اقتصاد

تقرير لجنة تقصّي الحقائق: لا تمويل من دون إصلاح

 

عقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان مؤتمراً صحافياً في قاعة مكتبة المجلس النيابي، عرض فيه لتقرير لجنة تقصي الحقائق. وقال كنعان «لا أرقام للجنة المال، بل هناك مقاربات عرضتها الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف. ويا ليت رئيس المجلس النيابي،، يسمح بكشف المحاضر لتبيان كل مقاربة ومَن اقترحها، وكيفية حصول النقاش حول المقاربات والأرقام».

واشار كنعان الى ان «الفكرة الاساسية من الخطة الحكومية هي إعادة الهيكلة والقيام بعملية إنقاذية نحن معها، لأن هدفنا إنقاذ البلاد لا تسجيل النقاط على بعضنا». وقال «لقد طرحت الخطة 4 ارقام اساسية، فمجموع الخسائر يبلغ 241 الف مليار، مقسمة على الشكل التالي: 73 الف مليار (مالية عامة)، اي هي كناية عن دين على الدولة يشطبونه ويضعونه عند مصرف لبنان. وكأن المصرف في جزر الكراييب، بينما «هيدي جيبتي، وهيدي جيبتي». وفي حين يقولون إن لا «هيركات»، يطرحون %75 على اليوروبوند، و40% على سندات الخزينة بالعملة الوطنية، ما مجموعه 73 ألف مليار. ومن المعلوم ان مصرف لبنان يديّن بسندات الخزينة، والمصارف اكتتبت مع مصرف لبنان بحدود 16 مليار دولار. وبدل لجوء الدولة الى ردّها، عمدوا إلى معاقبتها، وكأنهم يقولون «اوعى مرّة ثانية اتدينونا».

واوضح كنعان «أن ما من دولة بالعالم تقوم بالاقتطاع من سندات الخزينة بالعملة الوطنية، لأنها مرتبطة بالسوق المحلي. وعند الاقتطاع بهذا الحجم من هذه السندات، فذلك يعني حجب الأموال عن صندوق الضمان الاجتماعي والجيش والمتعهد والمقاول والمستشفيات التي تسددها الدولة لها عادة من خلال سندات الخزينة. وكل فترة يرد الى المجلس النيابي مشروع قانون لتسديد دين بسندات الخزينة. وعند شطب ذلك، بعد تدني قيمة الليرة بنسبة تتخطى الخمسين في المئة، وتصل الى 80% في السوق السوداء، فماذا بقي لإجراء «هيركات» عليه؟ خصوصاً ان هذه الخطوة تمنع التمويل. وحتى خطة الحكومة لمعالجة تداعيات الكورونا بـ 1200 مليار لدعم القطاعات الصناعية والزراعية والحرفية هي عن طريق سندات الخزينة. وبالأمس، أقر مجلس الوزراء مساعدة قطاع التعليم بـ 500 مليار ليرة ايضاً عن طريق سندات الخزينة. فهل من احد يطلب ويشطب؟».

اضاف «إن وزير المال الذي يمثل الحكومة ذكر في اللجنة ان استبعاد الهيركات عن سندات الخزينة بالعملة الوطنية أمر منطقي سيناقشه مع الحكومة». وأوضح كنعان «ان قيمة هذا الإجراء هو 29 الف مليار من اصل قيمة الخسائر البالغة 241 الف مليار. وقد اعتبرت اللجنة انه طالما أن هذا الموضوع مضر ومؤذ ويؤدي الى تعثر داخلي كامل، فيجب استبعاده». أضاف «يقولون إن لا «هيركات» في الخطة الحكومية وإن هناك 3 خيارات امام المودع. اولها الاكتتاب بصندوق الأموال المنهوبة. وطالما أن هذا الصندوق لم يشكّل بعد، فطرحه هو كمن يبيع المودع سمكاً بالبحر. فنحن نريد الاكتتاب في صندوق الاموال المنهوبة، ولكن لا يمكن بناء إجراء عليه قبل تأمينه، وإلاّ فالتبعات ستطال المودعين».

وتابع «الخيار الثاني هو الاكتتاب «بايل إن» في المصارف. فماذا سيبقى من المصارف بعد هذه الإجراءات؟ علماً ان وضعها حالياً نعرفه جميعاً، ونذلّ يومياً للحصول على جزء يسير من أموالنا. فكيف يمكن هنا أيضاً الاكتتاب في شيء وهمي وغير موجود؟».

وقال «اما الخيار الثالث، فهو سند مالي على 15 سنة بلا فوائد. فهناك من يريد إعطاء المودع سنداً مالياً لا يعرف متى سيحصّل قيمته. وهو ما يعني ان هناك «هيركات»، حتى لا نقول ما قلناه في بحثنا في اللجنة ان هناك «هيد كات»، ويخرج من يصوّرنا بأننا «عم نسب الدين» إذا عرضنا تسجيل المواقف، بل توحيد الفريق للخروج بصيغة واحدة لمفاوضة صندوق النقد الدولي».

واشار كنعان «الى ان الحكومة تقدّر القروض المتعثّرة بـ 40 الف مليار ليرة، اي 25 مليار دولار على سعر صرف 1500. فهل جرى بحث ذلك مع مصرف لبنان او المصارف او لجنة الرقابة على المصارف؟ الإجابة لا. فكيف جرى تقدير ذلك اذاً؟ ما يعني ان المشكلة ان هناك من أخطأ ويريد تحميل سواه نتيجة الخطأ».

واعتبر كنعان أن «العقدة المتبقية على صعيد الـ 62 الف مليار، هو الفارق بالمطلوبات بين المصارف التجارية ومصرف لبنان، بما يتعلق بفارق سعر الصرف بين 1500 و3500».

واعتبر كنعان أن «صندوق النقد يريد ضمانة بعدم نكث لبنان بوعوده الاصلاحية على غرار ما حصل منذ التسعينيات وحتى اليوم. فقد جرى تنظيم مؤتمر باريس 1 و2 و3 و4 ولم يتم تنفيذ اي اصلاح. فهذه هي المشكلة الحقيقية، وكل لعبة الارقام «كذب بكذب». لذلك، فمن المفترض ان نبدأ بالإصلاح مع الصندوق قبل التفاوض او بموازاته. فالمطلوب ارادة سياسية بالاصلاح المطلوب، بما يعطي اشارة بأن لبنان يستعيد الثقة. ومن وجهة نظري اؤكد ان البدء بمسار الاصلاح يبدّل الوضع التفاوضي مع صندوق النقد ويحسّنه».

وكشف كنعان «انه وخلال اجتمع وفد من اللجنة مع صندوق النقد الدولي، ورداً على سؤال للزميل ياسين جابر عن امكانية التمويل من دون الاصلاح، كان الجواب: «لا إصلاح، لا تمويل». فيا جماعة الخير، مسألة الأرقام انتهت وحسمت، في ضوء النقاشات، بعد النقص الذي كان بالتواصل مع المعنيين. فأعيدوا الاستماع الى مصرف لبنان وجمعية المصارف، واذهبوا إلى الإصلاح، لاننا نريد إنقاذ بلدنا».

4  سيناريوهات مطروحة

وقال كنعان «لقد أعدّينا جدولاً بـ 4 سيناريوهات بالمعادلات التي كانت قد طرحتها الحكومة، مع الأخذ بالاعتبار المناقشات التي حصلت مع الأطراف المعنية، والموافقات التي حصلت من الحكومة وصندوق النقد في بعض الأحيان، اذ لا مشكلة لدى الصندوق بتقييم الذهب وبتخفيض القروض المتعثّرة».

وأوضح كنعان أن «السيناريو الأول يتعلّق باليوروبوند، وفق ثلاث مقاربات، كل مقاربة تؤدي الى نتيجة، وفق هيركات 75% و60% و60%. وقد تركنا كل الإمكانات متاحة. وعلى صعيد سندات الخزينة، وبينما تقترح الحكومة اقتطاعاً بنسبة 40%، فاقتراحنا وبعد التشاور مع المعنيين، بمن فيهم وزارة المال، باستبعاد الهيركات على سندات الخزينة، لأنه لا يجوز على الوضع الداخلي. واما لجهة المعالجة التدريجية للخسائر، فتطبيقها يوصل الى رقم، وعدم تطبيقها يوصل إلى رقم آخر. وبالنسبة للقروض المتعثّرة، فما توصلنا اليه هو رقم لجنة الرقابة على المصارف بحضور مصرف لبنان ووزارة المال، والفارق فيه يبلغ 26 الف مليار. اما على صعيد سد عجز الموازنات، والذي خفّض الى 4000 مليار، فالجميع مقر بهذا الرقم، ما يعني ان هناك شطباً من الخسائر بقيمة 62 الف مليار. ما يعني ان الخسائر تتراوح بين 60 الف مليار و91 الف مليار، ويمكن الوصول الى 122 الف مليار في حال أردنا تعظيمها، والذهاب بالنظريات التي حددتها الحكومة، ما خلا بعض ما حسم. وهو ما يعني ان الفارق كبير بين الخسائر المحددة من الحكومة في خطتها بقيمة 241 الف مليار، والمبلغ الذي يمكن التوصل اليه بالعمل المشترك بين مختلف المعنيين».

أضاف «هذا هو الحل الثالث الذي نطرحه. وهناك تشويه لعملنا، فنحن من مارسنا الرقابة لتبيان الارقام كما هي. وهذه هي الخيارات المطروحة، واتمنى على الحكومة درسها والأخذ بها، لننطلق الى مرحلة التفاوض بوفد موحّد ورؤية واحدة، للحصول على فرصة التمويل».

وعلى صعيد رساميل مصرف لبنان والمصارف، اوضح كنعان أن «اللجنة ذهبت في بعض الأماكن الى حسومات أكثر من الحكومة في بعض الاماكن، والى حسومات أقل في أماكن أخرى. فالرساميل تبلغ 31 الف مليار، فكيف يمكن تغطية خسائر تتخطى 177 الف مليار برساميل المصارف فقط إذاً؟».

وقال «كان لدينا موقف من السياسات التي اتبعت، وقد ناقشت اللجنة اداء المصارف ومصرف لبنان خلال الأزمة الراهنة، كما السياسات المالية التي تم انتهاجها خلال السنوات الماضية، لا سيما على صعيد توظيف أموال المودعين وتوزيع المخاطر وتحديد الفوائد وخلصت الى ما يلي:

أولاً: إن اقراض مصرف لبنان الدولة من ودائع المصارف لديه، من دون ان يأخذ في الاعتبار معايير المخاطر وتوزيعها في شكل عادل اسهم في تهديد هذه الودائع وحقوق أصحابها.

ثانياً: إن إقراض المصارف مصرف لبنان والدولة من ودائع المواطنين لديها من دون ان تأخذ في الاعتبار معايير المخاطر وتوزيعها في شكل عادل اسهم في تهديد ودائع المواطنين وحقوق اصحابها.

ثالثاً: إن الفوائد المرتفعة على تمويل الدولة اسهم في ارتفاع عجز المالية العامة سنوياً واستنفاد ما يزيد على 35% من ايراداتها لخدمة هذا الدين.

لقد ابلغت اللجنة مصرف لبنان والمصارف ما يلي :

لقد بالغتم في نسب الفوائد التي تتقاضونها على القروض من الزبائن، وعدم ضبط جنوح كهذا من قبل المصارف او هيئة الرقابة او مصرف لبنان، علماً ان معظم دول العالم تلجأ سريعاً الى تخفيضها في الأزمات، تجنباً لإفلاس المؤسسات.

عدم تطبيق التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان خلال الأزمة.

عدم اعتماد معايير موحدة للتحويلات للخارج او السحوبات الداخلية. فمن فكّر بالطلاب في الخارج؟ وأين مشروع الكابيتال كونترول؟ وهو من مهام الحكومة ومسؤولياتها لضبط التحاول وتنظيم السحوبات.

عدم التزام بعض المصارف بتحرير الأموال الجديدة (fresh money).

طلبت اللجنة من مصرف لبنان وجمعية المصارف الالتزام بتغيير أدائها، وهو ما سيتم بحثه في الجلسات المقبلة المتعلقة بمعالجة الخسائر بعد حسم موضوع حجمها.

وأكد كنعان ان «اللجنة قدمت خيارات وحلولاً للطرفين، لكنها لم تدرس خطة المصارف ولم تتبن خياراتهم، ولم تكن اقرب الا للحقيقة والحق ومصلحة الوطن، ولو أخذت الحكومة بالاعتبار ضرورة الحوار مع جميع المعنيين، لما وصلنا الى ما وصلنا اليه».

ورداً على سؤال حول ان لا تمويل في غياب الاصلاح قال كنعان «نريد حلا مسؤولا، فالمطلوب الشعور بالمسؤولية والبدء بالقواسم المشتركة واتخاذ القرارات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى