أولى

‎«‎الإسرائيلي» يهاب إيران…‏ والأميركي يتآكل أمام الصين…‏ قُضيَ الأمر الذي فيه تستفتيان!‏

 محمد صادق الحسيني

لا حرب في الأفق ولا مفاوضات تفضي الى صفقات..

ولا ضمّ أراضٍ ولا استحواذ على حقول غاز..

وكلّ الضغوط وتشديد الخناق علينا من خلال العملة او رغيف الخبز إنما هدفها محاولة دفعنا الى التنازل عن بعض حقوقنا او الانزلاق الى حروب داخلية

معسكرهم مرعوب ويتآكل من الداخل، فيما معسكرنا متماسك وثابت ويملك رؤية واضحة لن يحيد عنها..

عالمهم يأفل نجمه فيما عالمنا يتحوّل هلاله الى بدر

واليكم سير تآكل قوّتهم:

1 ـ بالأمس وفي وسط الضجيج المليء بالادّعاءات والمزاعم الهوليودية حول قدرات العدو التي اخترقت إيران مرة بطائرات «أف 16»، ومرة بصواريخ التوماهوك او الكروز، وأخرى بالحملة السيبرانية والتي انتهت بتمخض الجبل عن قنبلة يتيمة استطاع عميل أن يدخلها الى صومعة أجهزة طرد مركزي فيشعل حريقاً، هذا انْ صدقت هذه الروايةومع ذلك وفجأة ومن دون اتساق مع الحملة الاستعراضية أعلاه فإذا بقوّة «إسرائيل» وجبروتها في مواجهة إيران ومحور المقاومة تعود لتأخذ حجمها الطبيعي بتصريح وزير الحرب الإسرائيلي، الجنرال بني غانتس، وهو يتبرأ من كلّ ما نسبه صحافيون أو دبلوماسيون، سواء في الكيان الصهيوني او بلسان إسرائيلي في العالم العربي، للكيان ليقول:

ليس كلّ ما يحدث في إيران تقف وراءه «إسرائيل»…!

2 ـ فهلا أدركنا ما يعنيه الرجل؟

إنه يقول، وبشكل صريح، ان لا قدرة لـ «إسرائيل» هذه على استفزاز إيران او الدخول في صراع عسكري معها ومع حلفائها.

 كما انه يأتي كردّ غير مباشر على عنتريات نتن ياهو، قبل أيام وبحضور مسؤول ملف إيران في الإدارة الأميركية، برايان هووك، الذي تفوّه بكلام ينطوي على تهديد لإيران.

فما قاله غانتس، عملياً هو أنّ زمن التهديد لإيران قد أكل الدهر عليه وشرب.

  1. أما ما يتردّد من أنباء وإشاعات وتحليلات، في وسائل الاعلام الصهيونية والأميركية ونشرات التواصل الاجتماعي، حول مفاعل نطنز فلا يعدو كونه حادثاً تخريبياً بائساً وانْ كانت أضراره المادية جسيمة، إلا أنه يدور بين أن يكون داخلياً او تكون جهة مثل مفتشي وكالة الطاقة الدولية متورّطة فيه، لكن الأهمّ هو أنه لا يمكنه أن يؤثر في شيء، لا في قوة إيران ولا في قدرات أطراف حلف المقاومة الأخرى.

4 ـ إنّ ما حدث، وحتى لو افترضنا انّ من يقف وراءه هم أعداء إيران، أيّ الثالوث غير المقدس، واشنطن وتل أبيب والرياض، فإنه لا يدلّ إلا على الوهن الشديد الذي يعاني منه هذا المحور وليس على قوة يستعرضها.

فعندما كان هذا المحور قوياً، في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الحاليّة، قام هذا المحور بمحاصرة العراق وحشد مليون ونصف المليون جنديّ وشنّ حرباً عليه، تراوحت بين استخدام القوة العسكرية سنة 1991 ومن ثم الحصار الاقتصاديّ، ووصل الى احتلال العراق وتدميره بشكل كامل سنة 2003.

5 ـ فهل الولايات المتحدة قادرة على فعل ذلك الآن ضدّ إيران!؟

موازين القوى الاستراتيجية وما تعانيه الولايات المتحدة من ويلات البطالة والأوبئة والعجز الاقتصادي (الانكماش) تقول إنّ ذلك غير ممكن على الإطلاق.

6 ـ وهل الولايات المتحدة هذه قادرة على الدخول في مواجهة عسكرية ضدّ الصين، في بحار الصين وغرب المحيط الهادئ!؟ كلا وثم كلا.

اذن فما الهدف مثلاً من الإعلان عن إرسال حاملتي طائرات أميركيتين الى بحار الصين، من دون الإعلان عن منطقة العمليات التي تتجهان إليها بالتحديد؟

انه عملياً لا يتعدّى كونه بروباغندا وحملة خداع لليابان وكوريا الجنوبية وحملة تخويف لحلفاء أميركا الآخرين في المنطقة كفيتنام والفلبين وذلك بهدف فرض المزيد من الخضوع على هاتين الدولتين وغيرهما من أعضاء منظمة آسيان، التي تديرها واشنطن.

7 ـ وهل تعرفون ما هي أسباب انتفاء قدرة واشنطن على الدخول في صراع مسلح ضدّ الصين؟

انهما سببان اثنان:

الأول: اقتصادي، ويتمثل في انّ اقتصاد الولايات المتحدة كان يساوي عشرة أضعاف الاقتصاد الياباني، عندما دخلت واشنطن الحرب ضدّ اليابان، بتاريخ 8/12/1941، في اليوم التالي للهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور في جزر هاواي الأميركية.

والثاني: هو صاروخ دونغ فينغ 21 د (Dong – Feng 21 D) المضاد للسفن والذي يبلغ مداه 1700 كيلومتر ويحمل رأساً متفجراً يزن 600 كيلوغرام، حسب المركز الوطني الأميركي للاستخبارات الجوفضائية. وهذا يعني ان جميع القطع البحرية كلها، العاملة في المسطحات المائية الممتدة من الحدود البحرية الإيرانية الباكستانية غرباً، مروراً بجنوب الهند في عمق المحيط الهندي جنوباً، وباتجاه اندونيسيا وماليزيا (مضيق مالاقا) في الجنوب، وصولاً الى شمال وغرب المحيط الهادئ (جزيرة غوام والقواعد الجوية والبحريه الأميركية الموجودة فيها)، نقول انّ جميع القطع البحرية تكون في مرمى هذه الصواريخ. علماً ان صاروخاً واحداً منها يكفي لتدمير حاملة طائرات، بما عليها، تدميراً تاماً وإغراقها فوراً.

8 ـ وهل تعلمون ماذا يعني ذلك على المستوى الاستراتيجي وعلى صعيد الحروب المستقبلية؟

إنه يعني انتهاء عصر السيطرة الاستعمارية من خلال القوات البحرية وعلى رأسها حاملات الطائرات، التي أصبحت تشكل عبئاً على الأساطيل البحرية ولم تعد تشكل عمودها الفقري. وهو ما دفع المخططون العسكريون الأميركيون للبدء بدراسة إمكانية اعتماد الأسلوب الصيني والإيراني في استخدام القدرات البحرية وذلك اعتماداً على عدد كبير من السفن والزوارق الصغيرة نسبياً، القادرة على نقل القوات والمناورة بها بمرونة أكبر وبفاعلية أعلى، خاصة أنّ خسارة حاملة طائرات أميركية واحدة تعني خسارة 10% من القوّه البحرية الأميركية الضاربة، بينما لا تشكل خسارة سفينة إنزال متوسطة الحجم خسارة كبيرة للقوة البحرية المقاتلة، حسب الخبراء الاستراتيجيين في سلاح البحرية الأميركي.

9 ـ من هنا فلا بدّ من طرح السؤال التالي الأهمّ والأخطر:

هل يمتلك حزب الله مثل هذه الصواريخ المضادة للسفن والتي يمكنه، من خلالها، ضرب ما يشاء من أهداف بحرية إسرائيلية، سواء في المياه الإقليمية الفلسطينية المحتلة او في أعالي البحر الأبيض المتوسط، اذا ما تخطت «إسرائيل» خطاً أحمر معيناً، سواء في لبنان او سورية او العراق او اليمن او إيران؟

10 ـ والآن يمكننا إدراك ما الذي يقف وراء تصريح وزير الحرب الإسرائيلي الذي نشره موقع «تايمز اوف إسرائيل» الالكتروني؟ لقد قال بوضوح: نحن لسنا بمستوى الدخول في مواجهة مع حلف المقاومة. فلا تحمّلوننا ما ليس لنا قدرةً على حمله…! المعركة إذن والمواجهة في إطار موازين قوى ميدانية باتت أميركا ودولة الكيان عاجزتين عن حملهافأميركا القوة العظمى باتت متآكلة قوة وقدرة وقاعدتها العسكرية المتقدّمة المزروعة في مياهنا وأراضينا باتت أوهن من تحمّل ايّ مواجهة مع حلف المقاومةوأقصى ما بقي لدى «الكمشة» من العملاء من يتامى ترامب هو محاولات يائسة لمشاغلتنا ومناكفتنا هنا او هناك…!

المركز إذن في ضعف وهوان ويتآكل من الداخل والخارج وما زرعه بيننا بات كياناً خائفاً واهناً يحاول طرد الخوف بالصراخ، وببعض طوابير الإزعاج بواسطة بقايا بقاياه، ليس أكثر…!

قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.

بعدنا طيبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى