أولى

المواقف الرافضة للضّم وتعنّت نتنياهو

 

 رامز مصطفى _

مَن يتابع الخط البيانيّ لطموحات وتطلعات نتنياهو خلال كل المناصب الرسمية التي شغلها منذ العام 1984 مندوباً للكيان لدى الأمم المتحدة، إلى أن تزعّم حزب الليكود العام 1993، ومن ثمّ ترؤسه حكومة كيان الاحتلال الصهيوني في العام 1996، وتعاقبه على رئاستها لخمس مرات، يُدرك أنّه أمام شخصية وإن كانت على الدوام إشكالية، إلاّ أنها تبحث عن إنجازٍ يخلده الصهاينة من خلاله. فهو يرى نفسه أنه الأول من بين قيادات الكيان السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية، الأحرص والمؤتمن على تطلعات وأهداف الحركة الصهيونية، لذلك يسعى لأن يخلده الصهاينة كما دافيد بن غوريون، الذي ذهب بعيداً وبشكل معاكس لكل الآراء التي طالبته بعدم الإعلان عن وثيقة الاستقلال، التي تنص على قيام كيان الاحتلال في العام 1948، وقاد شخصياً ما تسمى بـ «حرب الاستقلال « في مواجهة الجيوش العربية (جيش الإنقاذ).

بغض النظر عن المواقف الدولية والإقليمية الرافضة والشاجبة والمحذرة لخطوة الضّم، والتي تتسع رقعتها يومياً، حتى من حلفاء وأصدقاء الكيان. فنتنياهو ومن خلال إصراره على ضم أراضٍ في الضفة الغربية، وغور الأردن وشمال البحر الميت، إنما يطمح إلى أن يبقى مُخلّداً لدى اليهود، بأنه حقق حلم حركتهم الصهيونية بتحرير «يهودا والسامرة»، والذي عبّر عنه بوضوح «إيغال آلون» من خلال مشروعه الذي طرحه في أوائل تموز 1967، ولعلّها ليست مصادفة أن يعلن نتنياهو عن بدء الضم في الأول من تموز الحالي، في اشارة بالغة لجهة توقيتها، للقول إنّ ما طرحه آلون قبل 53 عاماً، لا بد من تحقيقه اليوم، ولا تراجع عنها.

النقاشات التي يشهدها الكيان بين مستوياته السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية حول منافع الكيان من هذه الخطوة من عدمه، إنما تدور بين أبناء البيت الواحد داخل الكيان، بما يتطلب الأمر إلى ضرورة التنبه أنّ هناك تقاسماً للأدوار بين الأطراف بين نتنياهو وغانتس الذي يشترط لموافقته على الضّم، أن تُقرّ الميزانية لمدة عامين بدل العام، الأمر الذي يرفضه نتنياهو ومن خلفه الليكود، أي أنّ الخلاف في جوهره لتحسين الشروط. وعلى السلطة والمنظمة أن تسقط من حساباتها أية رهانات على أيٍّ من الأطراف داخل كيان الاحتلال الصهيوني.

نتنياهو المعروف بمكره وخبثه السياسي، لا يزال عند رأيه وهو المضي في تنفيذ خطوة الضّم، خصوصاً أنّ أغلب المواقف التي تعارضها، تنطلق من حرصها وتباكيها على مستقبل الكيان ومصالحه، من دون الأخذ في الحسبان أيّاً من حقوق الشعب الفلسطيني. وبالتالي نتنياهو وفي رده على تعنت غانتس وأزرق أبيض، أن يذهب إلى إخضاع خطوة الضّم إلى التصويت داخل الحكومة، حيث تشير التسريبات الصحافية أنّه سيحصل على الأغلبية. وفي أسوأ الأحوال سيذهب إلى انتخابات مبكرة لـ»الكنيست»، بعد انتهاء فترة ولايته لمدة العام ونصف، بعد افتعال أزمة حكومية مع شريكه غانتس.

*كاتب فلسطينيّ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى