ثقافة وفنون

تجربة الأدب الوجيز

 

} حكمت حسن*

الحداثة تجربة لا تكتمل، سيرورة لا يتوقّف تشكيلها، قوامها تفعيل الإبداع وتأسيس وعي جديد بالذّات انطلاقًا من كونها ذاتاً فاعلة ومتفاعلة مع الشّرط التّاريخي الّذي يؤطّر عملها. وفي الوقت نفسه تترك إحدى الجهات مفتوحة حكمًا على كلّ تجربة مغايرة ، هادفة ومواكبة للعصر.

تُدرج في هذا المجال نظريّة يحملها «ملتقى الأدب الوجيز» لواء، وينطلق في تجاربه وأعماله، هادفًا إلى تأسيس حركة نقديّة تجاوزيّة، مغايرة عن السّائد في مجال الإبداع الكتابيّ شعرًا ونثرًا. وقد أنجز هذا الملتقى حتى الآن بعض الخطوات الثّابتة في تحقيق هذا الهدف بسعي حثيث من مؤسّسه، الشّاعر والنّاقد أمين الذّيب والأعضاء الآخرين، وكان هذا الملتقى قد تأسّس رسميًّا منذ حوالي ثلاث سنوات بعد دراسة معمّقة وتمحيص وإيغال في النّتاج الأدبيّ السّابق .

وقد اعتمد الملتقى منذ تأسيسه في أمسياته الّتي أطلقها من معرض الكتاب العربي في بيروت، على إفساح المجال للنّقد كي تتدعّم فكرة «شعر الومضة» و»القصّة القصيرة» بمقاربات نقديّة بنّاءة، ممّا يسمح بتعميق التّجربة وصدقيّة الآراء والأهداف الّتي ستضفي المزيد من الأهمّية على هذه الحركة النّقديّة التّجاوزيّة ممّا يتناسب مع روح العصر .

هذا وقد استكمل الملتقى رؤيته المعاصرة بخطوات ثابتة تؤكّد على إرادة مؤسّسه، وجهد الأعضاء المنتمين إليه، بدأت بمؤتمر تونس صيف 2018، تلاه مؤتمر لبنان في ربيع 2019 وصولًا إلى مؤتمر سورية الّذي عقد في الفترة نفسها الّتي كتبت فيها هذا المقال. وقد حضر هذه المؤتمرات وشارك فيه العديد من فعاليّات أكاديميّة  واختصاصيّين في النّقد، مبدعين، أدباء، شعراء وصحافيّين. وتركّز الأمر على أن يقدّم كلّ مشارك مداخلة نقديّة تشرح فكرة الأدب الوجيز وتحدّد مظاهره والأطر الّتي تميّزه عن باقي النّتاج الأدبي .

هذه الحركة النّقديّة التّجاوزيّة أثارت منذ انطلاقتها تساؤلات جديدة تناولت الاتّجاه (الجديدالقديم) في شعر الومضة والقصّة القصيرة، من أحد هذه التّساؤلات: هل سيستقلّ الأدب الوجيز، وستحدّد أطره بشكل قاطع بالنّسبة للنّتاج الأدبيّ الحالي؟ أم هل سيتّجه كما علّق البعض من المحاضرين أو من أدلى بمداخلات في مؤتمر لبنان، إلى اتّجاه آخر والّذي قال بأنّ القصائد النّثريّة الحديثة كما الشعر بكل أشكاله، يحتوي على ومضات على امتداد القصائد؟ وهل ستصل وجهتا النّظر هاتان إلى إطار موحّد؟ أم أنّ النّقاش والمحادثات والمؤتمرات المقبلة ستفضي إلى حركة نقديّة مستمرة ممّا يتّفق مع روح وفكر الأدب الوجيز التّجاوزيّ النّقديّ، وبالتّالي ستصبّ هذه التّوصيات في دفع الأدب الوجيز قدمًا نحو تمتين دعائمه في الإنتاج الأدبيّ المقبل؟

الأدب الوجيز*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى