أنوال الأمس، مبرزاً صورة صادمة لتاريخ تصفعنا أحداثه ووقوعاته، وتدفعنا إلى الاستعبار. لكن ثمة مكابرة كامنة في لا وعينا تستدرجنا أكثر فأكثر إلى مستنقع تنفر منه ألسنتنا، وتنجذب إليه قلوبنا».

أضاف «كتاب الفرزلي، الذي يقدمه اليوم إلى مكتبة النقابة، والذي سيحلّ منها موقع الصدارة، لا يؤرّخ لمرحلة، بل يضيء على أحلام مؤودة لجيل أصابته جائحة الاحتراب الداخلي، فأقبل عليها دون كمامات وقفازات، لاحساً المبرد، شغوفاً بدمه النازف يلوّن به قدراً تاعساً، سيلقي به، وإن طال الأمد، كومة شلاء على رصيف العالم».

وتابع: «كتب إيلي الفرزلي «أجمل التاريخ كان غدا» بلغة راقية الديباجة، تلامس تخوم الشاعرية، قريبة إلى الفهم، مورداً المعلومات، سائقاً التحليلات بأسلوب أنيق طغت عليه الجمالية، ما جعل القارئ مطوقاً بعطرين: الشكل والمضمون. ويا طيب الشميم. كتاب الفرزلي مستند يفزع إليه، لدى الإضاءة على مرحلة من تاريخ وطن اصطبغت بالأحمر القاني المسفوك هباء أو في غير مكانه وأوانه، وكأنه جرس الإنذار لكل من يعبث بمقوماته ومقدراته، بالكف عن اللعب على حبال النار، اذ لا بد للبهلوان أن يتعثّر، والتوقف عن مبارزة الريح على حافة رهانات مزركشة بالوهم».

وختم «نقابة المحررين نقابتكم. فلا نرحب بكم في داركم. قضايا الصحافيين والإعلاميين أمانة في عنقكم، وستكونون صوتهم الصارخ في برية ما يطاول حقوقهم من غبن وإهمال، في رحاب سلطة تشريعية طالما دعوا إلى تعزيز دورها أياً تكن المعوقات، والانتصار الدائم للقيم الدستورية والقانونية. نسألكم أن تكونوا لساننا الناطق بمطالبنا التي ترفع من شأن المهنة، ليظل لبنان وطن الإعلام الحر والمتجدد».

الفرزلي

ورد الفرزلي بكلمة جاء فيها «إن منبر نقابة المحررين هو المنبر الذي يمكن رجال الفكر والعلم والكفاءة والأدب لأن يطلوا على العالم. ولا يزال لبنان حتى اليوم على الرغم من كل ما أصابه، هو المنبر الحقيقي في هذا الشرق الحزين».

ثم دار حوار مع الفرزلي فقال رداً على سؤال «وقائع هذا الكتاب كان لغاية تاريخ إنتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون وبعد إجراء الإنتخابات النيابية» وقال «كنت أعيش حالة رعب أن أغادر هذه البسيطة من دون أن أترك هذه التجربة، التي أعتقد أنها تجربة مفيدة، لشبابنا وشاباتنا ليطلعوا عليها ويستخلصوا العبر منها وفق ما يرونه مناسباً. لذلك لقد استغرقت كتابة فصول هذا المؤلف 4 سنوات ونصف السنة لأني تعمدت كتابة عن السيرة والصيرورة وهذه الذكريات والوقائع المادية وقد كتبتها بشفافية كاملة، ما أصابني منها وما أصاب غيري. وضعت هذا الكتاب خوفاَ من ألا يستطيع تلامذة الغد في الجامعات الإطلاع عليه».

وأضلف»علينا أن نعترف كلبنانيين بموضوع الإستقلال والسيادة. إن موضوع السيادة والإستقلال هو هدف يجب أن يبقى مستمراً ومنجزاً وأن يعمل له اللبناني معتبراً أن هذه القضية هي قضية قضاياه»، مشيراً إلى أنه «لم يمر يوم لم تكن في لبنان تدخلات خارجية».

