– وصل الأمر بالكثيرين ممن ينظرون في عقولهم للجبروت الأميركي كقدر لا يُردّ، سواء أكانوا خصوماً للسياسات الأميركية أم مؤيدين لها، حد الحديث عن خطوة ضم الضفة الغربية من جانب حكومة كيان الاحتلال كأمر واقع حتماً، وربطوا بتمريره كل الضغوط الراهنة وخصوصاً قانون العقوبات الجديد على سورية، كما ربط كثيرون من قبل بتمرير كامب ديفيد تسعير الحرب في لبنان.
– قلنا ونعيد، إن أميركا لم تعد أميركا التي كانت، ولا كيان الاحتلال هو الذي كان، ولا نحن الذين كنا، ولا روسيا التي كانت هي اليوم ولا كل شيء بقي على حاله. فالخط البياني الذي لا يمكن تغييره بقرارات، ولا بخطط ظرفية، ممتد منذ ثلاثة عقود مع انهيار جدار برلين وتسيّد واشنطن وحيدة على سدة قيادة العالم والهيمنة عليه. وهذا الخط البياني واضح وصارخ ونهائي، وهو أن أميركا باتت أضعف، وأن روسيا استعادت الكثير من القوة، وأن الصين صاعدة، وإيران صامدة، وأن ما كان يسمّى بحلف الاعتدال وصار حلف التطبيع فاقد القدرة على المبادرة، وأن محور المقاومة انتقل من جبهة لبنان وتوسع نحو اليمن والعراق وصار في فلسطين رقماً صعباً، وأن سورية التي كان الرهان على إسقاطها لتعويض كل هذه الخسائر، بات التسليم بانتصارها نهائياً، والتفاوض مطروح على شروط هذا التسليم، والعقوبات أداة هذا التفاوض.
– ضم الضفة الغربية الذي كان الجائزة التي ينتظرها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من صفقة القرن، التي يعلم جيداً أنها ليست صفقة، لأن لا شريك عربياً أو فلسطينياً قادر على توقيعها وحماية توقيعه ومنحها الفاعلية، وكان امس موعد إعلان القرار الذي لم يصدر، فيما البحث جارٍ عن مخرج مسرحي يحفظ ماء وجه نتنياهو، من دون أن يُشعل انتفاضة بات مؤكداً أنها ستكون الردّ الفلسطيني، يتكامل فيها الحضور الشعبي بأعمال المقاومة، في وضع لا تملك فيه واشنطن أن تقدم المزيد، ولا يملك كيان الاحتلال القدرة على المواجهة منفرداً.
– الصعوبات الاقتصادية قاسية وهي حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن من يتوهّم أنها ستدفع لبيع القضية طلباً للمال، لا يعرف التاريخ، ويجهل الجغرافيا، ومثال اليمن عبرة لمن يعتبر.