سئل: إذا أردت أن تزيد فصلاً على كتابك عن المرحلة الراهنة، ماذا تكتب وعلى من تقع مسؤولية ما يجري اليوم وإلى أين سنتجه؟

أجاب «لا تدينوا لئلا تدانوا. لا أستطيع أن أحمّل مسؤوليات، ولكني أستطيع القول: هناك عطب رئيسي في بنية النظام السياسي في لبنان. يجب أن تكون هناك قناعة عند اللبنانيين وواجب التفكير جدياً بكيفية إعادة صياغة واقع البلد. لقد جُرّبت الطائفية والطوائف. لنفكر بدولة مدنية، وبمجلس شيوخ كما ورد في اتفاق الطائف. لنجرب. لأن «التمسمر» بما أننا عليه أصبح مستحيلاً وإلاّ الصيغة كلها ستضرب. وأكبر دليل على ذلك، عندما تضعف السلطة المركزية، تخرج سلطات وكيانات لها حدودها وأعلامها وماليتها ومؤسساتها وثقافتها وطقوسها وعلاقاتها بالخارج وعلاقات الخارج بها. علينا أن نعترف بهذا الواقع. هناك تدخل دولي حاليا بسبب الجغرافيا السياسية، الذي اسمها سورية. لبنان بلد متاح ومباح لتدخل الدول فيه، ومن لا يتدخل يشعر بالخسارة. لبنان هو عرضة لكل تدخلات كل الدول في العالم».

أضاف «من هنا يجب التفكير بإعادة صياغة النظام السياسي في البلد بما يتلاءم مع إمكانية، ولا أستطيع أن أجزم، إقامة دولة مدنية بالمعنى العلماني للكلمة. انا لست متفائلا ولكن فليشهد الله، سأعمل لها بجهد إستثنائي، كنائب في مجلس النواب بالقدرة التي أملكها».

ولفت إلى أن «هناك شيئاّ اسمه «صفقة القرن» التي في طياتها وجزء منها توطين الفلسطينيين حيث هم. ونحن نسمع منذ زمن أن أموالاً ستدفع في حال وافقنا على التوطين ورفض هذا الطرح مرة ومرات. نحن جزء من منطقة مستهدفة إستهدافاً مباشراً. وهناك من يرفض الرضوخ والتوقيع والإعتراف بهذا الكيان الصهيوني. وهنا شيء آخر مهم وهو في غاية الأهمية. هناك صراع إقليمي كبير عنوانه أميركيإيراني، وأن إنعكاسه على الساحة اللبنانية واضح. وليس سراً أننا ومنذ فترة نعيش، محاولات حثيثة لتحقيق أهداف ذات طابع استراتيجي في اللعبة الجيوسياسية. حتى الآن لم يحقق ذلك. ولبنان بدأ يدفع الأثمان الغالية لسوء الحظ».

ورأى أن «المرحلة التي ستسبق الإنتخابات الأميركية المقبلة ستكون صعبة بالنسبة لنا».

أضاف «بتحليلي، إذا كانت الغاية تأليب وتثوير الناس، البيئة الحاضنة لحزب الله في الجغرافيا والدائرة الأوسع أو الأقرب أو المباشرة، تثويرها على حزب الله، ضمن حدود لا يمكنهم تجاوزها، خشية من انهيار البلد إنهياراً كاملاً وبالتحديد الجيش اللبناني. ماذا تحقق في السياسة إذا تم هذا الأمر؟ لم يحصل كما كانت المراهنة في حرب تموز 2006، على تثوير الشيعة على حزب الله البيئة الحاضنة، على الرغم من التدمير والخراب. ولكن كانت ردة الفعل مغايرة، فكان القرار بالدخول العسكري مباشرة على الساحة اللبنانية. كذلك فشل هذا الأمر، أيضاً. الإحتمالات كلها واردة الآن وأسال: الدولار الذي ارتفع من دون حدود، فأي جيش لبناني سيبقي لنا؟ وأية آلية عسكرية تستطيع أن تتحرك؟ وأية رواتب ستدفع للجيش؟ هناك ضغط حقيقي يمارس على لبنان في الكونغرس الأميركي من خلال حرمان الجيش اللبناني من المساعدات، وهذا أمر بات معروفاً وليس سراً على أحد. هناك حرب داخلية وخارجية تدور في لبنان. اللاعبون على الساحة اللبنانية هم صدى لهذه الحرب الدائرة».

وعما إذا كانت لعبة الدولار هي انقلاب بوجه الحكومة كما قال عنها رئيسها، أجاب «لا أعلم إذا كان رئيس الحكومة قصد ذلك، أم لا. نتمنى للحكومة ومن كل قلبنا النجاح. لقد هللنا عندما سمينا الرئيس حسان دياب، وتشكيل الحكومة، وكان لا بد للحكومة أن تتوفق. الأزمة بدأت تظهر من خلال نتائج خطيرة خصوصاً على المستوى المالي والنقدي والإقتصادي والمصرفي. سكتنا. إلى أن اتخذ القرار بعدم تسديد الديون المترتبة على لبنان، كي لا ندفع، بإنتظار أن يأتي الدائنون ويحاوروننا. ونريد الحوار معهم من أجل الـ «هير كات» على الديون المترتبة. هناك وجهات نظر متضاربة حول تسديد قسم من الدين والمفوضة لتقسيط القسم الباقي، كي لا يقال إن لبنان تخلف عن تسديد الدين. وكان حديث صريح وواضح لتكليف «لازار» وهي شركة دولية يملكها ثلاثة أخوة يهود وتأسست عام 1851، وقد تم طردها من قبل دول كثيرة، منها تونس، نظراً لعلاقتها الوطيدة بالكيان الإسرائيلي. كذلك سكتنا على هذا الموضوع، عسى أن ترى الحكومة في ذلك مصلحة من خلال الإعتماد على شركات دولية».

وأضاف «استمعت خلال اجتماع لجنة المال النيابية، إلى جمعية المصارف وإلى مصرف لبنان ولممثلي الحكومة ومدير عام وزارة المالية. هناك دراسة لمصرف لبنان تقول، أنه يترتب عليه مئة وأربعة آلاف مليار دولار، في حين أن الحكومة تقول، كما قرأنا في الإعلام، أن المبلغ هو مئتان وأربعة وسبعون مليار دولار. هذا فرق كبير. وعندما يرى المواطن هذا الفرق الكبير سيشعر بالقلق الكبير. هناك تناقض خطير داخل جسم الدولة اللبنانية. طلبت من مدير عام المالية، رأيه في هذه الأرقام، قال لي إني بحاجة إلى 48 ساعة لأعطيك رأيي، مع العلم أن هذا الموضوع معني به والمفاوضات مع «لازار» بدأت. ولم أسمع رأيه منذ ذلك الحين حتى اليوم. لماذا هذا الفرق؟ قيل لنا أن المسألة ليست مسألة أرقام بل مسألة مقاربات. ما لفت نظري تمسك الحكومة بشخص رئيسها تحديداً، أن يكون سقف الدين عالياً من دون أن يستلطف الشخص الذي يقول له أن الدين ليس هو بالحجم الذي تراه. التساؤلات تثير لدي الشك، مع العلم أن في بعض الشك إثماً. أنا أستند على مسألة علمية صرف.

وأتمنى أن أكون مخطئا في شكي. لجنة المال والموازنة قامت بعمل جبار، قبل أن يعقد المعنيون إجتماعاً في القصر الجمهوري معلنين أنهم سيبدأون من حيث انطلقوا ولكنهم عادوا وانكفأوا بعد اجتماع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة الذي أسفر عن توحيد الأرقام، وهذا أمر جيد، بأن يكون هناك موقف لبناني واحد، فنفرح في ذلك من دون أن نقولعنزة ولو طارت».

وأشار إلى أن «المصرف الإسرائيلي يريد احتكار المال العربي ولهذا يجب دك المصارف اللبنانية. هذه هي المؤامرة. وحذار أن يقول أحد في لبنان غير ذلك».

وأردف «ربما تسألونني، هل الحكومة متورطة؟ أقول: ليس من الضروري أن تكون متورطة. المهم ألاّ ترقص على أنغام الموسيقى الخارجية التي تستهدف كيان الوطن. إن تصغير لبنان مثل تقسيمه، لأن لبنان بلد صغير، عمل لنفسه امبراطورية على كل الصعد وفي كل العالم. وأقول لأصحاب الودائع في لبنان كبيراً كان أم صغيراً، ممنوع المس بأموالكم ولن نسمح في المجلس النيابي، المس بقرش واحد من مدخراتكم».

ورداً على سؤال قال «لقد قطعنا شوطاً كبيراً في اتجاه التشرذم، وهذا التشرذم خصوصاً في التعيينات العسكرية في المناطق».

 وأضاف «أنا لا أريد إسقاط الحكومة. والموضوع الأرثوذكسي لا علاقة له بموقفي من الحكومة. الموضوع الأرثوذكسي موضوع أرثوذكسي. تحدثت عنه وانتهي في حينه. وهذا حق للأرثوذكس. ونريد الحصول على أكثر. طالما هناك دولة مبنية على الطوائف لا يجوز إلا التفكير بعدالة بكيفية التعاطي مع الطوائف».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى